أورد موقع "الشروق" الجزائري في عدده ليوم الإثنين 09 نونبر 2015 مقالا بعنوان: "حذار يا صاحب الجلالة " لصاحبه محيي الدين عميمور الذي أرجع مرد الخطاب الملكي الأخير بمناسبة الذكرى الأربعين للمسيرة الخضراء ووضوحه وقوة مضمونه ووِجهة الرسائل التي تخللته.. إلى المستشارين والسياسيين المحيطين بالملك.. ! مشيراً إلى أنه وجد الملك – في ذكرى ثورة نونبر الجزائرية يقوم بواجبه الأخوي بأسلوب جدير بالتقدير، ولكن سرعان ما يتحول (هذا) من النقيض إلى النقيض ! ويستطرد صاحبنا ليؤكد أنه (بصيغة الجمع واليقين) يعرف جيداً أن هناك في " القطر الشقيق " – أي المغرب طبعاً – من " أُرضِعوا كره الجزائر منذ نعومة الأظفار "، "لأن هناك من يتصور أن ضمان الوحدة الوطنية حول القصر يتطلب وجود عدو مكروه إلى جانب المغرب " ! وأود هنا أن أرد ببعض الكلمات التي يعرفها الجميع على أرض المغرب من طنجة ووجدة والسعيدية إلى المحبس وتفاريتي وكلتة زمور و أوسرد وتشلا وبئر كندوز و الكويرة ولا ينكرها الكثير الكثير في أرض الجزائر، لأشير إلى أن ملوك المغرب لم يُعرف عنهم قط التقلب في القول ولا في الموقف ولم يثبت على أي منهم أنه استهدف بالإساءة للغير وخصوصاً وتحديداً الجزائر لأنهم ببساطة يدركون قيمة الجوار استنادا إلى مختلف القيم التي تربطنا معا وتلزمنا الامتثال إليها، ثم إن الشعب لا يمكن أن يحترم ملكه إن رأى فيه تناقضاً بين ما يفترض أن يعتنقه من قيم تقدس فيما تقدس رابطة الجوار (ديناً، وتاريخاً، وجغرافيةً، ورابطة دم ومصاهرةً، وإنسانيةً) وبين ما يعلنه ويمارسه..، لذلك فإني أرى أن خطاب عميمور موجه للاستهلاك الإعلامي الداخلي لا غير، فقط لا غير، أما على مستوى التراب الوطني المغربي فإن المغاربة على اختلاف ثقافتهم وتوجهاتهم فإنهم يعرفون ويعون جيداً أخلاق من قال عنه عميمور بأسلوب ماكر "الذي يتحمل مسؤولية العرش المغربي"، و أفضل في هذا المقام البقاء في الزمن الحاضر للتقليل ما أمكن وحسن الدلالة إن أمكن وأقول بأن فخامة الرئيس لدى الجار الجنب ذي القربى هو المعروف بالتقلب والتلون والالتواء بشكل عجيب غريب، أليس هو من قال بأسلوب أدبي رفيع في رسالة تهنئة إلى ملك المغرب محمد السادس:" أسدٌ أنتم وأبوكم ذاكَ الأسدُ "، لكنه سرعان ما نعت المغرب بالبلد المحتل ( !) وإذا كان لا يهمني بالمرة أن أعرف كيف تخلى الدكتور محيي الدين عميمور عن مهنة الطب ليعمل مستشارا "إعلاميا" لدى الرئيس الراحل هواري بومدين، فإني لا أتصور أن يكون جاهلا – ولا رئيسه الحالي – بمكانة الأسد في الثقافة العربية والثقافة الإنسانية عموماً، فلقد اتخذته بعض الدول رمزاً لها، وهناك من المدن المقدسة من تتخذ الأسد شعاراً لها، والأسد وإن كان الناس يخافونه عبر التاريخ فإنهم يجلونه في نفس الوقت، وللأسد أسماء عديدة عند العرب فاقت الثلاثمائة إسم، لكن الرئيس الجار ذي القربى اختار تارة أن يضع ملك المغرب موضع الأسد بن الأسد وتارة أخرى محتل ومستعمِر، ألم يكن هو الشخص ذاته الذي عبر باسم الجزائر رسميا أنه يساند المغرب في استرجاع صحرائه حين كان وزيرا – وعراباً – للشؤون الخارجية، و عاد وهو رئيس للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية "ليعترف" بمغربية الصحراء (خلسة) للصحفية اللبنانية المعروفة جيزيل خوري ( !!!)، بينما رسمياً يضمر كل الشر للجوار المغربي قمة وقاعدة.. أما عن زعم محيي الدين عميمور أنه يعرف جيداً أن هناك في القطر الشقيق من أرضعوا كره الجزائر منذ نعومة الأظفار...، فأحب أن أتساءل من أين له هذا، وما دليله، و..أمثلته ؟ ! لكن دهشتي تنمحي حقيقة حين أستحضر أنه بحكم قربه من دوائر صنع القرار في الجزائر عهد حكم سيده الراحل و كذا خبرته في صنع الإشاعة والكذب وتيسير سريانها بين فئات الشعب، وهنا قد لا يسعني المقام لإعطاء كل الأمثلة عما يحاول إلصاقه بالمغرب وبملك المغرب، فمن أقدم إذن على طرد أكثر من أربعين ألف أسرة مغربية من الجزائر سنة 1975 إثر تنظيم المسيرة الخضراء لاسترجاع الصحراء من الاستعمار الإسباني – حين جُرِّدَ الناسُ وقتها من أمتعتهم واغْتُصِبَت ممتلكاتهم – في تصرف أحمق جبان يغيب حتى عن أنذل الأنذال؟ ومن سعى سعياً إلى تنفيذ رغبة الدكتاتور فرانسيسكو فرانكو لإقامة دويلة جنوب المغرب والإغداق على ذلك من أموال الشعب الجزائري بغير وجه حق ؟ في الوقت الذي لا تتردد الجزائر في ترديد "حرصها على بناء صرح اتحاد المغرب العربي"، والحق أن المغرب العربي ما كان له أن يتعثر لولا طغاة الجزائر، وإني أرى الجزائر- بحكامها المنحرفين - ( في إطار المغرب العربي ) كالجذري في وجه الحسناء، يزعمون غيرتهم على المواطن الحي ووفائهم لدم من رحلوا دفاعاً عن الاستقلال وهم في الواقع طغمة من المنحرفين اللصوص القتلة الذين لا يترددون في فعل أي شيء مهما كان قذراً لقضاء مصالحهم الشخصية من هيمنة واستبداد وإثراء.. ! ثم أليس من العار أن يصدر عن الإذاعة "الوطنية" الجزائرية الرسمية برنامج خاص بالأطفال يروي خلاله مؤطره بلغة مبسطة (...) تناسب الصغار قصة: " علاء الدين والمصباح العجيب"(Aladin et la lampe merveilleuse) خلال شهر رمضان لعام 1406 (الموافق لسنة 1986)، فيذكر لهم أسماء الشخصيات كما هي معروفة بجميع لغات الدنيا ليصل إلى الساحر المعروف في القصة ليصر الراوي (...) على أن الساحر مغربي/ هكذا ! وليدرك الجميع أبعاد المخطط الجهنمي لحكام الجزائر مذ كان الراحل هواري بومدين سائدا، وكان محيي الدين عميمور حينها إلى جانبه شاهداً، خاضعا منساقاً مؤيداً، فمن يصر إذن على إرضاع الكُرْهِ نحو الآخر ؟ أما عن الوحدة الوطنية حول ملك البلاد (أو كما سماها عميمور حول القصر)، فهي ثابتة بالجزائر وبدونها، ثابتة لعوامل عدة منها على سبيل المثال لا الحصر أخلاق ملك المغاربة، فهو معروف عنه احترامه لشعبه وصدقه مع جميع الفئات المختلفة من الشعب، وهذا مما جعل الإجماع يتحقق حوله، أما عن الزعم "بوجود عدو مكروه إلى جانب المغرب"، فهذه إحدى الأكاذيب الرئيسية التي تروج لها أعمدة النظام الفاسد بجوار السوء، ومنها عميمور ذاته. وأما عن قضية الصحراء، فالإجماع حول مغربيتها ثابت بشكل قطعي ومن باب السماء فوقنا، فهي القضية الأولى بالنسبة لكل مغربي مغربي سواء أكان في الشمال أو في الجنوب، في الشرق أو الغرب، وما خطاب سادس نونبر سنته إلا ترجمة لما يسكن كيان المغاربة جميعهم وأعماقهم. إن الجزائر تحت أجنحة الديناصورات بغت، وأصرت على البغي.. ! فلا هي خدمت شعبها رغم الموارد الطبيعية الضخمة التي كان من الممكن أن تجعل منها بلدا نموذجيا في التنمية والرقي والازدهار، ولا هي أوفت لدماء شهدائها..، ولا وافق ما يصدر عن "مسؤوليها" من زعم مساندة الشعوب في تقرير مصيرها أفعالهم المؤيدة لتشتيت الشعوب واستهداف وحدتها بالمكر السيء والإرهاب الممنهج، وقد كان حري بها أن تحسن أولا لشعبها بتمكينه مما هو مِلك له بدل التصرف فيه في العدوان على وحدة وأمن الجوار.. فليحذر محيي الدين عميمور ومن يتبنون أكاذيبه من ديناصورات الظلم والبطش والفساد من الإصرار على البغي..، " وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ".