بينما يدعي رئيس الأركان الجزائري القايد صالح، التفاعل الإيجابي للشعب مع قرار الانتخابات الرئاسية، أصدرت محكمة جزائرية، ليل الاثنين - الثلاثاء 19 نوفمبر، أحكاماً بالسجن النافذ لمدّة 18 شهراً بحقّ أربعة أشخاص اعتقلوا خلال مشاركتهم الأحد الماضي، اليوم الأول من انطلاق حملة الانتخابات الرئاسية المقرّرة في 12 ديسمبر المقبل، والتي تعارضها حركة احتجاج واسعة النطاق. وأوقف 37 شخصاً في مدينة تلمسان، الواقعة على بعد نحو 450 كيلومتراً غرب العاصمة، خلال تجمّع شارك فيه نحو 100 متظاهر بينهم طلاب، أمام قاعة استقبلت تجمّعاً انتخابياً لرئيس الحكومة الأسبق المرشّح علي بن فليس، بحسب ما أكّدت "اللجنة الوطنية من أجل الإفراج عن المعتقلين" لوكالة الصحافة الفرنسية، وهي جمعية تأسّست من أجل الدفاع عن معتقلي الحراك الشعبي ضدّ النظام الجزائري. ومن بين الموقوفين ال37، حوكم "18 شخصاً منهم أمام محكمة تلمسان الاثنين"، وفق ما أوضح منسّق اللجنة قاسي تانساوت. أضاف "صدر الحكم في الساعة العاشرة ليلاً. أربعة أدينوا بالسجن النافذ 18 شهراً، بينما حُكم على 14 آخرين بالحبس شهرين مع وقف التنفيذ"، وذلك بتهمتي التجمهر غير القانوني وعرقلة عمل السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات. كما أُفرج عن 19 شخصاً آخرين من دون متابعة قضائية. ويواجه المرشحون الخمسة للانتخابات الرئاسية صعوبات كبيرة في تنشيط حملتهم الانتخابية التي دخلت يومها الثالث، في ظلّ رفض الحركة الاحتجاجية الاقتراع تحت إشراف "النظام" الحاكم منذ استقلال الجزائر عام 1962. من جهة أخرى، أمرت محكمة الشلف، الواقعة على بعد نحو 200 كيلومتر غرب العاصمة، بالحبس المؤقت ضدّ خمسة أشخاص أوقفوا إثر مواجهة بين متظاهرين ضدّ الانتخابات وآخرين مؤيدين لها. ووُضع اثنان آخران تحت الرقابة القضائية بتهمة التحريض على التجمهر غير المسلّح، بحسب لجنة الإفراج عن المعتقلين. وتحاول السلطات الجزائرية إنهاء حركة الاحتجاج التي بدأت في فبراير الماضي للمطالبة برحيل حكام البلاد والقضاء على الفساد وابتعاد الجيش عن السياسة، ودفعت الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى الاستقالة في أبريل. وضغط الجيش، الذي برز كأقوى مؤسسة في البلاد، من أجل إجراء انتخابات رئاسية كوسيلة لإنهاء الاحتجاجات وعودة الأوضاع إلى طبيعتها. وجاء الحكم على المحتجين الأربعة بعد أسبوع من سلسلة أحكام أخرى بالسجن على محتجين رفعوا أعلاماً تحمل شعارات أمازيغية خلال تظاهرات سابقة. واحتجزت السلطات أيضاً عدداً من زعماء المعارضة خلال الاحتجاجات واتهمتهم بالإسهام في خفض الروح المعنوية للقوات المسلحة. وقالت المنظمة الحقوقية "هيومن رايتس ووتش"، الأسبوع الماضي، إن إلقاء القبض على عشرات المحتجين محاولة على ما يبدو لإضعاف معارضي الحكام الانتقاليين، وإصرار على إجراء انتخابات الرئاسة. في المقابل، عبّر رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، الثلاثاء، عن إعجابه ب"الهبة الشعبية" تجاه الانتخابات الرئاسية. وقال في كلمة ألقاها ونقلها موقع وزارة الدفاع "نسجّل بإعجاب شديد هذه الهبّة الشعبية التي تعمّ كافة ربوع الوطن... والتفاف الشعب بقوة حول جيشه... لإنجاح الانتخابات الرئاسية".