في يوم 29 أكتوبر 1965 أمام مقهى ليب بالعاصمة الفرنسية أختطف الشهيد المهدي بن بركة، وهو يعد لمؤتمر القارات الثلاث، العديد من الشهادات تصف كيفية اختطاف الشهيد، لكنها تختلف حول مصير الجثة. كيفما كانت الرواية الصحيحة حول نهاية بن بركة فإن الثابت،استنادا الى ما تم نشره في الصحافة أو التأليف خلال أربعة عقود،أن عملية الاختطاف تمت بتخطيط كبير إشتركت فيه المخابرات الفرنسية وجهات نافذة في أجهزة الأمن والاستعلامات العامة،إضافة إلى المخابرات الأمريكية و الموساد ورجال المخابرات المغربية. فماهو مصير جثة المهدي بن بركة؟ سؤال طرح ومازال يطرح وسيبقى كذلك حتى تنجلي الحقيقة حول مصير جثة عريس الشهداء.سؤال تشعبت حوله الروايات وتناقضت إلى حد أقصى، فظهرت الكثير من الروايات غير المؤكدة حول مصير جثة بنبركة. فهناك رواية أحمد البخاري العميل السابق بالكاب 1 التي تقول إنه بعد حمل بن بركة إلى فيلا بوشسيش عومل بأدب وكياسة،وأنه كان يتناقش مع مغاربة كانوا حاضرين في الفيلا،ويتعلق الأمر برجال الكاب 1، لكن مع حضور الدليمي في نفس اليوم، شد وثاق بن بركة وبدأ الدليمي في تعذيبه مع حقنه بمخدر،وبعد وصول أوفقير بعد منتصف الليل حقن بن بركة مرة ثانية بمخدر، لكنه فقد الوعي نهائيا ليسلم الروح بعد ذلك نهائيا. هذه هي الرواية الوحيدة التي تقول بقتل بن بركة على يد الدليمي وأوفقير في ليلة 29 أوكتوبر 1965 وحمل في صبيحة الأحد إلى المغرب «ليتم، حسب البخاري، تذويب جثته في حوض الأسيد بدار المقري في نفس اليوم». ثمة رواية جديدة تستبعد فرضية حوض الأسيد، قدمها أحمد ويحمان نقلا عن الفقيد محمد الفقيه البصري، مفادها أن رأس المهدي فصلت عن الجسد وقدمت في طبق في حفل عشاء فاخر حضرته شخصيات سامية بالرباط. ويحكي أحمد ويحمان في حوار أجرته معه أسبوعية الأيام أن الفقيه البصري قال له «أنا نحكي ليك قصة ما وقع في إحدى ليالي الرباط النتنة حتى تنزعوا من أذهانكم أية أوهام بشأن مآل المهدي… بعد إدخال جثمان المهدي، نظم حفل عشاء فاخردعي له عدد من الوزراء وأعضاء القيادة العامة للجيش والمستشارين وباقي أعضاء الحاشية..وبعد استنفاد الأطباق الشهية من البسطيلة والطواجين والكسكس والفواكه، نودي على الشاي والمكسرات.. ثم بعد ذلك تم التصفيق والمناداة على «الباقي»..وبعد هنيهة جيئ بطبق من فضة عليه كرة ملفوفة في «البابي ألمومنيوم». وشرع، أمام اندهاش وترقب الجميع، في فتح «البابي ألمومنيوم» على الكرة الملفوفة، فإذا هي رأس الشهيد بن بركة». وفي كتابه (18سنة من العزلة)، يذكر علي بوريكات أنه عندما كان معتقلا بدار المقري، كان الفرنسيون الخمسة المتورطون في عملية تغييب المهدي بن بركة، معتقلين في نفس المكان قبل أن تتم تصفيتهم. ويذكر بوريكات، أن المتورطين في الجريمة بوشسيش ودوباي، قد أخبراه بأن رأس المهدي فصلت عن جسده وأنها حملت إلى المغرب وأنها دفنت قرب دوش بالمعتقل السري المعروف بالنقطة الثابتة3. أما بخصوص الجثة بدون رأس، فيذكر علي بوريكات أن «دوباي» قال إن الجثة سلمت لشركة مختصة في قطع الأشجار باتفاق مع محام فرنسي من اليمين المتطرف، وأن أحد النجارين قام بدفنها في مكان مقفر بإحدى ضواحي باريس وسكب عليها الإسمنت المسلح. ومن جانبه، فقد تناول تقرير هيئة الإنصاف والمصالحة قضية المهدي بن بركة ضمن حالات الأشخاص مجهولي المصير، وخلص التقرير إلى أن الهيئة «ترى أن الدولة المغربية تقع عليها مسؤولية المساهمة في الكشف عن الحقيقة في ملف المهدي بن بركة باعتبارها طرفا معنيا بالقضية، بحكم اشتباه تورط أحد أجهزتها الأمنية». ولعل آخر رواية لمصير جثة أشهر معارضي الملك الراحل، الحسن الثاني، هي تلك التي ظهرت قبل حوالي 4 سنوات ، والتي تقول إن جثة المعارض أحرقت بعد أن فاضت روح صاحبها. هذه الرواية كشف عنها الكاتب الفرنسي، جورج فلوري، في حوار مع أسبوعية «لوجورنال دو ديمونش» في أكتوبر 2009 ، إذ كشف ان بحوزته وثائق تفيد أن جثة بنبركة أحرقت في بلدة بالضاحية الجنوبية للعاصمة الفرنسية باريس. اليوم مرت 48 سنة على اختطاف واختفاء جثة عريش الشهداء ، لكن لاشيء رسمي لحد الآن.