اسم من أسماء الله الحسنى. العفو اسمه السادس والستون. اسم تسمى به وتوجه به إلى عباده ليطلبوا عفوه.. الله يغفر الذنوب لعباده «قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمته إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم». باب التوبة مفتوح. يسخر الله عباده لتيسير تلك التوبة على العبد التائب «إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فؤلائك سيتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما». الغفور الرحيم يقبل توبة العبد بعد العمل السوء «كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فإنه غفور رحيم». أكثر من ذلك ف«الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم». قال الرسول الكريم في الدعاء «اللهم إني أسألك العفو العافية». العفُو هو الذي يمحي السيئات، وقد جاء في الحديث الشريف «إذا تاب العبد توبة نصوحا، أنسى الله حافظيه والملائكة، وبقاع الأرض كلها خطاياه وذنوبه». إذا كان سبحانه وتعالى عفوا غفورا، فكيف يمكن للعبد أن يتصف بالإسم العفو الغفور؟ وماذا يقتضي منه هذا الاتصاف؟ يقتضي منه ذلك الشجاعة وتجاوز نقصه الآدمي. يتطلب منه ذلك الاتصاف، الخروج من آدميته عبر الارتقاء بتلك الآدمية إلى مرتبة ربانية. مرتبة قادرة على العفو والمغفرة عند الإساءة والتعرض للظلم. العفو والمغفرة مرتبة في ما وراء الآدمية وما يعتريها من نواقص ورغبات الانتقام. العفو والمغفرة جهاد في النفس. قهر لهوى النفس التواقة إلى إقامة محكمتها الدنيوية ومعاقبة من أساء إليها. قد تمتلك تلك النفس شجاعة الاتصاف بالعفو الغفور، وتشمل محكمتها من أساء إليها بحكم بالعفو والمغفرة. يحدث ذلك حين التوجه إلى الآخَر المسيء، واستقباله استقبالا رحمانيا. على العكس تماما من العفو والمغفرة، الانتقام فعل بسيط وسهل، ولا يتطلب من المنتقم بذل أي مجهود يذكر. أما العفو والمغفرة فهما فعلان يقتضيان من المؤمن، مكابدة قمع النفس المنتقمة الراغبة دائما في تنفيذ الحكم العقابي. أن يغفر العبد ويعفو، فذلك اتباع منه للسبيل الإلهي. الله سبحانه وتعالى يعفو ويفغر لعبادة المذنبين، فكيف للآدمي ألا يغفر لمن أساء إليه وظلمه وربه بعفو ويغفر؟! بالتالي فأن يغفر المؤمن ويعفو، أحسن له، وأكيد له أجره عند خالقه لاتساع صدره لظلم الظالم وإساءة المسيء. «وليعفوا ويلصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم». اللهم اهدنا إلى صراطك المستقيم. اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفُ عنا بنا، وافتح لنا سبلك إلى إجراء عفوك على عبادك الذين أساؤوا إليك بنا. اللهم إنك عفو غفور، فاعف واغفر لعبادك بعبادك. غفرانك ربنا وإليك المصير.