تشهد كوريا الجنوبية أزمة سياسية غير مسبوقة بعد إعلان الرئيس يون سوك يول الأحكام العرفية، وإلغائها بعد ساعات، مما أدى إلى استقالات جماعية وانتشار دعوات لعزله. هذا التصعيد المفاجئ ألقى بظلاله على المشهد السياسي، وأثار تساؤلات حول طبيعة الإجراءات ودوافعها، وتأثيرها على الديمقراطية في رابع أكبر اقتصاد آسيوي. الأحكام العرفية: بين التبرير والاتهامات في خطوة صادمة، أعلن يون فرض الأحكام العرفية بذريعة "الدفاع عن كوريا الجنوبية في مواجهة كوريا الشمالية وحماية النظام الدستوري". ومع ذلك، اعتبر حزب المعارضة الرئيسي، "الحزب الديمقراطي"، هذا القرار انتهاكًا صارخًا للدستور، متهماً الرئيس باستخدام الطوارئ كذريعة لحماية السيدة الأولى من تحقيق فساد. وأشارت المعارضة إلى أن إعلان الطوارئ يفتقر إلى الأسس الدستورية المطلوبة، ما دفعها إلى التحرك السريع لتقديم طلب لعزل الرئيس، بالتزامن مع تهديدات بملاحقته قضائيًا بتهمة "التمرد". المعارضة في البرلمان: استعراض القوة يسيطر "الحزب الديمقراطي" وأحزاب المعارضة على الأغلبية في الجمعية الوطنية، مما يعزز قدرتهم على تمرير مشروع قانون العزل. وفقًا للدستور الكوري، يتطلب عزل الرئيس تصويت ثلثي الأعضاء في البرلمان، يليه موافقة المحكمة الدستورية بأغلبية ستة قضاة من أصل تسعة. هذه الخطوة تعد اختبارًا كبيرًا للمؤسسات الدستورية في كوريا الجنوبية، حيث يبرز سؤال أساسي: هل يمكن أن يؤدي الخلاف السياسي إلى إنهاء ولاية الرئيس؟ استقالات جماعية وإرباك في الحكومة الإعلان المفاجئ للأحكام العرفية أعقبه موجة استقالات في المكتب الرئاسي، مما يعكس حالة الفوضى الداخلية. استقال رئيس الفريق الرئاسي تشونغ جين سوك وعدد من كبار المسؤولين، في دلالة واضحة على الانقسامات العميقة داخل الحكومة. عودة القوات العسكرية إلى قواعدها بعد ساعات من الانتشار في الشوارع كانت تطورًا إيجابيًا، لكنها لم تمحُ القلق الشعبي والدولي بشأن تداعيات هذه الأزمة. أسباب خفية أم دوافع سياسية؟ فيما تسود التكهنات حول دوافع الرئيس، تتهمه المعارضة باستخدام الأزمة لتحويل الأنظار عن التحقيق الذي يستهدف السيدة الأولى كيم كيون هي، بشأن تلقيها هدية فاخرة بقيمة 2200 دولار، في انتهاك محتمل لقانون مكافحة الفساد. هذا التحقيق المرتقب يُضاف إلى قائمة التحديات التي يواجهها الرئيس، بما في ذلك الخلاف السياسي حول الميزانية العامة. ردود فعل دولية قلقة الأزمة السياسية في كوريا الجنوبية لم تمر مرور الكرام على الساحة الدولية. الولاياتالمتحدةواليابان، حليفتا سول، عبرتا عن قلقهما من تداعيات الأزمة. وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن رحب بقرار الرئيس إلغاء الأحكام العرفية، فيما تابعت اليابان الوضع "بقلق بالغ". ماذا بعد؟ يبقى السؤال الأهم: هل ستؤدي هذه الأزمة إلى عزل الرئيس، أم ستتجاوزها كوريا الجنوبية كما تجاوزت أزمات سابقة؟ ما هو مؤكد هو أن هذه التطورات قد أضعفت موقف يون، وفتحت الباب واسعًا أمام تساؤلات حول مستقبل الديمقراطية في البلاد. في بلد شهد التحول إلى الديمقراطية منذ الثمانينيات، يضع هذا النزاع السياسي المؤسسات تحت اختبار حقيقي. سيتابع العالم بحذر التطورات القادمة، بينما ينتظر الكوريون الجنوبيون استقرارًا سياسيًا قد يكون بعيد المنال.