في أجواء مشمسة ، ودرجة حرارة ربيعية اصطف، اليوم الجمعة، الآلاف من تلامذة المؤسسات الدراسية العمومية والخاصة التابعة لنيابة التعليم بأكادير، يتقدمهم مجموعة من المؤطرات والمؤطرين الذين سهروا على تدريب وإعداد أطفال في عمر الزهور لإحياء الذكرى الأربعين لانطلاق المسيرة الخضراء المظفرة. في ساحة الأمل، الواقعة في قلب أكادير، مدينة الانبعاث، التي أعطى فيها جلالة المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراه في نونبر 1975 إشارة انطلاق المسيرة الخضراء لتحرير الأقاليم الجنوبية للمملكة، اصطفت أيضا حشود غفيرة من ممثلي المنظمات المدنية، والجمعيات الرياضية ، وغيرها من الهيئات المنتمية لمختلف أحياء مدينة أكادير للمشاركة في "المسيرة الرمزية" المنظمة بمناسبة الذكرى 40 للمسيرة الخضراء. تزين التلاميذ والتلميذات بأجمل ما توفروا عليه من أزياء عصرية وتراثية، حرصوا على أن يكون لباسهم معبرا عن التنوع المتناغم الذي يميز المغرب في ثقافاته، وفنونه، وتشكيلته المجتمعية، ولغاته، والموحد في انتمائه لبلد شعاره: الله الوطن الملك. امتلأ فضاء ساحة الأمل بالنبرات الصوتية المرددة للنشيد الوطني الذي شكل توطئة لانطلاق هذا العرس الاحتفالي الذي أحيى في عقول وأفئدة الأطفال المغاربة حدثا تاريخيا، رسم جزءا أساسيا من مسار التاريخ الحديث للمغرب المعاصر، وهو حدث المسيرة الخضراء الذي مكن المغرب من استعادة جزء هام من ترابه الوطني من قبضة الاستعمار. وبما أن المسيرة الخضراء كانت أداة سلمية لاستعادة الصحراء، فقد أطلقت أسراب من الحمام وسط ساحة الأمل ،حيث تكتسي هذه الإشارة دلالات عميقة ومعبرة عن تشبث مختلف فئات الشعب المغربي بالسلم والمحبة، وبالقيم الإنسانية الرفيعة التي كان المغرب على الدوام من المدافعين عنها، كما كان ولازال حريصا على جعلها حاضرة في تعامله داخليا وخارجيا. على نغمات الأناشيد الوطنية والأغاني الحماسية المخلدة لحدث المسيرة الخضراء المظفرة، أعطت السيدة زينب العدوي، والي جهة سوس ماسة عامل عمالة أكادير إداوتنان، إشارة الانطلاقة ل"المسيرة الرمزية" التي جابت عددا من شوارع مدينة أكادير في انتظام بديع، شد إليه أنظار ساكنة مدينة الانبعاث، وزوارها من السياح المغاربة والأجانب الذين كانوا ماسكين بأجهزتهم الالكترونية لالتقاط صور لهذه المشاهد البديعة المخلدة لحدث عظيم في التاريخ الحديث للأمة المغربية. توالت أفواج المشاركين في المسيرة الرمزية تحت زغاريد النساء، وتصفيقات الحاضرين من مسؤولين محليين وجهويين، وسلطات مدنية وعسكرية، ومنتخبين، وأفراد الجالية المغربية المقيمين بالخارج، وعموم المواطنين الذين حجوا إلى ساحة الأمل للمشاركة في الاحتفاء بالذكرى الأربعين للمسيرة الخضراء المظفرة. إلى جانب أطفال المدارس ، شارك في "المسيرة الرمزية" لأكادير ، رواد الأندية الرياضية، وجمعيات فنون الحرب، ونوادي الأحياء، وحضر أيضا عدد ممن شاركوا سنة 1975 في المسيرة الخضراء حيث استحضروا عظمة وشرف مشاركتهم في المسيرة السلمية التي أعادت الأقاليم الجنوبية إلى الوطن الأم. وكما كانت الدول الشقيقة والصديقة حاضرة ضمن المشاركين في المسيرة الخضراء في نونبر 1975، كانت بعض هذه الدول حاضرة أيضا في "المسيرة الرمزية" لأكادير، خاصة الدول الافريقية التي شارك عدد من مواطنيها المقيمين في أكادير في مسيرة اليوم، حاملين أعلام بلدانهم، معبرين بذلك عن عرفانهم وتأييدهم لوحدة المغرب الترابية، ودور المغرب في توطيد أواصر الأخوة والصداقة بين دول وشعوب القارة السمراء.