اللمسة تلوى الأخرى. فحتى بعد المصادقة عليه بالمجلس الحكومي، لم يسلم البرنامج الحكومي من إضافة بعض التعديلات وصفتها مصادر حكومية بالشكلية. لكنها قبل ذلك، كانت تعديلات في الجوهر، فالوعود الانتخابية ل«الحزب الحاكم»، بدت في حاجة للمراجعة أمام تحفظات شركائه الحكوميين علي طابعها المفرط في الوعود غير الواقعية. مباشرة بعد انتهاء أشغال ثاني مجلس لحكومة عبد الإله بنكيران، اجتمعت اللجنة المصغرة من جديد من أجل إحداث بعض التعديلات، قبل إعادة البرنامج في ساعة متأخرة من جديد إلى بيت رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران للاطلاع عليه، حيث لم يتوصل أعضاء الحكومة إلى غاية صباح أمس بنسخ من البرنامج وذلك في انتظار انتهاء عملية إدخال ملاحظات الوزراء على البرنامج التي امتدت حتى صباح أمس والتي من المرتقب الانتهاء منها في نفس اليوم قبل طبع وإرسال نسخ من البرنامج إلى أعضاء الحكومة في أفق عرضه اليوم على أنظار البرلمان. لكن قبل ذلك، كان البرنامج طيلة أول أمس أمام امتحان أخير ، حيث اجتمعت اللجنة الوزارية برئاسة عبد الله باها طيلة النهار وإلى قبل ساعات قليلة من موعد المجلس الحكومي، إذ خضع البرنامج الحكومي لقراءة ثانية، تم خلالها إحداث تعديلات وإدخال أرقام جديدة، رفض نجيب بوليف الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلفة بالشؤون العامة الكشف عنها مفضلا وصفها ب«المتوسطة»، في حين أكدت مصادر أخرى مضطلعة ل«الأحداث المغربية» أن ولادة البرنامج الحكومي عرفت «مخاضا عسيرا»، داخل اللجنة الوزارية المصغرة وذلك بالنظر إلى كثرة الملاحظات التي أبداها الوزراء، وماطرحته من صعوبات لإعادة إدماجها بالبرنامج. مخاض، تطلب من العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة مراجعة عدد من وعوده الانتخابية، إذ في الوقت الذي دبج برنامجه الانتخابي بالكثير من المؤشرات الرقمية التي يعتزم تحقيقها، وجد نفسه مضطرا إلى التنازل عنها وفي أحيان كثيرة السكوت عنها كما هو ظاهر من خلال بعض أرقام البرنامج الحكومي. ففي الوقت الذي كان البرنامج الانتخابي للحزب يعد بتحقيق 7 في المائة كنسبة نمو، سرعان ما تنازل عن ذلك ليتم استبداله بنسبة 5.5 فقط. أما رفع الحد الأدنى للأجور إلى 3000 درهم كما هو متضمن في البرنامج الانتخابي للحزب، فلن يشمل إلا صغار موظفي الدولة والذين لايقل أجر أصغرهم عن 2800 درهم وهو ما يعني أن الزيادة، لن تتجاوز 200 درهم فقط، هذا في الوقت الذي لم يتمكن الحزب من تضمين وعده باستفادة 100 ألف شاب مقبل من منحة التدريب ليقتصر الأمر على 50 ألف فقط كما استقت ذلك «الأحداث المغربية» من مصادر مطلعة. عند تصفح بعض مضامين البرنامج الحكومي التي توفرت للجريدة، يلاحظ تجنبه الخوض في العديد من الإجراءات التي سبق أن وعد بتحقيقها بالأرقام كما هو الحال بالنسبة لرفع دخل المغاربة بنسبة 40 في المائة في أفق الخمس سنوات القادمة،وكذلك تقليص معدل الفقر بالنصف. نفس الشئ على الصعيد الاقتصادي، حيث خلا المشروع الحكومي، من الإشارة إلى الإجراءات الضريبية التي وعد بها سواء بالنسبة للضريبة على الدخل أو فيما يتعلق بالضريبة على الشركات، حيث كان قد التزم في برنامجه الانتخابي عن اعتزامه تخفيض هذه الأخيرة في «أفق اعتماد 25 في المائة» وكذلك رفع سقف رقم المعاملات الواجبة لتطبيق نسبة 15 في المائة إلى 5 ملايين درهم. فيما يتعلق بالضريبة على القيمة المضافة، لم يتطرق البرنامج، حسب مصادر مطلعة إلى ذلك، هذا في الوقت الذي كان يعد برنامجه الانتخابي المغاربة بإقرار منظومة تروم إعفاء المواد الغذائية الأساسية وكذلك الطبية من هذه الضريبة.