لا يمكن لأحد أن ينكر الدور الذي لعبته قناة “الجزيرة” القطرية في ثورات الربيع العربي، وبشكل خاص في تونس ومصر وليبيا، وبعيدا عن المعايير المهنية، فإنه من الطبيعي أن تكون “الجزيرة”، المملوكة للأسرة الحاكمة في قطر، أداة لتنفيذ السياسة الخارجية لدولة قطر وأميرها الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني. وفي هذا السياق، نشرت صحيفة “الكريستيان ساينس مونيتور” الأمريكية تقريرا استقصائيا مثيرا للاهتمام، تركّز حول الدور الذي تمارسه دولة قطر، وقناة الجزيرة، واستخدامها لبعض رجال الدين في تنفيذ السياسة الخارجية للدوحة، وإبعاد المد الثوري عن الدولة الخليجية الصغيرة.. وقالت الصحيفة إن طموحات أمير قطر في تحقيق الرفاهية والأمن لدولته لا حدود لها ويمكنه أن يفعل الكثير من أجل ذلك. وأضافت بقولها “تعتبر قطر ثالث أكبر منتج للغاز الطبيعي في العالم، وهذا يمنح سكانها الأصليين البالغ عددهم ربع مليون نسمة أكبر دخل للفرد على مستوى العالم، كما أن الغاز الطبيعي يمثل 70% من العائدات الخاصة بالدولة”. ومضت تقول”تقع قطر بين قوتين عظميين في الخليج، السعودية وإيران، وتحتاج لقوة أكبر وأكثر صرامة من أجل حمايتها من نفوذ القوتين السابق ذكرهما، ولكن هذا لا يكون دون ثمن”. وتابعت بقولها “تستضيف قطر قاعدتين عسكريتين أمريكيتين على أراضيها، وتقول البرقيات الدبلوماسية المسربة عبر موقع ويكيليكس إن قطر تدفع 60% من تكلفة التواجد العسكري الأمريكي على أراضيها”. وقالت: بعد عام على الإطاحة بوالده من الحكم في عام 1995، أسس أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني قناة الجزيرة الفضائية الإخبارية، منح بعض رجال الدين السلفيين المتشددين الملاذ في قطر إضافة إلى الأموال الوفيرة عبر البطاقات البنكية، كان هدفه أن يخاطب هؤلاء الدعاة ما يقرب من 1.5 مليار مسلم حول العالم، لديهم المنصة الإعلامية والأموال، ولكن هناك ثمن لذلك. وأكدت أن الثمن هو “الصمت”، وقالت إنه يمكن لهؤلاء الحديث عن الأوضاع في الشرق الأوسط وإثارة الغضب في مصر وليبيا، ولكن لهم دور في أن تبقى تلك الثورات خارج حدود قطر، وإلا فإن المنصة الإعلامية ستتوقف وسيتم قطع الإمدادات المالية التي تساهم في رفاهية الحياة. وأشارت الصحيفة إلى أن جماعة الإخوان المسلمين قامت بحلّ نفسها تلقائيا في قطر عام 1999، ونقلت عن جاسم سلطان العضو السابق في الجماعة قوله إن قرار الحل جاء لأن دولة قطر تمتثل للشريعة الإسلامية. وكشفت الصحيفة العلاقة بين دولة قطر والنظام الحاكم في تونس حاليا والذي يأتي على رأسه حزب النهضة التونسي، وقالت إن وزير الخارجية التونسي رفيق عبد السلام كان رئيسا لوحدة الدراسات والأبحاث في مركز الجزيرة بالعاصمة القطرية الدوحة، كما أن والد زوجته، راشد الغنوشي، هو رئيس حزب النهضة التابع لجماعة الإخوان المسلمين في تونس. وأشارت الصحيفة إلى أن السياسة الخارجية لقطر شهدت تغيرا كبيرا فيما يتعلق بالتعامل مع الثورة الليبية التي ساندتها قطر بالأموال والسلاح، حيث شاركت طائرات قطرية في الغارات الجوية لقوات خلف شمال الأطلسي الناتو على ليبيا، كما انتشرت قوات قطرية خاصة برا في ليبيا، وقادت الليبيين في قتالهم ضد قوات القذافي. ونقلت الصحيفة عن مصطفى عبد الجليل، رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي، قوله إن نجاح الثورة الليبية يعود بشكل كبير إلى قطر، وأشار عبد الجليل إلى أن قطر أنفقت ما يقرب من ملياري دولار. وأضاف بقوله “لا يوجد أحد يسافر إلى قطر دون أن يعود بالأموال من الحكومة”. وأشارت إلى أن الاستثمارات القطرية في ليبيا تبلغ قيمتها 10 مليارات دولار، كما أنها وقعت اتفاقات جديدة مع ليبيا ب8 مليارات دولار عندما كانت الحرب لا تزال مستمرة هناك. وقالت إن الرغبة القطرية الواضحة في الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد تأتي من أجل إقامة نظام آخر ترأسه جماعة الإخوان المسلمين في سوريا، وهو هدف تدعمه تركيا أيضا. وأشارت إلى أن وجود نظام تابع للإخوان في سوريا سيمنح النظام الحاكم في قطر سلطة أكثر استماعا ويدا مفتوحة في دمشق. الجدير بالذكر أن قطر وقعت اتفاقات بقيمة 18 مليار دولار مؤخرا مع مصر خلال زيارة رئيس الوزراء القطري إلى القاهرة ولقائه مع الرئيس محمد مرسي ورئيس الوزراء الدكتور هشام قنديل.