صرحت عائلات المدونين المختطفين بمخيمات تيندوف أن أبناءها الثلاثة، مولاي آب بوزيد وفاضل بريكة ومحمود زيدان، يقبعون الآن بسجن الذهيبية في ظروف لا إنسانية بعدما تعرضوا لكل أشكال التعذيب والتنكيل. وذكرت المصادر ذاتها أن أبناءهم معزولين ولم يتمكنوا من زيارتهم، لأن قيادة البوليساريو لا ترغب في أن يكتشف أي أحد آثار التعذيب على أجساد المدونين الثلاثة. ونقل عن المدون المختطف آب بوزيد أن مختطفيه لم يكونوا يسألوه عن أي شيء في الأيام الأولى لاختطافه، بل كانوا يضربونه ويعذبونه وهو معصوب العينين ولا يعرف حتى مكان احتجازه. وقال إن مختطفيه حقنوه بحقنة لا يعرف محتواها، ما جعله يدعو عائلته إلى المطالبة بتحقيق طبي في الموضوع. وحسب عائلة بوزيد، فإنه قد يكون تنقل ما بين سجن سري ثم سجن الرشيد ليحط الرحال أخيرا مع زميليه بريكة وزيدان في سجن الذهيبية. المشترك بين بوزيد وزميليه هو نفس مصير التعذيب والتنكيل بأسلوب المعتقلات السرية العسكرية. وهنا لابد من التذكير بأن جبهة البوليساريو وكفيلتها المخابرات الجزائرية لها باع طويل في تعذيب الصحراويين والتنكيل بهم بأساليب تقليدية مقيتة. ففي السنوات الأولى لجبهة البوليساريو في مخيمات تيندوف تعرض حوالي 650 شخصا لكل أصناف التعذيب في الأقبية والحفر بتيندوف وأماكن أخرى، وقد قضى منهم حوالي 63 شخصا تحت التعذيب. وهذه الأرقام تبقى نسبية جدا لكون المعلومة في السنوات الماضية من 1976 إلى عشرية الألفية الثانية لم تكن متوفرة، وكان أشخاص يعذبون ويقتلون دون أن يعرف أحد مصيرهم. ومن بين الذين تعرضوا للتعذيب مواطنون تم اختطافهم من الأقاليم الجنوبية المغربية وقضوا سنوات في سجن الرشيد سيئ الذكر، ومنهم من تمكن من الفرار والعودة إلى أرض الوطن، وقد فضحوا ما تعرضوا له على يد قيادة الجبهة، وتحدثوا عن مآسيهم في المغرب وفي جنيف، حيث مجلس حقوق الإنسان، وفي مناطق أخرى غربية على الخصوص. كما تكتل هؤلاء الضحايا في جمعية وتمكنوا من رفع دعاوى قضائية ضد جلاديهم المتابعين حاليا في قضايا تعذيب، منهم رئيس الجبهة إبراهيم غالي. ولم يسلم موريتانيون من نفس ما تعرض له صحراويو الأقاليم الجنوبية المغربية من صنوف التعذيب. وقد فضحت جمعية ذاكرة وعدالة، التي أنشأها ضحايا أقبية البوليساريو، ما تعرض له موريتانيون من جرائم ضد الإنسانية في سجون جبهة البوليساريو. ففي الفترة ما بين 1975 و1991، عاش موريتانيون الويلات في أقبية البوليساريو، بعدما تم اختطاف أغلبيتهم من الأراضي الموريتانية، وقذ ذاقوا كل أصناف التعذيب، منهم من فقد أجزاء من جسده، أو أصيب بعاهة دائمة. وقد تحدثت جمعية ذاكرة وعدالة عن مأساة هؤلاء، وذكرت الجلادين الذين عذبوهم، ومنهم قياديون مازالوا على رأس الجبهة لحد الآن مثل إبراهيم غالي ومصطفى البشير ومحمد لمين ولد البوهالي وسيد أحمد بطل. ومما كشفه بعض الضحايا أن معتقل الرشيد كان فيه التعذيب ممنهجا، وكان يتم دفن معتقلين أو ثلاثة كل ليلة. هو إذن مسلسل طويل من الجرائم اقترفت في الماضي في مخيمات تيندوف، وما تزال مستمرة إلى اليوم، بهدف تكميم الأفواه والرضوخ لرغبات طغمة تتاجر في البشر وفي المعونات وفي كل شيء، وتتقاضى أجرا ممن لهم أهداف جيواستراتيجية في المنطقة. هو عار يتجدد باستمرار. وهي مسؤولية المنتظم الدولي الذي يجب أن ينتبه إلى ما يقترف في مخيمات تيندوف من مآسي يصعب تصديق حصولها في القرن الواحد والعشرين