الرئيس الفرنسي فرونسوا هولاند في خطابه أمام البرلمان الجزائري، اعترف الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ب “معاناة” الشعب الجزائري إبان الحقبة الاستعمارية، وأكد أن “مهما كان التاريخ بين البلدين مؤلما وقاسيا، ينبغي الحديث عنه وعدم إخفائه لأن الحقيقة هي التي تقرب الشعوب وتوحدها وليس العكس”. وقال هولاند: “خلال 132 سنة خضعت الجزائر لنظام ظالم ووحشي اسمه الاستعمار”. وذكر على سبيل المثال المجازر التي ارتكبها الجيش الفرنسي في 8 ماي 1945 في” سطيف وقالمة وخراطة”، في وقت كانت فرنسا وحلفاؤها يحتفلون في انتصارهم على النازية. ودعا هولاند إلى احترام الذاكرة كل الذاكرة دون استثناء والتطلع، في نفس الوقت، إلى مستقبل أفضل وبناء شراكة سياسية واقتصادية قوية وطويلة الأمد بين البلدين. وأضاف هولاند أنه وقع مع نظيره الجزائري عبد العزيز بوتفليقة يوم الأربعاء 19 دجنبر الجاري، بالجزائر “إعلان صداقة” يهدف إلى تعزيز العلاقات بين باريس والجزائر وإلى فتح آفاق اقتصادية واجتماعية وثقافية جديدة بين الشعبين. وقال:”لم آت إلى الجزائر من أجل التجارة، لكن لفتح عهد جديد في العلاقات تعود بالنفع على البلدين”. على الصعيد الاقتصادي، دعا هولاند إلى رفع مستوى العلاقات عما هي عليه اليوم. فالبلدان يملكان حسب الرئيس الفرنسي قدرات اقتصادية وموارد بشرية وعلمية كبيرة تؤهلهما إلى شراكة اقتصادية استثنائية. وأكد هولاند على إنشاء شركة “رينو” لصناعة السيارات مصنعا لإنتاج السيارات للسوق المحلية والجهوية، مضيفا أن 450 شركة فرنسية تتواجد حاليا في الجزائر، ودعا إلى المزيد من الاستثمارات الفرنسية في هذا البلد. التحدي الثاني الذي تطرق إليه الرئيس الفرنسي يتعلق بمستقبل الشباب الجزائري والفرنسي على حد سواء، حيث أكد هولاند أن “إعلان الصداقة” موجه بشكل خاص للشباب، مشيرا أن العديد من العقود التي تم التوقيع عليها أمس الأربعاء بين الجانبين الجزائري والفرنسي تخص هذه الفئة من الناس، مثل التدريب المهني وبناء مدارس متخصصة في التكنولوجيا. وتعهد هولاند بتسهيل إجراءات منح التأشيرات للطلبة الجزائريين الذين يرغبون في متابعة دراساتهم بفرنسا وللمستثمرين وكل القوى الحية التي تحرك الاقتصاد الجزائري والفرنسي، مؤكدا أن فرنساوالجزائر اتفقتا على إبقاء اتفاقية 1968 كما هي وعدم تعديلها. بالمقابل دعا هولاند السلطات الجزائرية بدورها إلى تسهيل سياسة منح التأشيرات للفرنسيين، سواء كانوا مستثمرين أو فرنسيين يرغبون في العودة إلى الجزائر لأسباب تتعلق بالذاكرة. على الصعيد الأمني، قال هولاند إن هناك تقارب كبير في وجهات النظر بين باريس والجزائر، لا سيما في ما يتعلق بقضايا الإرهاب الدولي ومشكلة الساحل. وفي هذا الشأن أضاف: “فرنساوالجزائر تدعمان الحوار كوسيلة لاستعادة مالي لوحدتها الترابية ويتركان للأفارقة أن يختاروا بأنفسهم الوسيلة التي يرونها مناسبة لتحقيق هذا الهدف تحت إشراف الأمم المتحدة”. كما وجه الرئيس الفرنسي تحية لكل الفرنسيين الذين ناضلوا من أجل استقلال الجزائر وإلى أولئك الذين عاشوا في هذا البلد خلال عدة سنوات أو عادوا إليه بعد الاستقلال في 1962، متمنيا أن تكون الجزائروفرنسا محركا أساسيا في منطقة المتوسط كالمحرك الفرنسي الألماني على مستوى الاتحاد الأوروبي.