يمتد سهل اشتوكة بمنطقة سوس جنوب المغرب، ويستقطب منذ اعتماد الدولة الفلاحة التصديرية خيارا اقتصاديا حديثا، رساميل أجنبية ووطنية للاستثمار في الفلاحة العصرية التي توجه جُل انتاجها نحو السوق الدولية. واستقطب موازاة مع ذلك عشرات الالاف من العمال المهاجرين الوافدين من مختلف مناطق المغرب، ومن بلدان افر بقيا جنوب الصحراء مع أسرهم، للاستقرار النهائي بقرى وبوادي والمراكز الحضرية الناشئة بالمنطقة. تعتبر الانشطة الفلاحية المصاحبة للدينامية الترابية لاشتوكة الوظيفة البارزة للمنطقة، لدرجة تكاد الأنشطة الزراعية والفلاحية التصديرية، وتسويق المنتجات ذات القيمة الانتاجية العالية والشغل الفلاحي والمشاكل الناجمة عن صعوبة ضمان استدامته، وما يترتب عن ذلك من توترات اجتماعية بين المشغلين والعمال الزراعيين، و احتقان الاوضاع الامنية وغيرها …هي العناوين البارزة التي تتناقلها الصحافة ومواقع التواصل الاجتماعي عن سهل اشتوكة. وفي غفلة من الجميع برز إلى الأفق صالون ابداعي يحمل اسم صاحب المشروع الثقافي الدكتور خالد العيوض بقرية ايت ميمون الهادئة وسط اشتوكة الغربية، هو منارة ومركز اشعاع ثقافي وفكري ابداعي ساطع في سماء سوس واشتوكة. في ظرف قياسي تمكن صاحب المشروع من تحويل بيت عتيق للأجداد عمره اكثر من قرن وربع قرن، إلى معلمة ثقافية بعبق تاريخي مميز، تستقطب المفكرين والادباء والشعراء والفنانين والمثقفين والمبدعين والرياضيين والعلماء والطلبة الباحثين والتلاميذ والأطفال المتمدرسين من مختلف الاعمار…من داخل التراب الوطني ومن خارجه. واضحى الصالون الثقافي والإبداعي حديث الجميع بالمنطقة بفضل، أولا طبيعة وجودة المنتوج الثقافي الجاد والهادف والقضايا المثارة للنقاش بالصالون، وثانيا بعمق الدلالات الرمزية لهذا المشروع الثقافي الذي حول قرية ايت ميمون الهادئة الى وجهة علمية مطلوبة بقلب اشتوكة. ومن حسنات هذه المعلمة الفكرية والثقافية ما يلي: – هو صرح ثقافي بإمكانيات مادية ذاتية متواضعة لكن بإمكانيات فكرية طموحة لا حدود لها، اظهرت وما تزال للمتتبع المحلي والوطني المتخصص وغير المتخصص ما تزخر به اشتوكة من طاقات ابداعية في كل مجالات الثقافة والابداع الفني والرياضي والتشكيلي والادبي.. كما اسهمت في ابراز الوجه الاخر لاشتوكة وسوس العالمة التي انجبت مفكرين وعلماء وادباء وشعراء في الازمنة السابقة للتدخل الاستعماري والتحول الى عهد الزراعة التصديرية الرأسمالية. – هو معلمة فكرية تضاهي في ما تقدمه من أنشطة ثقافية وفنية ما يعرض من انشطة بمختلف المركبات الثقافية ودور الشباب وقاعات الفكر المنتشرة بالمراكز الحضرية الناشئة باقليم اشتوكة ايت باها، تُكمل أدوارها الثقافية دون أن تنافسها، اعتبارا لكون الفعل الثقافي بالمنطقة في مسيس الحاجة الى تقعيد مؤسسي يرسخ للنشاط المستدام بدل النشاط المناسباتي المنظم وفق جدول أعمال تضعه جهات لبلوغ اهداف تسعى لتحقيقها كل عام. – هو صالون ثقافي يستجيب لطموح كل الفئات العمرية وكل الأجيال، تتنوع انشطته وتستهدف الطفل والمرأة والفتاة القروية والشباب، كما يفتح الصالون أبوابه لفئات اجتماعية وصلت الى اشتوكة مؤخرا، ويتعلق الامر بالمهاجرين الوافدين من بلدان افريقيا جنوب الصحراء الدين يقصدون الصالون بمبادرة منهم أو بدعوة من صاحبه للاستفادة من الحقوق التي يمنحها المشرع المغربي لهؤلاء المهاجرين، بتوجيه من الاستاذ خالد العيوض الذي يشغل الى جانب اهتماماته وانشغاله بالثقافة المحلية وتخصصه في الجغرافيا البشرية، مهمه بالمجلس الجهوي لحقوق الانسان. في المجمل يمكن القول إن هذا الصرح الثقافي المميز في قلب اشتوكة، هو صالون مفتوح في وجه العموم، وأن انشطته الجادة والهادفة التي تنظم بشكل شبه يومي – بالإضافة الى انشطة صروح ثقافية اخرى- اظهرت بما لا يدع مجالا للشك، أن اشتوكة ليست مجال فلاحة وخضر وفواكه للتصدير والتسويق فقط، بل ارض فكر وثقافة وابداع حديث وعريق. بقلم ذ. الحسن فركاكوم: ذ مادة الاجتماعيات – بيوكرى. اشتوكة ايت باها.