إقليم صغير لكن «محاينوا كبار» كما يعلق الكثيرون، عن عمالة المضيقالفنيدق التي تمتد على الساحل التطواني، وتضم ثلاث مدن صغيرة، جماعتين قرويتين، لكن تتركز به قوى انتخابية غير متواجدة حتى في بعض المدن الكبرى، ولعل ما يصرف في الحملات الانتخابية بهاته المناطق، لا يصرف حتى في مدينة الدارالبيضاء بكاملها، مما يحولها ل«كارتيل» انتخابي بكل ما تحمله الكلمة من معنى، يتصارع فيه المال مع السياسة ولا شيء آخر غير ذلك. مقعدان برلمانيان فقط، يجعل الترشح مغامرة كبيرة والبحث عن الفوز هدفا مستحيلا، لكنه ممكن، خاصة إذا ما توفرت الإمكانيات المادية أساسا، إذ أن الكثيرين يحجمون عن الترشح، أو يكتفون بترشح نضالي في أحسن الحالات، بسبب المقعدين المخولين لها، في ظل وجود أسماء كبيرة ووازنة سياسيا وماديا، وإن كانت كل التجارب السابقة أكدت أن الفوز بمقعد في هاته الدائرة لا يرتبط بالحزب، أو بالبرامج الحزبية بقدر ما يرتبط بأشخاص بعينهم حتى وإن ترشحوا في حزب ولد بالأمس القريب. مرتيل، المضيقوالفنيدق هم النواة الأساسية لهاته العمالة الفتية، بحيث يترأس مجالسها الجماعية أحزاب مختلفة، تتراوح بين التقدم والاشتراكية بمرتيل، من خلال رئيسها علي أمنيول الذي تنقل بين مجموعة أحزاب قبل أن يزكى في الانتخابات الأخيرة بلون الكتاب، محققا اكتساحا بالمدينة، بعد حملة شرسة صرفت فيها الملايير وفق مصادر حسنة الاطلاع، في مواجهة خصمين عنيدين صرفا بدورهما الكثير، ويتعلق الأمر بكل من مرشح البام ومرشح حزب الوردة محمد أشبون. غير بعيد، وبالمضيقالمدينة التي تتحول لعاصمة صيفية للمملكة، لم يحقق أي طرف أغلبية مكتملة، وارتفع وطيس الصراع بها وكاد يعصف بالرئيس السابق، الذي عاد للواجهة في الوقت بدل الضائع، ليتمكن من إعادة تجميع أغلبية كانت قد نامت نوما هنيئا في منزل منافسه القوي.. لكنه في الأخير استطاع استعادتها، ويتعلق الأمر بمحمد السوسي المرابط من حزب التجمع الوطني الأحرارن المساند من طرف الباميين أساسا. فيما الفنيدق تستعيد للمرة الثانية على التوالي نفس التحالف تقريبا، كما هو الشأن بالنسبة لمرتيلوالمضيق، لكنها بلون المصباح والكتاب. حيث التدبير بين الحزب الإسلامي واليساري متناغم بسبب المصالح الكبرى المشتركة، وفق كثير من التعليقات، مصالح العقار والأراضي والرخص وغيرها، وليس المصالح الكبرى للوطن والمواطن، وفق ما أكدته مجموعة مصادر جد مقربة. التنافس على المقعدين سيجعل الأمور صعبة، في ظل قوة المرشحين وقلة عدد المقاعد المتنافس لأجلها، ففي وقت يجد مرشحو إقليمتطوان بعضا من «البحبحة» وهم يتنافسون على خمس مقاعد، تكاد تكون واضحة المعالم حاليا، فإنه في عمالة المضيقالفنيدق، مازال السجال والشجار قائما لتزكية وكلاء اللوائح، بين أحزاب تقول أن مقعدها مضمون، وأحزاب أخرى تكتفي بمرشح «مناضل» لتغطية الدائرة فقط. ومن أول المرشحين الذين تم تزكيتهم رئيس بلدية مرتيل علي أمنيول، الذي حمل تزكية نبيل بن عبد الله رغم بعض الجدل والمناوشات، لكن إمكانياته المادية أولا، وكونه رئيس لجماعة مهمة وعلاقاته المتجذرة مع جهات انتخابية، قد يجعله من بين المرشحين الأساسيين ممن سيخوضون حملة شرسة بكل ما أوتي من مال كما فعل في الانتخابات الجماعية الأخيرة والسابقة أيضا.. حيث كانت الكلمة الأولى والأخيرة لما تم صرفه إذ يرى الكثير من المتتبعين، أن مرتيل حاسمة ومهمة، وأن ما يصرف فيها خلال الحملات الانتخابية مع صغرها لا يمكن تصديقه، «إنها الملايير» والأمر ليس مبالغة بل حقيقة. المنافس الثاني قد يكون مرشح البام البرلماني الحالي، محمد التهامي الأستاذ الجامعي والرئيس الأسبق لجماعة الفنيدق، والذي تغيب عن المدينة طويلا، وعاد مجددا للترشح وسط جدل كبير، محاولا في ذلك الاعتماد على المرابط الذي كان مرشحا بمرتيل وخسر بدوره الكثير من المال، دون أن يتمكن من تحقيق الكثير، إذ أنه لازال متحفظا في أن يكون وصيفا للائحة الجرار، خلف العراب التهامي الذي يرى أنه هو المؤهل لقيادة جرار إلياس العماري في المنطقة، رغم الانتقادات الكبيرة التي تطاله نتيجة غيابه التام عن المدينة. العدالة والتنمية تبحث عن مستقر بين مرشحين، أحدهما رئيس جماعة الفنيدق والثاني البرلماني الحالي، الأمور تغيرت ولن يكون من السهل على حزب ابن كيران الحصول على مقعد بالسهل المريح، ولعل ذلك ما دفع بالكثيرين لدعم ترشح رئيس جماعة الفنيدق، معتمدين في ذلك على علاقاته وإمكانية دعمه ومساندته من طرف بعض المقاولين والمستثمرين، وأصحاب المصالح الذين قد يحتاجونه في وقت لاحق، وهي سمة تجعل غالبية رؤساء الجماعات يترشحون. ترشيحات كل من التجمع الوطني للأحرار، رغم قوة المرابط السوسي الذي يبدو أنه لن يترشح، وكذلك الاتحاد الاشتراكي، ليست بالقوة الكافية لمواجهة الصقور الآخرين، ممن لديهم القوة المالية والقوة الأدبية والمعنوية لكونهم رؤساء جماعات، وكذلك تواجد تحالفات ضمنية أو ما تحت الطاولة، لعدم ترشح مرشحين أقوياء في مواجهة مرشح البام، وفق ما قالت به مصادر مقربة، بهدف الوقوف في وجه من أسموهم ب«سماسرة الانتخابات» في إشارة لمرشح الكتاب والمصباح..