طهران, 26-2-2019 - يعتبر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الذي أعلن استقالته من منصبه مساء الاثنين، أبرز مهندسي الاتفاق النووي الذي وقعته إيران عام 2015 مع القوى العالمية الكبرى. قضى ظريف، الدبلوماسي المحنك، قسما كبيرا من حياته في الولاياتالمتحدة، ما جعله محط تشكيك في نظر المحافظين المتشددين. أعلن ظريف عن استقالته عبر تطبيق انستغرام للتواصل الاجتماعي مساء الاثنين بعد خلاف آخر مع خصومه السياسيين، بدون أن يشرح السبب. والآن، على الرئيس حسن روحاني، المعتدل الذي عب ر لظريف باستمرار عن ثقته به منذ استلامه وزارة الخارجية في آب/أغسطس 2013، أن يقبل الاستقالة. وقاد ظريف البالغ من العمر 59 عاما المراحل النهائية من المفاوضات بين طهران ومجموعة القوى الست (ألمانيا، الصين، الولاياتالمتحدة، فرنسا، بريطانيا، روسيا) منذ أيلول/سبتمبر 2013. وفتح برنامج العمل المشترك الذي جرى التوصل إليه في فيينا في 14 تموز/يوليو 2015، الطريق أمام رفع جزئي للعقوبات الاقتصادية الدولية ضد طهران مقابل التزام إيران بإجراءات لضمان الطبيعة السلمية لبرنامجها النووي. ووجد ظريف، المكروه من قبل المحافظين المتشددين الذين لم يوافقوا أبدا على الاتفاق ولا على انفتاح روحاني على الغرب، نفسه تحت سيل من انتقادات خصومه، التي ازدادت منذ قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب بشكل أحادي من الاتفاق في أيار/مايو 2018. وخلال المفاوضات، التقى ظريف عدة مرات نظيره الأميركي في ذلك الحين جون كيري، وبنى مع ممثل "الشيطان الأكبر" الأميركي علاقة شخصية وودية. وظريف الحائز على دكتوراه في العلاقات الدولية من جامعة دنفر (غرب الولاياتالمتحدة) مطلع على الثقافة الأميركية جيدا . ويقول هومان مجد، الصحافي والكاتب الإيراني-الأميركي الذي تابع المفاوضات النووية وله كتب عديدة عن إيران، إن ظريف "هو ربما أكثر الدبلوماسيين والمفاوضين موهبة في الجمهورية" الإسلامية. ظريف الذي تربى في عائلة متدينة في طهران، كتب في مذكراته المعنونة "سعادة السفير" أنه لم يستمع إلى "أغان حتى بلغ سن ال15". والتزامه بالثورة يعود إلى حقبة المراهقة. ففي سن ال16 أرسله أهله إلى سان فرانسيسكو بعدما كاد يتعرض للتوقيف من قبل شرطة الشاه. وفي الولاياتالمتحدة، استكمل دراسته الثانوية وأصبح عضوا في الجمعية الإسلامية الطلابية. والتقى هناك شقيق أكبر هاشمي رفسنجاني الذي كان رئيسا بين عامي 1989 و1997 وآخرين أصبحوا في ما بعد مسؤولين في الجمهورية الاسلامية. ويخبر ظريف في مذكراته أنه في ثمانينات القرن الماضي في الولاياتالمتحدة حرمته زوجته "الثورية المتشددة" من مشاهدة التلفزيون "طوال 10 سنوات" لتفادي التأثيرات السيئة. لكنها لاحقا أصبحت من أتباع محمد اسماعيل دولابي وهو متصوف شيعي، حولتها تعاليمه إلى "شخص هادئ مع الكثير من الصبر والتسامح". ويتابع ظريف الذي له ولدان بأن ذلك "كان له تأثير كبير على عائلتنا". ويهتم ظريف، الرجل الاجتماعي الحريص على مظهره، كثيرا بأناقته حيث يرتدي دائما سترات غامقة اللون مع قمصان فاتحة بياقة مرتفعة. وكلف ظريف في عام 1980 بإغلاق قنصلية بلاده في سان فرانسيسكو، بعيد قطع العلاقات الدبلوماسية بين ايرانوالولاياتالمتحدة على أثر أخذ دبلوماسيين أميركيين في السفارة الأميركية في طهران كرهائن. وبدأ بعد ذلك بدراسة العلاقات الدولية. وبموازاة ذلك، انخرط في صفوف الوفد الايراني الى الاممالمتحدة حيث اصبح سفيرا (1989-1992 ثم 2002-2007). وفي الاثناء عين نائبا لوزير الخارجية لمدة عشر سنوات. وبعدما أقاله الرئيس المحافظ محمود احمدي نجاد في 2007 انضم إلى مركز الأبحاث الاستراتيجية الذي كان يديره حسن روحاني. وعينه الأخير وزيرا للخارجية بعد انتخابه رئيسا في عام 2013. ويعرف الرجلان بعضهما حق معرفة، فقد كانا سويا عام 1988 من ضمن الوفد المشارك في مفاوضات وقف إطلاق النار مع العراق، وفي المفاوضات للافراج عن رهائن أميركيين في لبنان في 1991. وفي 2003 كان مع روحاني كبير المفاوضين النوويين عندما وافق الاخير على تعليق تخصيب اليورانيوم وتعزيز المراقبة الدولية للمواقع النووية الايرانية، وهو ما رفضه أحمدي نجاد في 2005.