بقلم: عبد المنعم شوقي بعد رحيل عدد من رموز النضال النقابي الشريف داخل النقابة الوطنية للتعليم بالناظور أمثال القرطبي احمد،محمد الكنيدي،أحمد الباروزي، محمد القادري،مصطفى الحمداوي ومحمد الدرقاوي وغيرهم رحمة الله الواسعة عليهم ،وتقاعد البعض الأخر أمثال المختار البنتلي، اتراري عبد الرحمن، البطيوي محمد وآخرون ممن أفنوا حياتهم في خدمة التربية والتعليم..وهم وعدد أخر من رجال ونساء التعليم الذين اختاروا مهنة التربية التي وصفها جل المربون بمهنة شاقة ولكنها شريفة وتركوا بصماتهم نقية وخلفوا وراءهم رصيدا مهما من الاحترام والتقدير وفاء للرسالة السامية التي ناضلوا في أداءها بنكران ذات..، وهم ينتمون الى الجيل الأول من نساء ورجال التعليم الذين انخرطوا في أداء واجبهم المهني الشريف منذ أوائل الاستقلال واستطاعوا أن يوفروا لهذا الاقليم ولأقاليم أخرى أطرا من وزراء،عمال،باشوات، قواد، برلمانيون ، ضباط سامون في مختلف الرتب العسكرية، أطباء وجراحون، صيادلة ، أساتذة جامعيون،مهندسون ، قضاة ومحامون وأطر سامية في الأجهزة الأمنية وغيرهم من الأطر العليا والمتوسطة والصغرى التي نجدها في مختلف الادارات العمومية محليا، جهويا ووطنيا. استطاعت هيئة التربية والتعليم المذكورة رغم ضعف الامكانيات ومحدودية الرواتب والظروف الشاقة للعمل بسبب غياب الشروط الأساسية المطلوبة لأداء رسالتها التربوية والتعليمية..علما أن هؤلاء الذين قاموا بكل هذا المجهود المشهود لهم بضمائرهم الحية وبغيرتهم الوطنية لم تكن رواتبهم الشهرية تتعدى 580 درهم بالنسبة لخريجي المدارس الاقليمية للمعلمين والمعلمات، و 670 درهم لخريجي مراكز تكوين الأساتذة والمدارس العليا للأساتذة ،و1400 درهم لأساتذة السلك الثاني ، رغم هزالة الرواتب كانوا متشبعين بقدسية رسالتهم التربوية والتعليمية مما أكسبهم الاحترام والتقدير الفائقين من لدن مختلف شرائح المجتمع..وكان هاجسهم الوحيد بدءا من ممثل وزارة التبية الوطنية بالاقليم ومساعديه الممثلين في لجان المراقبة التربوية ومدراء ومديرات لمختلف مؤسسات أسلاك التعليم ومساعديهم من نظار وحراس عامين واداريين ورجال ونساء التربية والتعليم وأعوان ،هو خدمة التلميذ والتلميذة بحيث أن هؤلاء واجهوا صعوبات وعوائق ونقص كبير في توفير رواتب تضمن لهم العيش الكريم والخصاص الكبير في توفير وسائل العمل والتجهيزات وباقي الضروريات الأخرى لضمان أداء الواجب المطلوب منهم ،ومع ذلك كانت كلما تحركت نقاباتهم لطرح ملفاتهم المطلبية كانوا يضعون مصالح التلاميذ ضمن الأولويات كاصلاح البرامج والمناهج والكتاب المدرسي وتوفير المنح لأبناء الفقراء والمساكين وتوفيرالداخليات واشراك جمعيات الآباء للتكفل باليتامى والمعوزين في توفير بعض الحاجيات كالنظارات الطبية وأدوات مدرسية وتسديد مبالغ الوصفات الطبية لليتامى والمعوزين وتنظيم لقاءات لهم وأنشطة تربوية ورياضية وثقافية ورحلات دراسية وترفيهية مع اقتناء ألبسة رياضية وتخصيص جوائز مدرسية لليتامى والمعوزين وخلق جو تنافسي بين التلاميذ داخل مؤسساتهم التعليمية سواء على الصعيد الإقليمي أو الجهوي والوطني،بل هناك من تلامذة الناظور من أبناء الفقراء واليتامى من استطاعوا البروز من خلال اجتياز منافسات رياضية وثقافية إقليميا ، جهويا ووطنيا بل ودوليا والحصول على جوائز من العديد من الدول على رأسها تونس وفرنسا على سبيل المثال لا الحصر. هكذا يتضح لنا أن نساء ورجال التعليم خلال الستينات والسبعينات والثمانينات الذين اشتغلوا في ظروف شاقة وصعبة ورواتب هزيلة وضمن الظروف المشار إليها سابقا والمتسمة بالنقص الحاصل في كل شيء ، استطاعوا أداء رسالتهم التربوية التعليمية بامتياز وحتى إن كتب عليهم وعلى نقاباتهم لخوض أي نضال ،كانوا كما أسلفنا الذكر يولون الأولوية لفلذات أكبادنا ،وبعد الانفراج والرفع من الأجور وتوفير كل الشروط الضرورية والكمالية التي تساير تفعيل المنظومة التربوية الحالية والتي تخصص لها عشرات الملايير من الدراهم،بحيث أن إصلاح التعليم الذي كلف للدولة 42 مليار درهم من أجل تطبيق البرنامج الاستعجالي ، بالإضافة إلى ما تم تخصيصه للترقيات المختلفة ولمختلف الأسلاك من رجال ونساء التعليم والتي كلفت لخزينة الدولة عدة دفعات منها دفعة 28 مليار درهم ودفعة 18 مليار درهم ودفعات أخرى، جعلت أن يرقى راتب نساء ورجال التعليم من مستوى المبالغ المشار إليها سابقا إلى مستويات محترمة، بحيث الآن انقرضت السلاليم الدونية ولا توجد وظيفة في قطاع التعليم إلا في السلم العاشر فما فوق ولا يوجد معلم ولا أستاذ أو إداري أو عون يتقاضى الأجور الهزيلة التي سبقت كذلك الإشارة إليها في مقدمة ما نحن بصدد بسطه هنا،بل اليوم حتى الرتب الدنيا التي تخص أعوان الخدمة وأعوان الإدارة والمنظفون انقرضت وادمجوا في السلم الخامس ،هذا ما يعني أن الرواتب ارتفعت سواء للعمال والأعوان العاملين بالمؤسسات التعليمية أو لنساء ورجال التعليم الممثلين للهيئة التعليمية التربوية،ونجد اليوم الحد الأدنى من الأجور لنساء ورجال التعليم لا تقل عن 3.000درهم و4.000 درهم وتصل الى 13.000 درهم وبالنسبة للدكاترة والمبرزين وحاملي الماستر -التي تسعى النقابات إلى الدفاع عن مطالبهم لرفع أجورهم –فستتجاوز في حالة الاستجابة لها 15 ألف درهم، وهنا نتساءل عن حصيلة التعليم بين الأمس واليوم؟ فإذا كان حال الأمس قد أتينا على تشخيصه والإشادة بمردوديته وبكفاءة ونزاهة نساء ورجال التعليم،فان حال اليوم يبعث على القلق والتذمر بسبب التراجع المهول في المستوى التعليمي ويكفينا أننا أصبحنا اليوم نحتل الرتبة 126عالميا أي ما قبل "جيبوتي"بينما كنا نتواجد خلال السبعينات والثمانينات بين الرتبتين 17 و25 ،كما أن التسيب والفوضى واللامسؤولية واللامبالاة لكثير من نساء ورجال التعليم المحسوبين على تسيير الشأن النقابي بالناظور ساهموا بطريقة أو بأخرى في تمييع هذا الحق الاجتماعي الدستوري لينعكس على ما كان منتظرا من العاملين بقطاع التربية والتعليم من المردودية والجودة لفائدة فلذات أكبادنا ، بحيث أن ما آلت إليه الأوضاع التعليمية نتيجة هذا التسيب والانتهازية النقابية التي ساهمت في انتشار عدد من الظواهر السلبية منها ما يسمى ب"الساعات الإضافية" وتفاحش الشواهد الطبية التمارضية التي يصل عددها إلى عشرات الملايين من ساعات العمل كل سنة بسبب تهرب وتملص الكثير من نساء ورجال التعليم من القيام بواجبهم المهني ، إضافة إلى الوقفات الاحتجاجية والإضرابات "السياحية" محليا من أجل ابتزاز وانتزاع حقوق ومطالب غير مشروعة تخص بعض المتشرذمين النقابيين الذين لا يكتفون بما تم تحقيقه من امتيازات ومناصب وترقيات لأنفسهم ولمن يسايرهم من "الطبالة"و "الغياطة"النقابيين والبراحين وقد سبق لنا أن أوردنا وأورد زملاء آخرين فضيحة ناظر ثانوية الشريف محمد امزيان بالناظور والطريقة التي تمت بها ترقيته إلى حارس عام ثم ناظرا في انتظار أن يعود إلى مسقط رأسه بمنصب مدير وما راكم هو وزوجته من أموال عن طريق "الساعات الإضافية "، بالإضافة إلى عدد الوقفات الاحتجاجية والإضرابات الغير المحصورة والبيانات المتكررة التي تصدر عن هؤلاء "النقابيين الفاسدين" والانتهازيين لم نجد ولو لمرة واحدة أنهم يتبنون في ما يدعونه من مطالب شيئا يخص البرامج والمناهج والكتاب المدرسي والمنح والداخليات والعلاجات خاصة لفئة المحرومين كاليتامى وأبناء المعوزين كما كان الشأن عليه سابقا عند الممثلين النقابيين الشرفاء الذين لم يفصلوا أو يميزوا أبدا بين مطالبهم ومطالب فلذات أكبادنا حيث كانوا يولون الأهمية البالغة وأولى الأولويات لمطالب التلميذات والتلاميذ ولتأكيد ذلك رفعوا عدة شعارات في مسيراتهم النضالية تخص مصلحة التلميذ والتلميذة ومن بين هذه الشعارات:"هذا تعليم طبقي أولاد الشعب فالزناقي"... خلافا لما نسجله اليوم من مظاهر مؤلمة تصلنا أخبارها كل يوم من داخل مؤسساتنا التعليمية بالناظور ،كالتحرش الجنسي ، وابتزاز آباء وأولياء التلاميذ بواسطة ما يسمى ب "ساعات التقوية"وهي في الحقيقة " ، "تقوية الجيوب "إلى بيع النقط وإحياء سهرات خمرية داخل مرافق المؤسسات التعليمية والتشجيع على كل مظاهر الفساد والانحلال...وبدل أن تكون "النقابة" حكما ينصف الأستاذ والتلميذ معا،نجد أن كثيرا من "الانتهازيين النقابيين" لإظهار مؤازرتهم لبعض الأساتذة الفاشلين المشتكون من تلامذتهم، يصرون على المطالبة بإنزال أقصى العقوبات ضد التلاميذ المشتكى منهم والمطالبين بالمثول أمام مجلس الانضباط أو مجلس التدبير، لكي يشجعوا الفاشلين في طرد وتشريد أبناءنا. وما حصل في ثانوية المطار بالناظور وفي مؤسسات أخرى إلا مثال حي على ما نسوقه هنا من حقائق مرعبة تقشعر لها الأبدان.. كنا نعتقد أن دور "النقابة" هو توجيه وتحسيس وطرح بدائل للنواقص والثغرات التي تشوب المهنة ، وليس إطارا للدفاع عن مصالح شخصية لكمشة من الانتفاعيين والوصوليين الذين يبقى همهم الوحيد هو حب الظهور ب"جلباب "النقابة لاستعمالها من أجل الوصول إلى ما هو مشروع وغير مشروع لذواتهم وللشرذمة المساندة لهم في الايجابي والسلبي. ونحن نطلع على ما سمي ب"البيان" الصادر عن نقابة التعليم داخل الفيدرالية الديمقراطية للشغل بالناظور بشأن ثانوية المطار، لا نملك إلا أن نعبر عن استنكارنا واحتجاجنا وتنديدنا بمضمون "البيان" خاصة ما يتعلق بموقفها المضاد لتلامذتنا ومعارضتها إعادة تسجيل الموقوفين منهم،رغم توفر المؤسسة على مقاعد شاغرة ، وهذا موقف يتعارض حتى مع السياسة التعليمية للحكومة التي تنفذها وزارة التربية الوطنية عبر مذكراتها التي تنص على إرجاع الموقوفين لمتابعة دراستهم في المؤسسات التي تتوفر على مقاعد توافق مستوياتهم من اجل الحد من الهدر المدرسي وإنقاذهم من الانحلال والتشرد. وموقف هذه النقابة يوضح لنا جليا مدى معاداتها لمصلحة فلذات أكبادنا وضد توجهات السياسة التعليمية التي تتوخى الحكومة المغربية إلى إنقاذها والأخذ بيدها نحو الرقي. كنا ننتظر من هذه النقابة وغيرها ،تنظيم مسيرات وأشكال نضالية دفاعا عن تلامذتنا من أجل إنقاذهم من الانحراف وضمان مستقبلهم بتكوينهم وتعليمهم، وليس إصدار بيانات من أجل تشريدهم ودفعهم إلى الانحراف ..كما نستغرب لاختلاط الأمور على نقابة التعليم للفيدرالية الديمقراطية للشغل التي في نفس" البيان" الكارثة لم تفصل بين ما هو تعليمي ومهني ،وما هو يخص القسم الهندسي والبنايات بنيابة وزارة التربية الوطنية .وهذه مناسبة ننبه فيها ومرة أخرى السيد النائب الإقليمي لوزارة التربية الوطنية بالناظور من أجل تحمل كامل مسؤوليته وذلك لوضع حد لكل التجاوزات والخروقات والممارسات اللاقانونية واللاادارية واللانقابية لهذه الشرذمة المحترفة للانتهازية النقابية والتي خولت وتخول لنفسها صلاحيات باسم العمل النقابي الانتهازي أن تستعمل كل الأساليب الدنيئة للوصول إلى ابتزاز الإدارة التربوية سواء تعلق الامربادارة مختلف المؤسسات التعليمية أو مصالح النيابة ، لأننا سنكون مضطرين لنرى أنفسنا مرغمين على التصدي لهم بكل الوسائل القانونية والإدارية والقضائية وسيكون النائب طرفا في دفاعنا على أحقية أبناءنا وفلذات أكبادنا في حقهم في التعليم والتربية الذين يسعى هؤلاء إلى طردهم والرمي بهم إلى الشارع. اخيرا نعلن تضامننا المطلق مع ادارة ثانوية المطار ومع الشغيلة التعليمية الشريفة العاملة بالمؤسسة ومع كل من يخدم حقوق ومستقبل العاملين والمتعلمين بها.