يعاقب الكثير من الآباء أبناءهم الذين يفشلون في تخطي عقبة الامتحانات النهائية بالتعنيف والحرمان من الاستمتاع بالعطلة، متجاهلين نفسية الطفل المهزوزة والأسباب التي دفعته لذلك. في الحوار التالي يحاول الدكتور عبد الله زيوزيو شرح أسباب الفشل والطريقة السليمة للتعامل معه. ما هو تأثير الفشل في الامتحان على نفسية الطفل؟ للأسف الشديد مازلنا نتعامل مع الامتحان بعقلية قديمة جدا، فقبل سنوات الخمسينات كان الأطفال الذين يتابعون دراستهم قليلون جدا من حيث العدد، لكن النجاح -مثلا- في الشهادة الابتدائية يحتفل به وتقام الولائم، لأن النجاح كانت تعطى له قيمة كبيرة. ثانيا، المدرسة لا تستطيع أن توصل لتلاميذها أن الامتحان ليس إلا تقييما لمعلوماتهم التي درسوها أثناء السنة، لذلك يجب أن يكون الآباء والتلاميذ مهيئين لهذا التقييم طول السنة وليس في نهاية العام الدراسي فقط. وهنا يجب أن يكون هناك تنسيق بين الآباء والطاقم التربوي داخل المؤسسة التعليمية. هذا مع العلم أننا صرنا بسبب الاكتظاظ الذي تعرفه المدارس نجد العديد من التلاميذ ينجحون بالرغم من مستواهم الدراسي الضعيف جدا. لذلك على الآباء منذ البداية مواكبة مردودية أبنائهم حتى لا يفاجؤوا بنتائجهم في نهاية السنة، وبما أن المجتمع ككل يعتبر الامتحان بمثابة اختبار لقدرات الطفل ومداركه، فالتلميذ الذي لا ينجح يصاب بصدمة، لذلك يجب أن يهيأ بعدها نفسيا لتكرار السنة، كما يجب أن لا يعامل بقساوة من طرف الآباء بتعنيفه أو حرمانه من الاستمتاع بالعطلة الصيفية. ماهي في نظركم الأسباب النفسية التي تجعل الطفل يفشل في تجاوز عقبة الامتحان؟ أولا، تجدر الإشارة إلى أن هناك الكثير من العوامل الاقتصادية والاجتماعية، التي تدخل في التأثير على الطفل وليس العامل النفسي بمفرده، لكن الجانب النفسي حاضر أيضا بقوة مادامت المدرسة المغربية مازالت تستخدم العنف في تعليم التلاميذ، خاصة إذا كان الطفل خجولا ومنطويا على نفسه، فالتعنيف لا يمكن إلا أن تكون له نتائج عكسية على مردوديته الدراسية، ويحصل على نقط هزيلة تدفع عائلته إلى التعامل معه بعنف داخل البيت أيضا، وكل هذه العوامل تؤدي بالطفل إلى الخوف وعدم التركيز والانضباط في القسم. هناك أيضا سبب آخر هو وجود الأنترنيت الذي غزا البيوت المغربية، أي أنه أصبح هناك إدمان على الصور المتحركة، وهذا يجعل الطفل بعيدا عن الجو الصحي الذي يساعده على التحصيل الجيد، لذلك يجب على الآباء الحرص على تنظيم وقت أطفالهم بين وقت الراحة ومشاهدة التلفاز ووقت مراجعة الدروس، لكن هذا لا يعني أن يمنع الأب ابنه من مشاهدة التلفاز، في الوقت الذي يجلس فيه هو أمامه لساعات طويلة لأن هذه الوسائل يجب أن يتمتع بها أفراد الأسرة بشكل متساوي. كما نلاحظ في السنوات الأخيرة وجود نوعية جديدة من الأطفال المتميزين والأذكياء، لكن في القسم تكون مردوديتهم ضعيفة لأنهم يجدون أن الأنترنيت والتلفاز يعطي معلومات أكثر مما توفره لهم المدرسة، لأن الطفل في هذه الحالة يحس بالملل ولا يرى أي جدوى من ذهابه إلى المدرسة مادام لا يستفيد أكثر مما يتوفر لديه في الأنترنيت. لذلك يجب على المدرسة أن تطور برامجها وطريقة الإلقاء داخل القسم وتحاول تحبيب الأطفال في المعلومات التي تنقلها لهم. كيف يمكن للآباء أن يتعاملوا مع أبنائهم الراسبين في الامتحانات؟ أولا، يجب أن تكون هناك مواكبة الآباء لأبنائهم من بداية مراحلهم التعليمية الأولى، وأيضا من بداية السنة الدراسية وليس الانتظار حتى لحظة ظهور نتائج الامتحانات، ثم وقوف الآباء بجانب أبنائهم ومحاولة تعويضهم النقص الذي يعانون منه في بعض المواد، دون اللجوء لدروس التقوية، لأن الطفل إذا لم يكن يستطيع التركيز داخل القسم، فلن يتمكن من التركيز مع أستاذ آخر خارجه. عدم تغيير المؤسسة التعليمية للطفل الراسب إلا بالاستشارة معه، حتى لا يتم انتزاعه من بين أصدقائه ومحيطه الدراسي، والابتعاد عن عقد المقارنات بين المدارس العمومية والمدارس الخاصة، لأن هذه المقارنات ستؤدي بشكل أوتوماتيكي إلى تحميل المؤسسة التعليمية مسؤولية فشل الطفل دراسيا. تجنب معاقبة الطفل بحرمانه من العطلة، التي هي حق من حقوقه حتى يستطيع العودة إلى الدراسة بنفسية أحسن، ومعرفة المواد التي كانت سببا في فشله في الامتحان ومحاولة تقويته فيها، ثم عدم تحسيسه بالفشل مع تجنب تبادل الاتهامات بين الأبوين في حضور الطفل. هذا بالإضافة إلى تحديث البرامج التدريسية، وإعادة النظر في طريقة تقييم معلومات الطفل وعدم التركيز على الذكاء الرياضي فقط، لأن هناك سبعة أنواع من الذكاء كالذكاء الجسدي والذكاء الجمالي وغيره من أنواع الذكاء وليس الذكاء الرياضي فقط الذي يؤمن به المغاربة، فالمجتمع محتاج لجميع الأنواع الأخرى. حاورته مجيدة أبوالخيرات طبيب ومحلل نفسي