لطالما ساد الاعتقاد بأن الاكتئاب هو مرض نفسي ناتج عن بعض المؤثرات العاطفية وأنماط الحياة السلبية التي تؤثر في الدماغ، إلا أن الدراسات الحديثة بدأت تنحو باتجاه اعتبار الاكتئاب مرض عضوي يرتبط بردود فعل تحسسية داخل نظام المناعة. وذكرت صحيفة "غارديان" البريطانية، أن عدداً متزايداً من الأطباء والباحثين، يعكفون على دراسة الأسباب العضوية للاكتئاب، بعد أن تراجعت فكرة أن هذا المرض ذو منشأ عقلي بحت بشكل تدريجي، وذلك في محاولة لإيجاد علاج أكثر فعالية من الوسائل المتبعة في الوقت الحاضر. الدكتور جورج سالفيتش عالم النفس السريري من جامعة كاليفورنيا، درس الاكتئاب لسنوات طويلة، وخلص إلى الاستنتاج أن هذا المرض يرتبط بالجسد تماماً كارتباطه بالعقل، وأكد أنه لم يعد ينظر إلى الاكتئاب على أنه مرض نفسي فقط، بل هناك أسباب أخرى مناعية في الجسم تشترك فيه. مرض جسدي وعقلي واستند الباحثون في هذا الاستنتاج إلى أن الاكتئاب هو أحد أهم الأعراض المرافقة للأمراض الجسدية التقليدية، حيث يشعر المريض بالملل والتعب وعدم الرغبة بالتحرك من السرير، وهو سلوك وقائي يعمد إليه الجسم للتخفيف من حركة المريض ومنع المزيد من الضرر أو انتشار العدوى. ولاحظ الباحثون أن مرضى الاكتئاب يظهرون ميلاً للسوك المرضي، من خلال الشعور بالتعب والرغبة بالنوم والعزلة وغيرها من الأعراض، وفي الطرف المقابل يميل المرضى إلى الشعور بالاكتئاب، وهذا ما دفعهم إلى الاعتقاد بوجود روابط مشتركة بين الاكتئاب والأمراض الجسدية المناعية. الاكتئاب وجهاز المناعة وترجح الدراسات أن يكون الرابط بين الحالتين مجموعة من البروتينات تسمى السيتوكينات، تمثل جزءاً من نظام المناعة وتعمل بمثابة نظام إنذار عند الإصابة بالجروح، وتدعو كامل جهاز المناعة للاستنفار، فهي تعمل على منع الالتهابات في الجسم، وفي نفس الوقت ترسل إشارات إلى الدماغ للانتقال إلى وضعية المرض. وتزيد نسبة السيتوكينات بشكل واضح خلال نوبات الاكتئاب، كما أن بعض الأدوية التي توصف لعلاج الالتهابات يمكن ان تسبب الاكتئاب، بالإضافة إلى أن الاكتئاب هو أحد أهم الأعراض الجانبية لدى المرضى الذين يعانون من بعض الأمراض الالتهابية مثل التهاب المفاصل.