نظرت محكمة سلا بحر سنة 2010، في قضية فرنسي متهم بالاستغلال الجنسي لأطفال في وضعية صعبة بعد إستدراجهم لإحدى المؤسسات التعليمية الخاصة التي يديرها بالرباط، وبتعاون مع شبكة للقوادة يأخذ أفرادها مقابلا ماديا من المعني. سبق للمتهم أن توبع بتهمة الاستغلال الجنسي لقاصرين سنة 2001، وأدانته المحكمة بعشر سنوات حبسا نافذا من أجل هتك عرض أطفال في وضعيات صعبة، وتم تخفيض العقوبة إلى 5 سنوات، قبل أن يستفيد من العفو أواخر سنة 2006 ويخلى سبيله بعد قضائه أربع سنوات. وعوض أن يمنع المدير المدان من مزاولة مهنته الأولى ويرحل إلى بلده الأصلي بالنظر لخطورة نزوعه الجنسي الشاذ على الأطفال، عاود الرجوع إلى إدارة المدرسة، حيث اكتفت مصالح وازرة التربية بتوجيه إنذار له، يحثه على عدم الاقتراب من فصول الدراسة، في الوقت الذي تحدى هو هذا الإنذار، وقرر تحويل أحد الأقسام إلى مسكن دائم له. استمر المتهم في البحث عن زبائن وضحايا آخرين حتى سنة 2010، بعد أن تفجرت قضيته من جديد في اعترافات لمتهمين في جريمة قتل وقعت بمقاطعة العيايدة بسلا. تبين من خلال تعميق البحث مع المتهمين أنهم كانوا أطفالا في وضعية صعبة يهيمون في أزقة الرباط، قبل أن يقعوا في شراك شخص راشد شاذ جنسيا، دأب على اصطياد أطفال قاصرين ليشبع رغباته الجنسية، ويستغلهم بعد ذلك في القوادة لأشخاص من هذا الصنف بمقابل. انتقل الشخص المذكور، بعد أن كبر الأطفال الذين قام بجلبهم لمنزله، وبعد افتضاح أمره بالحي الذي كان يقطنه بالرباط، انتقل إلى الإقامة بمقاطعة العيايدة بسلا، حيث بقي يمارس هناك شذوذه على الضحايا، وكانوا يمارسون بدورهم ذلك الشذوذ عليه. كانت المفاجأة أثناء التحقيق، هي وقوف المحققين من خلال اعترافات المتهمين على أن المدير الفرنسي كان زبونا من بين هؤلاء الزبناء، وكان أحد المعتقلين أثناء مجريات التحقيق في جريمة قتل العيايدة. المحاكمة أثناء بدء محاكمته قال المتهم الأجنبي إنه كان يمارس الجنس على ضحيته برضاه طوال الليل، وفي صبيحة اليوم الموالي يمنحه مبالغ مالية. وبعد استفساره عن سبب لجوئه إلى هذه العلاقات الشاذة، وتفضيله الذكور على النساء، أكد أن الأمر يتعلق بحالة نفسية لا يتحكم فيها، ووصف غرائزه الشاذة ب”الفطرية”، محاولا استدرار عطف هيأة المحكمة. وأكد المتهم أنه حاصل على إجازة في تخصص علم النفس، ثم التحق بأكاديمية التعليم الفرنسية، وحصل على دبلوم آخر استطاع من خلاله ولوج ميدان التعليم الذي اشتغل به لمدة عشر سنوات، موضحا أنه كان يشتغل في المؤسسات التي تؤوي الأطفال الذين يوجدون في وضعيات صعبة بسبب تعرضهم للعنف أو الاعتداءات الجنسية. وفي نهاية السبعينات أغلقت فرنسا هذه المؤسسات، بعد أن قررت إيواء هؤلاء الأطفال بمنازل العائلات التي ترغب في احتضانهم، وبدلا من ذلك فتحت مؤسسات أخرى مخصصة لإيواء الشيوخ، لكنه رفض ذلك لأن “الأطفال ليسوا مثل الشيوخ” حسب تعبيره. وأشار إلى أن ذلك تزامن مع وفاة والدته، فأصيب بصدمة كبيرة، وقرر مغادرة فرنسا والتوجه إلى المغرب في سنة 1981، والإقامة مع جدته بمدينة سوق أربعاء الغرب، حيث كانت تشتغل بمزرعة خاصة. وبعد عمله في مؤسسة تعليمية خاصة، تمكن من إنشاء مؤسسة بالرباط، كانت في البداية روضا للأطفال، وفي سنة 1995 أضاف إليها التعليم الابتدائي، ثم الثانوي سنة 2000. سنتان سجنا نافذا بعد إتمام غرفة الجنايات بابتدائية سلا، استماعها لدفوعات كل من دفاع الظنين ودفاع الضحية وممثل النيابة العامة، قضت بالحبس سنتين نافذتين وغرامة 1000 درهم في حق الفرنسي صاحب إحدى المدارس الخصوصية بالعاصمة الرباط بعد إدانته بتهمة الشذوذ الجنسي مع بعض الشباب القاصر مقابل مبالغ مادية، كما حكمت على أحد هؤلاء الشباب بالسجن 10 أشهر نافذة وغرامة 500 درهم. وشهدت قاعة الجلسات بالمحكمة ذاتها أطوار جلسة الإثنين 26 أبريل 2010 التي أصدرت فيها الأحكام أعلاه، شهدت نقاشا حادا بين هيأة الدفاع وممثل النيابة العامة، حول مدى وضوح لغة التواصل مابين الضابطة القضائية والمتهم الفرنسي، إضافة إلى دفوعات الدفاع حول وجود أشغال بناء بالمدرسة صيف 2009، والتي جاء في المحضر بأنها كانت مسرحا لأفعال الشذوذ الجنسي، بالإضافة لتقديم الدفاع عددا من الفواتير التي تؤكد إنطلاق ورش البناء في المدة المذكورة، وعرائض قال بأنها صادرة عن 28 من الأطر التربوية العاملة بالمدرسة التي يديرها المتهم، وعرائض أخرى للآباء والإداريين لم يحدد عدد توقيعاتها، والتي تتحدث عن “الأخلاق الفاضلة والكفاءة التربوية التي يتميز بها المتهم”، وأضاف أن الموضوعية تقضي بأخذ القضاء بعكس ماورد بمحضر الإتهام. من جهة أخرى، قال محامي أحد الشباب القاصرين الذي سبق له أن أكد ممارسته الجنس أكثرمن مرة مع المتهم مقابل مبلغ 200 درهم أمام وكيل الملك والضابطة القضائية، أن موكله بريء من هذه الأقوال، واعتبره مقحما في هذا الملف، مؤكدا حسن خلقه وهو القادم من حي مولاي رشيد بالبيضاء. أكد ممثل النيابة العامة من جهته على سوابق المتهم الفرنسي الذي حوكم سابقا في قضية هتك عرض قاصرين سنة 2001 ب10سنوات، تم خفضها استئنافيا إلى 5 سنوات، وقال أمام هيأة المحكمة “إننا أمام وقائع خطيرة تمس المجتمع وكرامة الناس، خصوصا أنها صادرة عن شخص مربي كان ينبغي أن يكون قدوة»، وطارح سؤالا جوهريا مفاده كيف استمر هذا المتهم في ممارسة عمله داخل المدرسة ذاتها، بعد قضائه تلك المدة السجنية وبتهم من ذلك النوع؟”، وطالب في آخر مرافعته بإنزال أقصى العقوبات في حق المتهم. سلا: عبدالاله عسول