تساءل برادلي بيرستون في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، عن المواجهة التي تخوضها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مشيرا إلى أن هذه الإدارة لديها خطة، وهو ما يثير الخوف. ويقول بيرستون في مقاله إن "خطة هذه الإدارة تستند إلى التركيز على توسيع سلطة ترامب، وتشعل وتعبئ قاعدته، وتثير العنصرية، وتستخدم الإسلاموفوبيا، وفي المرحلة الأخيرة إن اقتضى الأمر معاداة السامية؛ من أجل إلقاء الأخطاء كلها على كبش الفداء". ويضيف الكاتب أن "ترامب بحاجة إلى حرب للتوفيق بين تناقضات الحملة الانتخابية الشعبوية الباذخة، التي وعد خلالها بإعادة بناء الجيش لمستويات لم يشهدها في تاريخه، في الوقت الذي يقوم فيه بتخفيض النفقات الحكومية، فهو بحاجة إلى الحرب التي تساعده على الوفاء بتعهداته، وإحياء الصناعات الثقيلة والتصنيع والمناجم (الفحم الجميل) كما وصفه". ويتابع بيرستون قائلا إن "الحرب ستحرر ترامب من الاحتكارات التجارية، وتوفر له المبرر لاتخاذ الإجراءات الطارئة، ونسخ الضمانات الدستورية للحرية الفردية على قاعدة واسعة، باستثناء حمل السلاح، وستؤكد الحرب ادعاءاته عن ضعف نقاده، وأن منافسيه قصيرو النظر وليبراليون منحرفون وداعمون للهجرة، ويساريون خبثاء وصحفيون مخربون، باستثناء (فوكس نيوز) و(بريتبارت)، ومعادون لأميركا عن نية ودهاء". ويشير الكاتب إلى أن "الحرب ستكون واضحة من أن مرتكبها ليس القاتل الأبيض المتوحد الذي يطلق النار على الجماهير، والذي يجعل أميركا غير آمنة، بل هو المسلم الملون الذي لم نقابله أبدا، والذي سيقلق مضاجعنا في الليل، مع أن المسلم في الحياة الحقيقية قد يكون ملاكا بين الأطباء ويحمل ميداليات تكريم بين زملائه في الجيش". ويقول بيرستون: "يريد دونالد ترامب الحرب، لكن ليس أي حرب، فهو يريد استهداف غير المسيحيين في العالم وغير البيض، ويريد حربا مقدسا وأسلحة النهاية التي يمكنه الاعتماد عليها، ولديه السلاح، واسمه ستيف بانون، وهو أيديولوجي، مدير فرقة الأرض المحروقة لدى الجمهوريين، الذي يتحدث عن الحرب المقدسة منذ سنين". ويلفت الكاتب إلى أن بانون أعلن في خطاب أمام مؤتمر مسيحي في الفاتيكان في صيف 2014 قائلا: "نحن في المراحل الأولى من الصراع الدموي الوحشي، الذي إن لم يتكاتف الحاضرون في هذه القاعة، وفي هذه الكنيسة، ويقومون بتشكيل ما أسميه مليشيا كنسية؛ لنكون قادرين على الدفاع عن معتقداتنا فقط، لكن القتال من أجل معتقداتنا ضد البربرية الجديدة التي ستمحو كل شيء ورثناه في ال2000 أو 2500 عام". ويبين بيرستون أنه في الوقت الذي تحدث فيه بانون، المصرفي السابق في "غولدمان ساكس"، فإنه كان يدير الموقع المتطرف "بريتبارت"، وكان منتجا ومخرجا لأفلام، وقال: "نحن الآن في المراحل الأولى من الحرب ضد الفاشية الإسلامية"، لافتا إلى أن المحلل في شؤون الأمن القومي روبرت باير علق قائلا، إن خطاب بانون بدا مثل "دعوة إلى الحرب الصليبية الأولى". ويعلق الكاتب قائلا: "ستندلع حرب في الوقت الذي يقوم فيه ترامب وبانون بالتعجل للوفاء بوعود الحملة الانتخابية ومنع المسلمين من دخول الولاياتالمتحدة، الأمر الذي سيعرض العمليات العسكرية الأميركية للخطر". ويورد المقال نقلا عن باير تعليقه على الأمر التنفيذي، الذي منع فيه ترامب رعايا سبع دول إسلامية من دخول أميركا، والأمر الذي صاغ مسودته بانون، دون المشاورة مع وزارة العدل أو الدفاع ولا الخارجية، قائلا إنه سيعقّد من مهمة جمع المعلومات الاستخباراتية في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي. وينوه الكاتب إلى أن باير تحدث لشبكة "سي أن أن" قائلا: "نحن أقل أمانا، وسيؤدي الحظر إلى قتل أميركيين، ولا يمكن فهم أي معنى لهذا كله، فسنخسر حلفاء، حيث نحصل على 99% من المعلومات الأمنية من حلفائنا، من العراقيين والسوريين"، وأضاف: "قد يدفع الحظر البرلمان العراقي للمطالبة بخروج 5 آلاف جندي أميركي يعملون في البلد؛ ما سيعرقل عمليات الحرب ضد الإرهاب". ويقول بيرستون إن ترامب لو كان يلوح بورقة الحرب، فإنه يرغب بأن يحتل بانون منصب التاجر والمسوق لها، مشيرا إلى قرار ترامب حظر رعايا الدول المسلمة، الذي تزامن مع احتفالات يوم الهولوكوست العالمي، وتبع ذلك يوم السبت تعيين بانون في مجلس الأمن القومي، في الوقت الذي استُبعد من جلساته مدير المخابرات ورئيس هيئة الأركان المشتركة. ويعلق باير قائلا إن "ترامب مع بانون يريدان تشكيل خدمات أمنية موازية، ولهذا السبب استبعد مدير الأمن القومي ورئيس هيئة الأركان المشتركة"، ويضيف: "هما يريدان الحصول على حقائقهما الخاصة، الحقائق البديلة، وهذا ما فعلاه حتى الآن، وسيزيد الوضع سوءا، وأنا لا أثق ببانون للقيام بمعالجة الوضع، فلا خبرة سابقة لديه؛ لا في السياسة ولا في مؤسسات الدولة"، ويتابع قائلا: "لا يوجد شيء يستعصي على العقل مثل الفنتازيا السياسية، وهذا ما يمثله بانون". ويرى الكاتب أن "خطاب بانون عام 2014 في المؤتمر المسيحي بحاجة لوقفة مهمة، فهو لا يتوقع مواجهة محتومة بين المسيحية والإسلام، إلا أنه يشير بشكل غير مباشر إلى تعرض اليهود لغضب المسيحيين، وعندما عمل في غولدمان ساكس فإنه قال في خطابه، إنه كان يرى أناسا في نيويورك أقرب للناس في لندن وبرلين من سكان كنساس وكولورادو، ولديهم عقلية نخبوية تعطيهم القدرة على فرض طريقة إدارة العالم على الناس". ويفيد بيرستون بأن بانون رد على سؤال حول الهزيمة في الانتخابات التمهيدية عام 2014 للمرشح الجمهوري إريك كانتور، الذي كان زعيم الأغلبية واليهودي الجمهوري الوحيد في مجلس الشيوخ أو النواب.. وصف هزيمة كانتور بالضخمة، وبأنها أكبر هزيمة انتخابية في تاريخ الجمهورية الأميركية، ولفت الانتباه إلى الأموال التي جمعها كانتور لحملته الانتخابية، وقارنها بالمبالغ المتواضعة التي جمعها منافسه الشرس من حزب الشاي ديفيد برات، الذي لم يسمه بانون، لكنه أشار إلى أنه مسيحي ملتزم، وقال إن "السبب في فوز هذا الرجل بسيط، وهو أن أبناء الطبقة المتوسطة والعاملة شعروا بالملل من أشخاص مثل إريك كانتور، الذين يقولون إنهم محافظون ويبيعون مصالحهم كل يوم للشلل الرأسمالية". ويذكر الكاتب أن الخطاب حدد واحدا من أهداف ترامب التي بدأ يحققها في خطابه الذي ألقاه بصفته رئيسا، قائلا: "في الجانب الاجتماعي المحافظ، فنحن صوت المعادين لحركة الإجهاض، وصوت حركة الزواج التقليدي، وأقول لكم نحن نحقق نصرا تلو الآخر، وتتغير الأمور، حيث أصبح للناس صوت ومنبر يلجؤون إليه". ويقول بيرستون إن "الحرب ربما لم تبدأ بعد، لكن الحملة الصليبية بدأت، فمنع المسلمين ليس إلا نقطة انطلاق، فالهدف الرئيسي للفتح واضح: المحكمة العليا". ويتساءل الكاتب قائلا: "لكن ماذا عن الحرب الحقيقية؟ ربما اعتبرها خيارا إيجابيا بالضبط؛ لأنه ليست لديه أي فكرة عن العالم، ولا عن معنى الحرب للناس الذين تدمرهم، وفيما إن كانوا سينجون منها أم لا". ويختم بيرستون مقاله بالقول إن "كل ما شاهده ترامب من حروب هي المحاكم في قضايا تمييز عنصري، وعدم دفع رواتب الموظفين، أما عن خبرته العسكرية فكل ما لديه هو أنه تجنبها، أما عن تجربته مع ضحايا الحرب الأبرياء، فهي إرسالهم مرة أخرى إلى سوريا، ومن ثم الذهاب إلى فراشه وابتسامة الرضا على وجهه".