ما زال المغرب في ذيل ترتيب الدول ضمن تصنيف الأممالمتحدة المتعلق بالحكومة الإلكترونية. إذ احتل الرتبة 148 على مستوى الرأسمال البشري والرتبة 104 على مستوى تطور البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات، المكونين المعتمدين في تصنيف الأممالمتحدة بشأن الحكومة الإلكترونية. كذلك، تراجع المغرب إلى المرتبة 78 برسم 2018 في تصنيف الأممالمتحدة المتعلق بالخدمات الرقمية، وذلك بعدما كان في المرتبة 30 سنة 2014. وهو التأخر، الذي يشكل عائقا أمام استعمال واسع للخدمات الرقمية المقدمة من طرف المرافق العمومية. هذا ما كشفه تقريرحول الخدمات على الإنترنيت الموجهة للمتعاملين مع الإدارة، أصدره المجلس الأعلى للحسابات. وفي هذا السياق، فقد سجل التقرير، الصادر أمس الإثنين 20 ماي 2019 ، أنه في ما يتعلق بالتصنيف الدولي للمغرب وتأثير عاملي الرأسمال البشري والبنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات، فشل المغرب في الحفاظ على المنحى الإيجابي، الذي كان سجله برسم 2014، حيث كان حقق أفضل رتبة له في تصنيف الأممالمتحدة المتعلق بالخدمات الرقمية خلال الفترة 2008-2018. وهكذا، فقد تراجع المغرب إلى المرتبة 78 برسم 2018 في تصنيف الأممالمتحدة المتعلق بالخدمات الرقمية، وذلك بعدما كان في المرتبة 30 سنة 2014. وذلك ضمن 193دولة شملها التصنيف. وفحص تقرير مجلس جطو التقييمي هذا مدى إتاحة أهم الخدمات عبر الإنترنت ومستوى نضجها، كما تطرق لحكامة الخدمات عبر الأنترنيت والتواصل بشأنها وكذا تتبع الإدارة لتطورها ومدى استعمالها. كذلك، شمل التقرير التقييمي رصد وتقييم مستوى فتح البيانات العامة نظرا لما يمثله هذا الموضوع من أهمية للمرتفق وللإدارة نفسها. ومن الناحية المنهجية، فقد اعتمد التقرير في تقييم مستوى إتاحة ونضج الخدمات على الإنترنيت بشكل رئيسي على الدراسة المقارنة لبرنامج الحكومة الإلكترونية، التي تنجزها المفوضية الأوروبية سنويا. ومن ثمة، فقد سجل تقرير مجلس جطو التقييمي، مستوى متفاوت لنضج بعض الخدمات الحيوية، و ضعف عدد الخدمات المتوفرة والمرتبطة ببعض "أحداث الحياة"، و التأخر في اعتماد مخطط استراتيجي مفصل وإرساء إطار فعال للحكامة، وضعف مستوى فتح البيانات العامة. كذلك، تضمن ذات التقرير مجموعة من التىصيلت بعدد الثمانية. ووفق ما جاء في تقرير المجلس الأعلى للحسابات، فقد أظهرت المقارنة المنجزة لمدى نضج عينة مكونة من 15 خدمة رئيسية في كل من المغرب، من جهة، ودول الاتحاد الأوروبي، من جهة أخرى، أن المغرب حقق نسب نضج جيدة بالنسبة لثمان خدمات، من بينها على الخصوص تلك المتعلقة بأداء الضرائب (الضريبة على الدخل، الضريبة على الشركات، الضريبة على القيمة المضافة)، وبالرسوم الجمركية. في المقابل، ظلت الخدمات السبع الأخرى بعيدة عن المعدل الأوروبي من حيث مستوى النضج، ومن بينها على الخصوص الخدمات المتعلقة بالحصول على الوثائق الشخصية وتسجيل السيارات وتسجيل الشركات وكذا إرسال البينات المتعلقة بالإحصائيات حول الشركات. وسجل التقرير، كذلك، ضعف عدد الخدمات المتوفرة والمرتبطة ببعض "أحداث الحياة". إذ اعتمد المجلس على الدراسة المقارنة الأوروبية من أجل تقييم مستوى توفر خدمات عبر الأنترنيت لعينة منتقاة مكونة من ستة أحداث تعتبر من بين أهم الأحداث التي تهم حياة المواطن ممثلة في فقدان العمل والبحث عنه، والشروع في مسطرة شكاية، و حيازة وسياقة سيارة، و متابعة الدراسة في مؤسسة للتعليم العالي، وتأسيس شركة والقيام بأولى الإجراءات، و القيام بالعمليات الاعتيادية لشركة. وقد سجل المجلس بهذا الخصوص أن عددا من الخدمات الأساسية، في كل حدث على حدة، لا تزال غير متوفرة على الإنترنيت في المغرب، بينما هي متوفرة بنسب مرتفعة بين الدول الأوروبية. ونبه التقرير إلى التأخر في اعتماد مخطط استراتيجي مفصل وإرساء إطار فعال للحكامة. إذ ومنذ وصول استراتيجية المغرب الرقمي 2013 إلى نهايتها، عرف المغرب ، وفق ملاحظات المجلس، بعض التأخر في اعتماد استراتيجية رقمية مفصلة وبمؤشرات أداء محددة. كما أن لجان التنسيق المحدثة في إطار استراتيجية المغرب الرقمي 2013 توقفت عن عقد اجتماعاتها منذ ذلك الحين، ولم يتم وضع إطار جديد للحكامة إلا في 2017 باعتماد القانون رقم 61.16 المحدث لوكالة التنمية الرقمية. وقد سجل المجلس، كذلك، أن دور الوزارة المكلفة بتحديث الإدارة فيما يتعلق باختصاص تطوير الإدارة الإلكترونية يتسم بافتقاده للوضوح الكافي من أجل تمييزه عن دور الوزارة المكلفة بالاقتصاد الرقمي، حيث تبقى هذه المهمة منقسمة بين الوزارتين. وأشار تقرير المجلس إلى ضعف مستوى فتح البيانات العامة. إذ اعتبر التقرير أن مؤسسات القطاع العمومي تمتلك خزانا من المعلومات القيمة، التي يفتح نشر البيانات غير الشخصية منها (الجغرافية والديموغرافية والإحصائية والبيئية...) آفاقا جديدة للمرتفقين والمقاولات الناشئة في المعلوميات وكذا للإدارة نفسها من أجل تمكينهم من تطوير منتجات وخدمات مبتكرة، خاصة إذا تم ذلك بصيغ رقمية سهلة الاستغلال. وقد سجل المجلس في هذا المجال، غياب سياسة واستراتيجية معلنة تتعلق بفتح البيانات العامة وكذا عدم تحديد قواعد البيانات المعنية بالنشر ولا صيغ نشرها أو رخص إعادة الاستعمال المطبقة عليها، بالإضافة إلى تأخر اعتماد القانون المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات والذي لم يتم إصداره إلا في مارس 2018. كما سجل المجلس أن أهم البيانات، التي تستجيب لحاجيات المواطنين لا يتم نشرها طبقا للمعايير المتعارف عليها دوليا في هذا المجال. وفي ختام تقريره، بلور المجلس الأعلى للحسابات مجموعة من التوصيات عددها ثمانية موجه للسلطات الحكومية، جاءت كالتالي : 1. تطوير ونشر استراتيجية رقمية مفصلة، والعمل على إدماج المشاريع الرئيسية للخدمات على الإنترنيت التي تطلقها مختلف الإدارات والمؤسسات العمومية لتحقيق تناسق عام بين هذه المشاريع؛ 2. إعادة النظر في الحكامة العامة للخدمات العمومية عبر الإنترنت، وعلى الخصوص ما يتعلق منها بالعلاقة بين وكالة التنمية الرقمية ومختلف الإدارات، لاسيما الوزارة المكلفة بالوظيفة العمومية ووزارة الداخلية؛ 3. وضع المواطن في صلب اهتمامات المرفق العمومي والتركيز على الخدمات على الأنترنيت المطلوبة أكثر. لهذه الغاية يوصي المجلس باعتماد مقاربة ترتكز على "أحداث الحياة" وتتتبع مسار المستخدم بكامله؛ 4. السعي بصفة إرادية إلى تطوير الخدمات المقدمة تلقائيا وغير المشروطة بتقديم طلب مسبق من المرتفق. في هذا الصدد، يجدر تدارك التأخير المسجل في تنفيذ مشروع البوابة الحكومية "Gateway"، وكذا تحديد آجال للتحول إلى الرقمنة الكاملة؛ 5. تشجيع الجماعات الترابية على الانخراط في مشاريع تطوير الخدمات على الإنترنيت، وذلك من خلال آليات ملائمة للدعم المالي والتقني، مع الحرص على إدماجها في الاستراتيجيات الرقمية الوطنية؛ 6. وضع سياسة "للبيانات المفتوحة" تهدف إلى تبني هذا المفهوم بشكل مستديم، وإعطاء الأولوية للبيانات المرتبطة بالحاجيات الحقيقية للمرتفقين ونشرها بصيغ ملائمة؛ 7. تجويد التواصل بشأن الخدمات على الإنترنيت وخاصة من خلال البوابة الوطنية "-service public.ma" والعمل على أن تقدم هذه البوابة محت ًوى شاملا وموثوقا به ومحيّنا بانتظام، ودراسة إمكانية تحويل هذه البوابة إلى شباك وحيد للولوج إلى جميع الخدمات العمومية المقدمة على الإنترنيت؛ 8. تحسين جودة تتبع تطور الخدمات على الأنترنيت وذلك باعتماد مؤشرات نوعية وإجراء تقييمات منتظمة لمدى استعمال هذه الخدمات من قبل المرتفقين وكذا لأثر هذه الخدمات عليهم وعلى الإدارة. ويأتي تقرير مجلس جطو حول الخدمات على الإنترنيت الموجهة للمتعاملين مع الإدارة، بعد ذلك الذي كان أصدره في شتنبر 2014 بشأن تقييم مخطط المغرب الرقمي 2013، حيث مثل إعداد الخدمات على الإنترنيت أحد المحاور الرئيسية لهذا المخطط.