افتتحت الجمعية المغربية للتواصل الصحي التي تأسست سنة 2010 مؤتمرها الوطني السادس بلغة "الضاد" يوم الجمعة 1 مارس 2024، بكلية الطب والصيدلة بمدينة أكادير عاصمة سوس، تحت شعار: " داء السكري من أجل رعاية صحية أفضل ". و ترأس هذا المؤتمر عميد كلية الطب والصيدلة بأكادير الدكتور عبد المجيد الشرايبي، إلى جانب الأستاذة وسيلة بويصار رئيسة قسم الأمراض الباطنية بالمستشفى الجامعي بأكادير، التي ترأست اللجنة العلمية، أما اللجنة التنظيمية فترأسها الأستاذ عمر مستعين رئيس قسم أمراض العيون بالمستشفى الجامعي بأكادير . و سيمتد هذا المؤتمر إلى غاية اليوم 2 مارس 2024، منهيا بذلك الحملات التحسيسية على أتم وجه، حيث ساهمت نخبة طبية إلى جانب فعاليات المجتمع المدني في توسيع دائرة المتلقين، بتنظيم حملة تحسيسية حول داء السكري دامت ثلاثة أيام قبيل انطلاق أشغال المؤتمر. و تميز هذا المؤتمر بتواجد نخبة من الخبراء والمختصين المغاربة في الكشف وعلاج داء السكري، الذين ألقوا محاضرات غنية باللغة العربية، بمشاركة فريدة لاتحاد جمعيات المجتمع المدني بجهة سوس ماسة المهتمة بداء السكري وتوعية المواطنين بأهمية الكشف المبكر عن هذا الداء وعلاجه، الشيء الذي شكل فرصة لفتح نقاش بين المختصين والخبراء في هذا الموضوع. هذا، و عرفت الجلسة الإفتتاحية تعريفا شاملا للقاتل الصامت "داء السكري"، من طرف عدنان العلوي الإسماعيلي طبيب عام بالقطاع الخاص بتمارة، و الذي أشار إلى أن "هذا المرض المزمن، يحدث عندما يعجز البنكرياس عن إنتاج هرمون الأنسولين بكمية كافية، الشيء الذي يؤدي مع مرور الوقت إلى الإضرار الخطير بالعديد من أجهزة الجسم، ولا سيما الأعصاب والأوعية الدموية". و أكد في ذات السياق أن داء السكري حسب احصائيات منظمة الصحة العالمية لسنة 2019، هو السبب المباشر في حدوث 1.6 مليون حالة وفاة، منها 48% قبل بلوغ 70 سنة من العمر، و سبب مرض الكلي الناجم عن داء السكري وفاة 460,000 شخص إضافي، كما يسبب ارتفاع مستوى الجلوكوز في الدم حدوث نحو 20% من الوفيات الناجمة عن الأمراض القلبية الوعائية. من جهتها قدمت إكرام دمن أستاذة بكلية الطب والصيدلة بأكادير مصلحة الغدد والسكري المستشفى الجامعي سوس ماسة، محاضرتها حول "وبائيات داء السكري"، حيث أوضحت أن "مرض السكري هو أحد الأسباب الرئيسية للوفاة في جميع أنحاء العالم، فالتقديرات تشير إلى أن 537 مليون شخصا يعيشون حاليا مع مرض السكري في جميع أنحاء العالم، وبحلول عام 2045 سيرتفع هذا العدد إلى حوالي 783 مليون، و من المتوقع أن يكون عدد الأشخاص المصابين بالسكري أكثر من الضعف في أقاليم إفريقيا وشرق المتوسط بحلول سنة 2025". وأكدت حسب منظمة الإتحاد الدولي، أن "من بين الدول العربية الأكثر انتشارا للسكري، تتواجد مصر في المقدمة ب 10.9 مليون، ثم السعودية ب 3 مليون، السودان 3.5 مليون، و المغرب ب 2.3 مليون". ودعمت محاضرتها بإحصائيات سابقة لوزارة الصحة المغربية، التي أكدت من جهتها أن "10.6% مصابون بالسكري أي 2.5 مليون بالغ؛ أغلبهم بين النساء، و 10.6% مقابل 8.6% بين الرجال معظمها في المناطق الحضرية، و 12.1% مقابل 8% في المناطق القروية". وأكدت ذات الإحصائية، أن "50% من مرضى السكر لا يعلمون بمرضهم 10.4% في حالة ما قبل السكري أي 2. 2 مليون، 33% من الناس يعانون من زيادة الوزن و 20% يعانون من السمنة". في حين قدم مروان جبران طبيب بمصلحة أمراض الكلي والتصفية الدموية المركز الاستشفائي الجامعي سوس ماسة، محاضرة فريدة من نوعها حول "اعتلال الكلي السكري"، إذ اعتبر أن "هذا المرض هو السبب الرئيسي للإصابة بالفشل الكلوي النهائي عالميا، وكذلك عامل خطر للإصابة بأمراض القلب والشرايين، مشكلا بذلك مصدر قلق كبير على الصحة العامة، بالإضافة إلى تداعياته على المستوى الإجتماعي والاقتصادي، فحسب إحصائيات نشرتها الرابطة المغربية لمحاربة السكري، فإن 15% من مرضى السكري يصابون بقصور كلوي، خاصة السكري من النوع الثاني، وربع من يخضعون لتصفية الكلي مصابون بمرض السكري". وشملت محاضرته مرحلة التشخيص والفحص، الذي أكد على إثرها أن "هذه المرحلة يجب أن تكون عادة سنوية منتظمة، ففي حالات داء السكر من النوع الثاني يوصى بالبدء في فحص اعتلال الكلية السكري فور تشخيص مرض السكري، و في معظم الأحيان يتميز هذا النوع بفترة صامتة سريرية تمتد لعدة سنوات، يصاحبها تكون المضاعفات، حيث أن حوالي 7% من المرضى مصابون بالفعل بالبيلة الألبومينية الدقيقة وقت التشخيص، بخلاف داء السكري من النوع الأول، والذي يبدأ البحث فيه عن اعتلال الكلية السكري بعد خمس سنوات من التشخيص". وقام بعدها عمر مستعين رئيس مصلحة طب العيون بالمركز الاستشفائي الجامعي سوس ماسة، على افتتاح محاضرته تحت عنوان "اعتلال الشبكية السكري"، و قال: " يعد اعتلال الشبكية السكري أحد أهم المسببات لحالات الإصابة الجديدة بالعمى في أوساط الشباب والفئات العمرية ما دون 50 عاما، وهو من سمات مرض السكري في كلا النمطين الأول والثاني على حد سواء، كما أنه يؤثر على كلتا العينين بطريقة غير متساوية، وقد يتسبب بحدوث تلف أو ندبة في شبكية العين لدى المصاب إذا غاب العلاج". و كشف عن الأسباب و العوامل المنتشرة، التي تؤدي إلى اعتلال الشبكية السكري، و قال: " إذا كان مستوى الغليكوز في الدم مرتفعا لفترة طويلة، فإنه يسبب اختناقا للأوعية الدموية الصغيرة في شبكية العين، الشيء الذي يفضي إلى إنماء أوعية دموية جديدة شاذة، يمكن لها تسريب الدم والسوائل إلى شبكية العين، مما يسبب في ظهور الوذمة البقعية المسببة لنقص في حدة البصر و تطور اعتلال الشبكية، و تجعل الرؤية ضبابية". و تابع: " تفاقم الحالة المرضية يسبب انسداد المزيد من الأوعية الدموية الشاذة، والذي قد تتسبب في نزيف أو تمزق أو انفصال الشبكية". وختم إسماعيل راموز رئيس مصلحة الصحة النفسية بالمستشفى الجامعي سوس ماسة كلية الطب والصيدلة بأكادير فعاليات اليوم الأول للمؤتمر الوطني السادس للتواصل الصحي، بمحاضرة تحت عنوان "مرض السكري والصحة النفسية"، حيث تطرق إلى كافة الجوانب النفسية المرتبطة بمرض السكري، وكذا التدابير النفسية المختلفة، التي يجب أن يقوم بها الممارسون العامون والأطباء المختصون. وأكد في حديثه أن "الدراسات الوبائية أظهرت أن مرض السكري يضاعف من خطر الإصابة بالاكتئاب، إذ يعاني حوالي 12% من مرضى السكري من الاكتئاب الشديد أي الاضطراب الاكتئابي الكبير، بينما 15 الى 35% يعانون من أشكال أخف من اضطرابات الاكتئاب، ويمكن أن تتراوح هذه الإضطرابات النفسية من انخفاض بسيط ومؤقت في المزاج إلى اكتئاب أكثر حدة، ويمكن ملاحظة أعراض نفسية أخرى مثل القلق وتدهور جودة الحياة". و واصل: " تظهر البيانات الحديثة أيضا أن وجود الاكتئاب في حالة مهيئه للإصابة بمرض السكري يزيد من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني. و أكمل: " تم تحديد عدة عوامل في هذا السياق بما في ذلك العواقب السلبية لمرض السكري على الأوعية الدموية الدماغية، والعوامل النفسية والاجتماعية والضغط الإجتماعي، وموقف مقدمي الرعاية ودعم الأقرباء، و عبء الأمراض المزمنة…، وفقا لمجموعة من الدراسات العالمية فإن التداعيات النفسية تعيق الإلتزام العلاجي، وأيضا تثني مرضى السكري عن اتباع نصائح الطبيب المعالج مثل اتباع نظام غذائي متوازن أو ممارسة نشاط بدني منتظم، كما أنهم يواجهون صعوبة أكبر في متابعة علاجهم بانتظام، ومن ناحية أخرى فإن العمل على تقبل المرض والقيود العلاجية يشبه إلى حد كبير العمل على الحداد بمراحله المختلفة، ويمر هذا التقبل عموما بمرحلة اكتئاب مؤقتة". و صرح في هذا الصدد الطبيب أحمد عزيز بوصفيحة أستاذ طب الأطفال ورئيس الجمعية المغربية للتواصل الصحي، و قال" نحن اليوم في المؤتمر الوطني السادس للطب بالعربية، وموضوعه السكري بكل جوانبه، وبحضور طلبة وأساتذة وأطباء والمجتمع المدني". و تابع حديثه: " هذا المؤتمر يعد من وسائل الإقناع بالإنجاز، فاليوم المحاضرات بالعربية كلها والتجاوب مع المشاركين من أساتذة وأطباء وممرضين وصيادلة وطلبة كان رائعا وكانت فرصة لمداخلات رؤساء جمعيات المجتمع المدني". و واصل: " الموضوع اليوم في هذا الصرح الكبير بكلية الطب والصيدلة بأكادير، هو موضوع يهم 10% من المغاربة، و الذي هو مرض السكري، ويعود الفضل في تنظيم هذا المؤتمر إلى عميد الكلية عبد المجيد الشرايبي ووسيلة بوصيار رئيسة اللجنة العلمية، التي سهرت على أن يكون المشاركون من كل المغرب بحيث لدينا خبراء من جميع المراكز المختصة، وكذلك طلبة منضوون تحت نوادي التواصل الصحي". من جهته صرح الأستاذ عبد المجيد الشرايبي عميد كلية الطب والصيدلة بأكادير وطبيب اختصاصي في أمراض الغدد والسكري والتغذية ورئيس سابق للجمعية المغربية لأمراض الغدد والسكري والتغذية، وقال في تصريحه لأكادير 24: " هذا المؤتمر السادس لجمعية التواصل الصحي، والذي ينعقد في كلية الطب والصيدلة بأكادير يومي فاتح و 2 مارس، والمحور الأساسي الذي يتطرق إليه هو داء السكري". و أشار إلى أن " مرض السكري هو مرض يمكن أن يكون صامتا، ف 50% من المرضى يجهلون أنهم مصابون بداء السكري، وأيضا يمكن أن يؤدي إلى عواقب من ضمنها اعتلال الكلي واعتلال العين، القلب والشرايين واعتلال الأعصاب، و يمكن أن يؤثر سلبا على جميع أنحاء الجسم، لهذا استدعي إلى هذا المؤتمر تلة من الأطباء والأساتذة معظمهم من كلية الطب والصيدلة بأكادير و أيضا من كليتي الطب والصيدلة بالرباط والدار البيضاء، فاس ووجدة". و أضاف : " تم تنظيم على هامش هذا المؤتمر، و قبل يومين، حملات تحسيسية لداء السكري وعواقبه، وكذلك الكشف المبكر وإرتفاع الضغط الدموي و اعتلال شبكة العين و اعتلال الكلي و مضاعفات أخرى…، و استفاد حوالي 500 مريض من هذه الحملة التي اشتركت فيها ثلاث جمعيات بتأطير أساتذة و تحت إشراف السلطات المحلية وكذلك بمشاركة المديرية الجهوية للصحة". و ختم كلامه قائلا: " و نظرا لنجاح هذه المبادرة، قررنا مع السيدة المديرة الجهوية للصحة، تسطير برنامج سنوي ليستفيد مرضى السكري ومرضى آخرون من هذه الكشوفات المبكرة لتجنب العواقب الوخيمة لهذا المرض على صحة الجسم". ياسمين اليونسي