تناسلت الكثير من الأخبار والمعلومات حول واقعة اعتقال مشجعي فريق الوداد البيضاوي بالعاصمة التونسية، والحكم عليهم بأربعة أشهر ونصف موقوفة التنفيذ. بل وتسارعت ردود الفعل بالشكل الذي جعل عددا من الجهات تحاول الركوب على القضية لنسبة فضل لها فيه، غير صحيح بالمرة. «الاتحاد الاشتراكي» استطلعت آراء عدد من المشجعين ضحايا الاعتقال، مثلما اتصلت بالجهات المعنية ذات الصلة من أجل توضيح حقيقة ما وقع، حتى يكون درسا في المستقبل، للجميع، ديبلوماسيا ورياضيا وكذا في التربية السلوكية للمشجعين. وأن تستخلص منه الدروس الواجبة. ولعل أهم خبر في تلك الواقعة هو وضع أولئك المشجعين بالسجن جنوب العاصمة إلى جوار البغدادي المحمودي، الوزير الأول الليبي، على عهد القذافي، الفار من طرابلس والمعتقل بالعاصمة التونسية والذي ينتظر تسليمه للسلطات الجديدة بليبيا بقرار قضائي. وهو المسؤول الليبي، الذي يعامل ذات المعاملة التي تخصص لكل السجناء، على مستوى الأكل والأغطية ومكان النوم. وأكد أولئك المشجعون أن الرجل كان دوما غارقا في صمته، ولم يكن يتحدث، أحيانا قليلة، إلا مع المغاربة، الذين اطلع على سبب اعتقالهم. وأنه في وضعية مزرية بذلك السجن. قصة شريط الأحداث كما تجمعت لدينا، من مصادر متطابقة، أكدت أن سيناريو الاعتقال بمطار تونس، كان جوابا أمنيا على ما وقع من إصابات في صفوف الجمهور المغربي بملعب رادس بعد التدخل العنيف لرجال الشرطة. وهو التدخل الذي كبرت تداعياته إلى حد مطالبة وزير الداخلية التونسي بفتح تحقيق في الواقعة من قبل وزير الشبيبة والرياضة التونسي، بعد التصريحات المحتجة لوزير الرياضة المغربي . وهنا نطرح السؤال: كيف لم يعتقل أي مشجع في الملعب واعتقل 11 فردا في المطار؟. ثم لماذا لم تقدم السلطات الأمنية أي شريط مصور لكاميرات المطار عن الأحداث؟. وما معنى ادعاء أن تلك الكاميرات، لم تكن تعمل تلك الليلة؟. ولم لم تقدم الشرطة التونسية ولو صورة واحدة ملتقطة لعناصر الجمهور الودادي وهي تقوم بما اتهمتها به من «تخريب واعتداء»؟. ومن روج لقصة أن أفرادا من الشرطة التونسية تعمدوا استفزاز الجمهور من خلال كلام ناب واعتداء على العلم المغربي، وأن بعضا من الجمهور المغربي رد على ذلك بالعنف (وهذه واقعة غير صحيحة)؟. مباشرة بعد الاعتقال تعرض أغلب الشبان المغاربة للتعذيب في مخفر الشرطة بشكل منهجي. مثلما أرغموا على التوقيع على محضر يعترفون فيه بالتخريب، وأن أحد الشبان رفض التوقيع فتم الاعتداء عليه بالضرب المبرح، مما جعله يصيح فيهم: «توقفوا توقفوا، عطيوني الستيلو». وحين عرضوا على القاضي وقعت مشادة قوية بينه وبين المحامية المغربية خديجة بولعراس، من موقع مسؤوليته في أحد الأندية التونسية العريقة، ما جعل القاضي يؤجل الجلسة أسبوعا كاملا ويطلق سراح معتقلين فقط، اختارهم اعتباطا، ويأمر بمتابعة الباقين في حالة اعتقال. هنا بدأ مسلسل آخر في قصة ذلك الاعتقال، جعل أولئك الشبان المغاربة (وفيهم أطر عليا ومهندسو دولة وطلبة)، يكتشفون معنى حجم التضامن معهم في تونس وفي المغرب. وكلهم يجمعون على أن الدور الذي قام به أربعة مواطنين مغاربة هناك في تونس كان مهما ومؤثرا. ويتعلق الأمر بالقنصل العام للسفارة المغربية الأستاذ خالد الناصري، ونائبه الأستاذ عبده القادري والسيد بشير البوشيري من أطر السفارة المغربية، والسيد أحمد أشبار رئيس جمعية الجالية المغربية بتونس، الذين تحركوا لإيصال أول المساعدات من ألبسة للنوم ومأكل وبعض النقود على قلتها إلى المعتقلين، حتى قبل لقاء السفير المغربي مع الوزير الأول التونسي السابق باجي قايد السبسي، الذي تم فيه الاتفاق على ضرورة تطويق المشكل. مثلما لعبت المحاميتان المغربيتان خديجة بولعراس ورشيدة المدن دورا مهما في تتبع وضعية أولئك المعتقلين المغاربة بالسجن وأثناء أطوار المحاكمة. من جهة أخرى، أكدت لنا مصادر حكومية وديبلوماسية مغربية، أن مصاريف الفندق والنقل والتعويضات، ثم الاتصالات التلفونية للمعتقلين بعد إطلاق سراحهم في الثانية صباحا بعائلاتهم، كلها قدمت كالعادة في قضايا تهم المغاربة بالخارج، من قبل وزارة الهجرة المغربية، وأن مساعدات أخرى قدمت من جمعية الجالية المغربية بتونس. وأن كل من ادعى غير ذلك، غير صحيح بالمرة وهو مجال فقط للاستهلاك الإعلامي. فخارج الإطارات الرسمية، لم يقدم أي دعم مالي غير الذي تم من وزارة الهجرة وسفارة المغرب وجمعية الجالية المغربية بتونس. ومن قام بغير ذلك له أن يأتي ببرهانه إن كان صادقا، مثلما أن حضور رئيس الوداد وممثل عن الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، كان حضورا للدعم المعنوي، ورسالة عن عدم التخلي عن جمهور الفريق.