إصرارهم على تحقيق نزوة التعدد كان أقوى من أن يقيده القانون أو حتى الشرع، فالرغبة في اتخاذ زوجة ثانية بل ورابعة في بعض الحالات، بالرغم من غياب شروط التعدد، دفعت عددا من الأزواج إلى التحايل على القانون من أجل تحقيق تلك الغاية. تحايل قاد البعض منهم إلى السجن بتهمة التزوير، بينما كانت الخيانة الزوجية هي التهمة التي توبع بها آخرون اعتمدوا بدورهم على طرق ملتوية لبلوغ هدفهم، قبل أن يفتضح أمرهم من طرف زوجاتهم. كان العروسان في أوج احتفالاتهما رفقة الأهل والأحباب، والعروس في أبهى حلتها وفي كامل فرحتها، في يوم تحلم كل فتاة بأن تعيشه. إلا أن كل شيء سيتغير بعد أن داهم رجال الدرك الملكي لمنطقة سيدي بنور الاحتفال، واقتاد العروسين وسط جو من المفاجأة والاندهاش الذي بدا واضحا على الحاضرين. حمل يوثق زواجهما افتضح أمر العروسين بعد هذا الحادث الذي فض العرس، وأنهاه بسرعة قياسية، حيث تبين أن العروس حامل، والعريس متزوج من امرأة أخرى حامل هي أيضا وله منها طفل آخر، وأنه يقيم حفل الزفاف من دون توثيق الزواج، بعقد رسمي لدى الجهات المختصة. تعود تفاصيل القصة إلى ربط العريس لعلاقة غير شرعية مع فتاة في عقدها الثاني تنحدر من سيدي بنور، هذه العلاقة الجنسية نتج عنها حمل الفتاة، وحتى لا يفتضح أمر العشيقين، حاول الرجل التفاهم مع زوجته، وشرح لها أنه مضطر للزواج من عشيقته، للتستر عليها، ومنح صبغة الشرعية لطفله الذي تحمله بين أحشائها. طلب الزوج من زوجته الأولى منحه رخصة الزواج من الفتاة الأخرى للتستر على الفضيحة، غير أن الزوجة التي ضاقت ذرعا بسلوكات زوجها، رفضت الترخيص له بالزواج من غيرها، رغم المبررات التي قدمها لها الزوج. بعد تأكد الزوج من رفض زوجته الكامل منحه الموافقة على الزواج، وإصرارها على منع هذا الزواج، فكر في حيلة تحفظ للفتاة كرامتها، وتعطي شرعية للحمل في انتظار توثيق الزواج في المحكمة فيما بعد، تجنبا للفضيحة وكنوع من التحايل على القانون الذي يمنع التعدد إلى في حالات معينة، وبموافقة الزوجة الأولى. محاولة الزوج إنقاذ سمعة "عشيقته"باءت بالفشل، وانقلبت حيلته ل "فضيحة كبرى" جعلت الجميع يعرفون القصة، خاصة بعد مداهمة رجال الأمن للمكان، بعد تقديم الزوجة التي حلت بمكان إقامة الزفاف برفقة عناصر الأمن ،لشكاية ضد زوجها، ليتم اعتقاله بتهمة الخيانة الزوجية. تم اقتياد العريس وعروسه وسط حالة من الغضب والذهول لدى الحاضرين، لتضاف للزوج تهمة جديدة تتعلق بإقامة علاقة غير شرعية مع «العشيقة» التي احتفل معها بزفافهما دون عقد نكاح. تم إطلاق سراح العروسين بعد ذلك، من طرف المحكمة، التي رأت ضرورة توثيق زواجهما، لإضفاء الشرعية على علاقتهما، التي أثمرت طفلا لم يفتح عينيه على الوجود بعد، وبذلك نجح الرجل في التحايل على قانون مدونة الأسرة، للزواج دون الحاجة لموفقة زوجته على الأمر. زور شهادة العزوبة بمدينة أخرى للزواج كان يرغب في الزواج مرة أخرى، إلا أنه كان يدرك جيدا أن الأمر ليس بالهين، خاصة أن زوجته التي له منها طفلان لن ترضى بمنحه الموافقة للارتباط من امرأة أخرى غيرها، خاصة أن أطفالها مازالوا صغارا ويحتاجون لرعاية والدهم المادية والمعنوية. أحمد المتزوج بسلا منذ ثمانية أعوام، فكر جيدا في الطريقة التي يمكنه بها التحايل على القانون من أجل الزواج بامرأة أخرى دون علم زوجته الأولى، فخطرت بباله خطة جهنمية، ستمكنه من تحقيق حلمه بالزواج، ودون الحاجة لاتباع المساطر القانونية وفق قوانين مدونة الأسرة المغربية. تفتقت عبقرية الزوج أحمد على فكرة التقدمَ بطلب زواج في مدينة أكادير استنادا إلى شهادة عزوبة مزورة، وهي طريقة يلجأ إليها الكثير من الرجال ممن يسعون إلى الارتباط بزوجة ثانية وذلك بهجرة مدنهم والتوجه إلى مكان آخر يستطيعون فيه الحصول على شهادة العزوبة. حظ الزوج العاثر جعل الزوجة تعلم بارتباط زوجها بامرأة غيرها في مدينة أخرى، لتقوم بعد ذلك بإبلاغ الجهات المسؤولة، مما جر عليه المتابعة القضائية، نظرا لعدم تسجيل حالته كرجل تزوج مرتين اثنتين لا مرة واحدة، وجعل المحكمة تحكم عليه بثلاثة أشهر سجنا نافذة، وذلك بسبب الالتفاف على القانون وتزوير الوثائق. في معرض تصريحه أمام الضابطة القضائية صرح الزوج وهو من مواليد 1981 بالرباط بأنه كان يسكن رفقة زوجته الأولى، أي المشتكية، وأبنائه منها بمدينة سلا لكن عندما أصبح يعمل مندوبا طبيا بأكادير اضطر إلى أن يسكن في هذه المدينة مع أسرته، وشاءت الأقدار أن تسوء العلاقة بينه وبين زوجته مما دفعه إلى مغادرة بيت الزوجية وعقد قران مع زوجته الثانية واكترى لها شقة بمبلغ 8000 درهم في حي الهدى، وأنه قضى مع زوجته الثانية أسبوعين. وبخصوص الطريقة التي سلكها لإنجاز ملف الزواج رغم عدم علم زوجته الأولى به، أوضح أنه أنجز تصريحا بالشرف بكونه عازبا مع نسخة من رسم ولادته الكامل، ومن حسن حظه، كما يدعي، أن الخانة التي تشير للحالة العائلية كانت غير معبأة ولم يشر فيها لزواجه السابق. ونفى أن يكون قد منح أي رشوة لأي موظف بالمقاطعة المعنية بالرباط مقابل الحصول على النسخة الكاملة على هذه الشاكلة، وقدم الوثيقتين للمقدم الحضري بالحي ومنحه بعد الإطلاع عليها شهادة العزوبة وبها تمكن من إنجاز ملف زواجه الثاني دون أن يضطر إلى سلوك مسطرة التعدد التي تتطلب أن يكون لديه مدخول كافيا وموافقة الزوجة الأولى، مضيفا أنه لم يخبر زوجته الأولى بزواجه الثاني، كما أوهم زوجته الثانية بأنه عازب. أكدت الزوجة الثانية وهي من مواليد 1986 بالبيضاء أنها لم تكن على علم بأن زوجها متزوج وله أبناء وأنه أخفى عنها هذه المعلومات، وأفادت أنها تعرفت عليه عندما كانت تجتاز تدريبا يتعلق بتكوين المولدات بإحدى المدارس الخاصة، وتوطدت علاقتهما وتقدم بطلب يدها من عائلتها وتمت الموافقة والزواج بعد أن حرر عقد الزواج والتحقت ببيت الزوجية في انتظار إشهار زواجهما بإقامة عرس. أما المقدم الحضري الذي منح الزوج شهادة العزوبة فقد نفى أي تواطؤ معه، بل أكد أنه منحه هذه الشهادة بناء على الوثائق المدلى بها، وهي التصريح بالشرف والنسخة الكاملة الصادرة عن الملحقة العاشرة لجماعة الرباط والتي لم يشر فيها إلى زواجه الأول.. زور إقرارت راتبه وممتلكاته لم يتصور أن ما يخطط له تجاه زوجته التي عاشرته مدة تزيد عن عشرين سنة، وأنجب منها أبناء ذكورا، سيؤدي ثمنه غاليا، وسيكون مصيره السجن النافذ، الذي أفقده الحرية، وجعله يقضي أيامه بالسجن الفلاحي بتارودانت، قادما إليه من مدينة ابن جرير حيث كان يؤدي عمله اليومي، بعد حكم ابتدائي صدر عن ابتدائية تارودانت، بعد متابعته بتهمة التزوير. بدأت تفاصيل القضية بوضع شكاية لدى النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بمدينة تارودانت، أشارت فيها زوجة للمشتكى به إلى أن الزوج سبق له أن قام بوضع إقرار حدد فيه مدخوله الشهري في مليون سنتيم. وهي الوثيقة التي ضمها إلى مقاله المعروض على أنظار المحكمة الابتدائية في موضوع التعدد. وقبل أن تصدر هيأة المحكمة بقضاء الأسرة قرارها القاضي بقبول أو رفض طلب الزوج وحقه في التعدد، قام بوضع مقال آخر يرمي من خلاله إلى توقيع طلاق للشقاق، وهذه المرة بالمحكمة الابتدائية بمراكش بدل مدينة تارودانت، بصفته يقطن بحي «جليز» بمراكش، عكس الحقيقة التي تثبت مقر سكناه بالجماعة القروية «تيسراس» بإقليم تارودانت بدل عمالة مراكش. كما ضمنه إقرارا آخر يؤكد فيه على أن راتبه الشهري في حدود أربعة آلاف درهم، وكلها وثائق من صنعه شخصيا وتتناقض مع الحقيقة. كانت هذه المعطيات كافية لتحرك غضب الزوجة تجاه زوجها، خاصة بعدما عملت كل ما في وسعها قصد الإبقاء على شمل العائلة مجتمعا. لكن مجهوداتها باءت بالفشل. وأمام هذا الوضع، ونظرا لما عانته من زوج قالت إنه استغل سذاجتها، وحصل من خلالها على موافقتها بالتعدد، ولأن هدف المشتكى به كان هو السعي لتضليل العدالة من أجل حرمان الزوجة الأولى من حقوقها في النفقة، حرصت على تقديم الشكاية، مؤكدة على متابعته قضائيا. استنادا إلى المعطيات التي ظهرت إبان مناقشة الملف في جلسة علنية بالقاعة «رقم 1» بالمحكمة الابتدائية بتارودانت، وحضرها المشتكى به في حالة اعتقال مؤازرا بدفاعه، وتخلفت عنها المشتكية وناب عنه دفاعها، الذي قال إن الزوجة المشتكية عاشت فترات عصيبة مع الزوج الذي اتهمته باستغلال سذاجتها وجهلها ليقودها صوب المحكمة الابتدائية، بدعوى أنه يرغب في إنجاز بعض الوثائق المتعلقة بالدفاتر الصحية للأبناء، لكنها فوجئت بقاضي الأسرة يسألها إن كانت راضية على الموافقة للزوج من بالتعدد والزواج بامرأة ثانية. تحايل وسجن كان رد الزوجة هو الرفض المطلق، الشيء الذي جعل الزوج يتخذ مواقف سلبية ضدها كما جاء في شكايتها. لم يقف عند هذا الحد، بل قام بعد أن أحس بأنه غير مسموح له بالتعدد من طرف المحكمة، وقبل صدور أي قرار عدلي، بمحاولة توقيع طلاق للشقاق، كما حرمها من المتعة الجنسية وأهملها دون مصروف، حيث ظلت إلى فترة طويلة تعيش هي وأبناؤها على مساعدة أشقائها. أنجز الزوج وثيقة الإقرار، التي أظهر من خلالها أن راتبه الشهري يصل إلى ما مجموعه مليون سنتيم للحصول على التعدد، بينما جاء في الإقرار الثاني الذي اعتمد في مسطرة الطلاق على أن مدخوله في حدود أربعة آلاف درهم، كل ذلك من أجل حرمان زوجته وأبنائها من حقها في النفقة. كانت الزوجة قد أشارت إلى أن المشتكى به لما رغب في الحصول على الموافقة بالتعدد، أكد أمام العدالة أنه يملك ثلاثة منازل بالجماعة القروية التي يقطنها بتارودانت، إضافة إلى كونه يتوفر على منزل آخر بمراكش وآخر بابن جرير، فيما أكد عدم امتلاكه للمنازل المذكورة في مسطرة الطلاق. أثناء الاستماع إليه نفى الزوج كل التهم المنسوبة إليه، موضحا أن ما تدعيه المشتكية لا أساس له من الصحة، وأنها لازالت زوجته، وإن كانت تقطن بعيدة عنه. ونظرا لكون عمله بمدينة ابن جرير، سبق له أن طلب منها الالتحاق به. لكن الزوجة المشتكية ظلت متمسكة بموقفها الرافض لفكرة الإقامة بابن جرير. ونظرا لتشبث الزوجة بالبقاء بالدوار، فاتحها في السماح له بالزواج من امرأة ثانية تملأ عليه الفراغ الذي يعيشه، وهو الاقتراح الذي قابلته الزوجة المشتكية بصدر رحب حسب تصريحاته، مؤكدا على وقوع اتفاق بينهما في شهر يوليوز من سنة 2011، كما هو مدون بمحضر المفوض القضائي أثناء زيارته لها بدوار «بوتركة». إلا أنها تراجعت عن هذا الاتفاق أمام قاضي الأسرة بالمحكمة الابتدائية بتارودانت أثناء مناقشة الملف المتعلق بالتعدد. ونظرا لكونه أصبح غير مستقر نفسيا مع الزوجة، وجد نفسه حسب تصريحاته مجبرا على الإسراع بإنجاز وثيقة الطلاق. أما فيما يتعلق بالتخلي عن زوجته وأبنائه وتركهم تحت رحمة أخوالهم، فقد نفى المتهم ذلك، مشيرا إلى أن زوجته وأبناءه لازالوا يعيشون معه تحت سقف واحد، أما فيما يتعلق بالوثائق موضوع النزاع والمتعلقة بالإقرارين، فقد أكد المعني بالأمر كونه كان وراء صنعها. تصريحات أعاد تأكيدها المشتكى به مرة أخرى أما النيابة العامة. ونظرا لقناعة النيابة العامة بكون تهمة التزوير واردة، قررت متابعة المتهم بالمنسوب إليه، وإحالته على السجن الفلاحي. تهمة الفساد انحصر هم ليلى في الزواج، بعدما تجاوزت عتبة الثلاثين من العمر، فالشابة ذات الشعر البني الطويل الذي تخترقه خصلات شقراء وجدت نفسها في وضع لا تحسد عليه، تواجه سيلا من الأسئلة على لسان المحيطين بها حول أسباب تأخر زواجها بالرغم من كونها تتوفر على عملة الجمال بالإضافة إلى عمل قار. إصرار أفراد عائلتها على التدخل في مسألة زواجها، جعل ليلى تنساق بسهولة خلف الوعود الكاذبة التي قطعها لها رجل خمسيني تفنن في العزف على الوتر الحساس لديها إلى أن أقنعها بإقامة علاقة غير شرعية، حيث اكترى شقة جعل منها مكانا للقاءاتهما، بعدما تقدم لخطبتها، وأكد لها أن زواجه منها بات وشيكا لكون زوجته تعاني من مرض عضال لم ينفع معه علاج، لذلك قرر ألا يفاتحها في موضوع الزواج كي لا يتسبب في حزنها في آخر أيام حياتها. غير أن مبررات الزوج كانت بعيدة عن الحقيقة، فالزوجة الأولى تتمتع بصحة جيدة ولاتزال محافظة على شبابها وجمالها رغم أنها أم لثلاثة أبناء تعدى عمر أكبرهم العشرين عاما، وهو ما جعل الزوج الذي يدرك جيدا أن شروط التعدد لا تنطبق عليه، يقرر أن يتخذ لنفسه «زوجة ثانية» غير مصرح بها كنوع من التحايل على الشرع والقانون لإرضاء نزوة التعدد. لن تكتشف ليلى أكاذيب الزوج المفترض إلا بعد فوات الأوان، حين ستجد نفسها في مواجهة تهمة الفساد، لأن الزوجة الأولى كانت تراقب تحركات زوجها إلى أن عرفت الطريق إلى الشقة التي تحتضن لقاءاتهما، وظلت تنتظر الفرصة المناسبة لتضمن اعتقالهما في حالة تلبس. دفعت ليلى ثمن ثقتها العمياء بالرجل الذي وعدها بالحياة الزوجية المستقرة جرت عليها المتابعة القضائية والفضيحة في حين استفاد هو من عفو زوجته واستأنف حياته بشكل طبيعي، بعدما أجهض حلمها في الزواج وتكوين أسرة. مجيدة أبوالخيرات/شادية وغزو