قد يكون الوزن الزائد مشكلة يعاني منها نسبة كبيرة من البشر في العالم، ولكن الغريب أن تصل الشراهة بالأكل إلى تناول الإسفنج بكميات كبيرة، هذا ما يعاني منه الطفل هادي سيد البالغ من عمر 16 عاماً، والذي يسكن في مدينة جازان بالسعودية. زيادة غريبة ومفاجأة في الوزن "لاحظنا زيادة غريبة ومفاجئة في وزن ابني، حيث إنه تخطى 120 كلغم، وهو وزن كبير لا يتناسب مع عمره، وسبب له مشاكل صحية واجتماعية كثيرة"، هذا ما قاله والد الطفل هادي في حديثه ل"هافينغتون بوست عربي". ويضيف "ابني مصاب بحالة شراهة في الأكل، وذلك عائد لتناوله الإسفنج، فهو يلتهم وسادة نومه ومرتبة سريره، وهو الآن عاجز عن الحركة بالصورة الطبيعية ولا يستطيع ممارسة أي نشاط كباقي أشقائه". ويتابع "أخشى أن تسبب له هذه الحالة المرضية انسدادات في جهازة الهضمي، حيث إننا حاولنا جاهدين منعه، إلا أننا لم نفلح، بل إن حالته تسوء مع مرور الأيام. وأوضح والد الطفل بأنه لجأ للطب الشعبي في محاولة لعلاج ابنه، فهو لا يستطيع دفع التكاليف الباهظة للعلاج، مناشداً وزير الصحة وأهل الخير في السعودية التكفل بعلاج ابنه وانقاذه. مرض بيكا استشاري جراحة السمنة والمناظير الدكتور نايف العنزي، أوضح ل"هافينغتون بوست عربي" أن هذا النوع من الأمراض يأتي بسبب اضطراب في الأكل لدى الأطفال والمراهقين، ونسبة بسيطة تكون لدى الكبار. ويقول العنزي "يعرف هذا المرض باسم مرض بيكا"، وهو اضطراب يصيب المريض، فيجعله يعاني من شهية مفتوحة بشكل كبير، وهذه الشهية تكون إما للرغبة في أكل أشياء غير قابلة للأكل ولا للهضم وغير مألوفة اجتماعياً وثقافياً، كأكل الإسفنج والمراتب والورق والشعر والتراب والطين والفحم، وهو أشبه بالوحم الذي يصيب النساء الحوامل فيدفعهن لأكل الفحم والطين. ويضيف العنزي أنه قد يصاب البعض بحالة مماثلة، حيث تكون لديهم شهية مفتوحة غير طبيعية لبعض الأشياء التي يمكن أن تعتبر من مكونات الطعام مثل الأرز والنشا والثلج والدقيق، وبالتالي يصل الشخص مع الوقت إلى مرحلة من السمنة المفرطة، التي تستدعي التدخل والعلاج لمسببات هذا المرض بالإضافة إلى علاج مضاعفاته. الطبيب السعودي تقدم بمبادرة شخصية لعلاج الطفل، لكنه ينتظر الحصول على موافقة وزير الصحة، بالإضافة إلى موافقة المستشفى التي تتبنى علاجه. الدراسات المتعلقة بالإضطراب وحسب العنزي، فإن الدراسات التي تتعلق بهذا الإضطراب قليلة على مستوى العالم، و ملخصها أن المرض ينتشر بشكل متساوٍ بين الذكور والإناث، ولكن يندر وجوده بين المراهقين والذكور البالغين. وهنالك دراسات أخرى تشير إلى أن 25% – 33% من الأطفال الصغار يعانون من تناول الأشياء غير المأكولة، كما أنه يشكل ما نسبته 20% في الأطفال الذين يعانون من مشاكل فكرية، وهناك دراسة قديمة في السعودية قبل 30 سنة، أكدت أن النساء الحوامل يعانين من هذا الاضطراب بنسبه 9٪. الأسباب المؤدية للأصابة بالمرض وتلعب الإصابة بالأنيميا وسوء التغذية، دوراً كبيراً للإصابة بالاضطراب، بالإضافة إلى نقص الحديد ونقص المعادن كالزنك ونقص بعض الفيتامينات كفيتامين سي والكالسيوم. وقد يكون السبب نفسياً واجتماعياً، حيث إن الحرمان العاطفي من قبل الوالدين للطفل قد يسبب هذا الاضطراب، بالإضافة إلى الوسواس القهري، وقد يكون التخلف العقلي سبباً آخر. المخاطر الصحية للمرض ويوضح العنزي خطورة المرض، مشيراً إلى أنه يسبب انسداداً معوياً، فحينما يأكل الطفل بعض المواد غير القابلة للهضم، قد يسبب ذلك نزيفاً حاداً، أو انسداداً بالأمعاء، وبالتالي يحتاج إلى تدخل جراحي في بعض الأحيان ويكون بصفة عاجلة. وقد تصل مخاطره للتسمم عن طريق أكل بعض المواد الكيميائية السامة، أو التي تحتوي على نسبة عالية من الرصاص، وهذا يؤدي إلى مشاكل في الجهاز العصبي والقلبي، عوضاً عن زيادة الوزن ومضاعفاتها. علاج المرض ولا يوجد علاج ثابت وفعال لهذا المرض، فكل حالة تختلف عن الأخرى، ولكن بشكل عام يتم تقييم المرض من كافة الجوانب الطبية والنفسية والاجتماعية والبيئية، ويكون الهدف الأساسي الأسباب العضوية المرضية، وبالتالي معالجة أي مشاكل في الأملاح والمعادن والفيتامينات، بالإضافة إلى عدم إهمال العلاج السلوكي والنفسي والاجتماعي والتوعوي، والذي بدوره يخفف من أعباء وضغوط الاضطرابات الصعبة. ويضيف العنزي أن العلاج الآخر يكون عن طريق علاج السمنة، وهو ينقسم إلى العلاج غير الجراحي والمتمثل في التقليل من السعرات الحرارية والالتزام بنظام غذائي، مع المحافظة على التمارين الرياضية بشكل يومي. والقسم الآخر العلاج الجراحي، والمتمثل في عمليات التكميم وهي من العمليات التي تتم بالمنظار عن طريق فتحات صغيرة تجميلية في جدار البطن، حيث أثبتت نجاحها بشكل كبير في السنوات الأخيرة، في التخلص من الوزن الزائد وفي علاج مضاعفات ومشاكل السمنة كالسكر والضغط والكليسترول وانقطاع النفس أثناء النوام.. إلى غيرها من المشاكل الصحية نتيجة السمنة.