انطلقت حوالي الساعة الثامنة صباحا من يوم الجمعة الأخير، مسيرة احتجاجية من دوار بنشرو المحسوب على جماعة ناوور دائرة القصيبة إقليمبني ملال، شارك فيها حوالي 200 شخص من الرجال : شبابا وكهولا، يحملون الأعلام الوطنية وصورة للعائلة الملكية، وكل واحد كان يلتحف بغطائه وزاده، متجهين صوب مقر ولاية جهة تادلة أزيلال للقاء الوالي، حيث لم تكد المسيرة تقطع عشرة كيلومترات من الطريق، حتى اعترضتها القوات المساعدة مدججة بالعصي وعناصر الدرك والسلطات المحلية، فتمت محاصرتهم ومنعهم من التقدم في السير بعدما أقنعتهم بمدها بعشرة ممثلين عنهم للقاء الوالي يومه الإثنين عاشر ماي. مشاكل كثيرة دفعت رجال منطقة بنشرو إلى الخروج في مسيرة، إذ أن المنطقة، وكما وقفت على ذلك «الأحداث المغربية»، تعيش في عزلة قاتلة، ومطالب كثيرة كان يريد إيصالها المحتجون إلى الوالي عن بلدتهم. صالح بنعمر 44 سنة أب لخمسة أبناء أحد المحتجين، جلس أرضا وأطلق لسانه للحديث عن المعاناة «نهار كتكون الفيضانات تنكونوا حنا والدواور اللي كتجاورنا مقطوعين عن العالم»، يصمت ثم يتابع شرح الأمور بتفصيل «من ناحية وسائل الاتصال فلايمكن لأحد أن يأتي بأخبارنا كما لايمكننا معرفة أخبار المحيط الآخر، فشبكة الريزو رغم تثبيتها هنا لاتشتغل. ومن حيث وسائل التنقل فهي تغيب بالمرة لشهور عن دوار بنشرو الذي يوجد بمحاذاتها. أما الدواوير المعلقة في الجبال والتي لاتؤدي إليها سوى مسالك وعرة، فهذه لامجال للحديث عن أي اتصال معها. وحتى عندما تيبس الأرض فالسكان ينتظرون طويلا قدوم وسيلة نقل فيتكدسون بداخلها وفوقها في ظروف لاتخلو من مخاطر». فطريق بنشرو تقطع نتيجة الأتربة والأوحال وجذوع الأشجار والأحجار الضخمة التي تنزلق إليها من الجبل، بفعل عوامل التعرية النشيطة وهذه الأحجار التي تنزلق من الجبل تسقط فوق البيوت أيضا، حيث سبق لحجرة كبيرة جدا أن سقطت فوق امرأة منذ سنوات وظلت تلك المرأة تحت الحجرة لحد الساعة. وتسد الطريق كذلك بالثلوج، والأودية التي تعبرها والتي تفيض فتجلب معها الأحجار والأشجار، فتدمر القناطر. وتلك التي لم تدمر تصبح مستوية مع الأرض نتيجة اختناقها بالأحجار، وجذوع الأشجار وعدم قيام المسؤولين بتعميق مجرى النهر مع كل فيضانات وتنقيتها، وكل ذلك يؤدي إلى مرور السيول فوق القناطر، فتفيض على بيوت السكان المجاورين، وتجرف ممتلكاتهم وبيوتهم». كما أن هذه العزلة تتسبب من حين لآخر في وفيات في صفوف النساء والأطفال والمرضى، خاصة عند الحوامل. فعندما تعجز قابلات الدوار عن إنقاذ المرأة يكون الحل في غياب وسائل النقل والطرق هو حملها على متن نعش الموتى من طرف أربعة أشخاص من الدوار أو أكثر، وإن كان منزل المعنية قريب من الطريق فإنهم يضعونها بجواره في انتظار وسيلة نقل، وإن كانت تقطن في دوار بعيد فإنهم يقطعون بها عدة كيلومترات على النعش إلى حين الوصول إلى الطريق المعبد، وهناك ينتظرون ... عادت المسيرة إلى الدوار دون أن تصل إلى الولاية، لكن منفذوها أقسموا بأغلظ إيمانهم، أن «الوالي إذا لم يوجد لعزلتهم حلا عاجلا، سينطلقون في مسيرة أضخم يوم الأربعاء القادم إلى الرباط».