عمر وسمير طفلان يقضيان أيامهما في العطلة الصيفية التي تزامنت هذه السنة مع حلول شهر رمضان في الشاطئ بمفردهما، بعيدا عن عيون أولياء أمرهما، حيث يكون الأب في العمل، والأم غارقة في أعمال البيت.. ولأن الطفل عبء يثقل كاهلها، تتخلص من شغبه أثناء غيابه عن البيت طول النهار دون أن تعرف الأماكن التي يتردد عليها أو يقضي بها ساعات النهار في انتظار وقت الإفطار. لا يكاد يستيقظ من النوم حتى يرتدي ملابسه، ويوصد الباب خلفه متوجها نحو الشاطئ حيث يقضي يومه كاملا هناك مستغلا رمضان الذي يكون فيه الجميع مشغولا بأشياء أخرى خصوصا مع تزامن شهر الصيام هذا العام مع العطلة الصيفية. تتخلص من شغبه لم يجد الإبن بدا من اللجوء إلى الشواطئ لتغيير الجو والاستمتاع بالعطلة، لعدم وجود أماكن يلجأ إليها للترفيه عن نفسه، بعد أن انعدمت أي إمكانية للسفر إلى وجهة أخرى بحلول شهر رمضان الذي منع الأسرة بكاملها من الاستمتاع بالعطلة والاكتفاء بالجلوس بالبيت. يخرج عمر ذو العشر سنوات من البيت صباحا، ويتوجه إلى الشاطئ حيث يقضي اليوم بكامله خارج البيت، بعيدا عن عيون والديه اللذين يتربصان به طول الوقت، ويترصدان له الأخطاء. لكن الأمر اختلف كثيرا في الآونة الأخيرة، إذ يستغل عمر رغبة والدته في التخلص من شغبه ومشاداته اليومية مع أبناء الجيران، والتي ينتج عنها في الكثير من الأحيان خصومات مع أوليائهم، ويذهب إلى الشاطئ فتجد الأم راحتها في غيابه عن الحي طوال اليوم، لأنه يعفيها من تحضير الطعام له عندما يقضي اليوم معها بالبيت. شغب الطفل ورغة والدته في قضاء يومها الرمضاني في هدوء ، يدفع الأم إلي التستر عليه وعدم فضح سر غيابه لوالده، الذي سيعاقبه حتما إن علم بأمر قضائه اليوم بطوله في الشاطئ. بالرغم من صغر سنه والعواقب التي يمكن أن تنتج عن ذهابه رفقة أصدقائه إلى البحر دون أن يرافقهم شخص راشد، إلا أن والدة عمر تسمح له بالذهاب شريطة أن تتخلص من المشاكل التي يمكن أن تنتج عن وجوده بالبيت. يقضي عمر يومه في اللعب واللهو والسباحة دون أن يساوره الخوف من الغرق، ويعود إلى البيت مساءا منهوك القوى غير قادر على إثارة الشغب الذي اعتاد على فعله في الأيام العادية التي يكون فيها بالبيت. لا تعلم الأم التي يقضي بها ابنها وقته على الشاطئ ولا الأشخاص الذين يرافقهم، ولا تحاول البحث عنه أومراقبته للاطمئنان عليه، فكل ما يهمها هو أن يعود في آخر اليوم سليما معافى حتى لا يكون سببا في اندلاع المشاكل بينها وبين زوجها. وجد عمر في غياب والدته وصمت والدته عن قضائه الوقت في الشاطئ، متنفسا له للاستمتاع بالعطلة الصيفية التي حرم من السفر خلالها هذه السنة. لا تجد الوقت لابنها عمر لم يكن الطفل الوحيد الذي يقضى يومه الرمضاني على شاطئ البحر، فقد كان معه الكثير من الأطفال الذين يتقاربون معه في السن، والذين يجدون في الشاطئ ملاذا ووجهة مفضلة لهم بعد أن منع شهر الصيام أسرهم من السفر وقضاء العطلة خارج مدينة الدارالبيضاء. سمير ذو الثالثة عشرة سنة تعود منذ سنوات خلت على ارتياد شاطئ البحر رفقة عائلته، كلما اشتد قيظ الصيف وحرارته وأصبح الجميع يجدون في البحر ضالتهم، فهو يستغل قرب مكان سكنه من الشاطئ ليقضي فيه عطلته السنوية، ويتردد عليه بشكل يومي بمعية والدته أو والده. لكن هذه السنة شاء القدر أن يتصادف شهر الصيام مع العطلة الصيفية، حيث لم تكن والدة سمير تجد الوقت الكافي لمرافقته خاصة مع انشغالها في أعمال البيت التي تزداد وتكثر في هذا الشهر. لا تجد والدة سمير الوقت لمراقبة ابنها ومعرفة الأماكن التي يتردد عليها، بل ولا تحمل نفسها عناء السؤال عنه، لأنها وجدت في غيابه عن البيت طوال اليوم راحتها، محاولة إقناع نفسها بأنه أصبح قادرا على تحمل مسؤولية نفسه، دون الاعتماد على والديه. « راه غير كيلعب مع الدراري»، عبارة ترددها والدة سمير كلما سألها أحدهم عن غياب ابنها عن البيت واختفاء أثره طول اليوم، محاولة إخفاء معرفتها بمكانه المحدد، بالرغم من علمها بوجوده في الشاطئ. وجود الإبن بعيدا عن البيت كان يزيد من راحة الأم، لذلك لم تحاول ثنيه عن الذهاب إلى الشاطئ بشكل يومي، أو حتى مرافقته لترتاح من المشاكل التي يسببها لها وجوده في المنزل. مجيدة أبوالخيرات