عندما تثار مسالة الامازيغية في وطننا الحبيب،نجد دائما حساسية غريبة لهدا الموضوع من جهات مختلفة، مع ان الامازيغية واقع جدري في وطننا الحبيب،مما يظهر ان الامراكبر بكثير من مجرد الجدال حول لغة وطنية بصريح الدستور، اد يتعدى دلك الى جدال حول هوية ووجود الانسان الامازيغي، عندما كنت صغيرا كنت اسمع عبارات تنقيص واهانة كغيري من الامازيغ، كانت بوادر العنصرية متغلغلة جدا في اوساط الاطفال انداك، بل حتى الكبار والا اين تعلم الاطفال، فكان المغربي الدي يعتبر نفسه عربيا لا يكف عن القدح والتشهير بأخيه الامازيغي، خلتها انداك براءة الاطفال، لكن تلك التنشئة على اهانة الامازيغي كبرتمع البعض، وكنت اظنها ستقف في حدود طفولتهم، كبر اولئك الاطفال ، اصبحوا رجالا ونساء ربما اعتلوا مراكز اجتماعية مرموقة، لكن فكرة معاداة الامازيغية ظلت في عقلهم الباطن، وبدات تخرج الى عقلهم الواعي كلما صدح الامازيغي بحقه في لغته وفي هويته، فمن الوهلة كانت الدولة وسياستها غير بريئة بالمرة في هده الثقافة الاقصائية، فكرست اعلاما اقصائيا لهوية اثر من نصف المجتمع، وكرست تنمية جغرافية اقصائية لمناطق امازيغية مغربية، وبدات أتأكد مرة اخرى ان ثقافة اقصاء الامازيغي لم تكن مجرد نزوة بل متجذرة في وعي الانسان العربي المغربي، رغم ان الامازيغية مغربية ورصيد لكل فئات المجتمع، ورغم انها تتعايش مند الاف السنين مع الجميع، فعندما طرحت مسالة ترسيم الامازيغية كلغة وطنية تعالت اصوات منددة، ورفعت فئات عقيرتها محتجة، وحشدت همم للحلول دون دلك، وساقت مبررات واهية، منهم من خاف على اسلام الدولة ومنهم من قال فلتكن لغة ثانوية، لا لشيء سوى للحقد الدفين المخزن في العقل الباطن كما اسلفت، ونسي كل هؤلاء انه لا يمكن الغاء الواقع، وانه لا يمكن تغطية الشمس بالغربال، فالمغرب امازيغي كما هو عربي، وان الامازيغ هم الانصار الدين استقبلوا الاسلام من المهاجرين العرب الاوائل، وتشبت الامازيغي بإسلامه اكثر من العربي الدي حمله اليه، ويبرر الاخرون بان العربية هي لغة القران ولغة الجنة، اي نعم، ولكن اينها تلك اللغة العربية، في المجتمع وفي المدرسة، اين علومها، لقد شوهوها الى لهجات تختلف من قطر لأخر، واين هو اسلام العرب اليوم، لقد تجردوا منه الى اهواء ما انزل الله بها من سلطان، وصمموا الديانة لإرضاء نزعاتهم وللسيطرة على البلاد والعباد، فهؤلاء لا يدكرون القران الدي هجروه الا عندما تدكر الامازيغية، ونسوا ان الامازيغ اكثر من اهتم بالقران في هدا البلد الحبيب، واكثر حفظا له، وما كثرة المدارس الدينية العتيقة في سوس الرائع الا برهان ساطع، وما كثرة علماء سوس الا حجة دامغة، فاين هؤلاء الدين يعادون الامازيغية بدعوى الاسلاممن القران الدي ارسله الله الى العالمين وليس للعرب، فاكثر الدول تشبتا بالإسلام هي الناطقة بغير العربية واكثر علماء المسلمين هم الاعاجم، فاند ونسيا وماليزيا وغيرها لا تتكلم العربية ومع دلك فالإسلام عندهم ظاهر والقران حاضر، ولينظر هؤلاء الى واقع الدول العربية هل تخالها اسلامية. ادن تلك حجة واهية،انما الحقد الاعمى الدفين، لان اللغة الامازيغية ثقافة وهوية ووجود ونمط عيش وحضارة، ولان الاخر الاعرابي يضيق صدرا بما يجهله، عوض ان يحاول ان يتعلمه، ويختنق حين يرى من يخالفه ثقافة وهوية، خاصة ادا كانت تلك الثقافة والهوية ارقى من دجله وخرافته، التي يحملها العروبي بين احضانه. هكذا بان مرة اخرى ان العنصرية التي شممنا رائحتها العفنة ونحن اطفال كبرت، وانه لازالت هناك حواجز نفسية واجتماعية للتقريب والقبول بالاختلاف، وقد يقول البعض بان تلك العنصرية متبادلة بين المغربي العروبي والمغربي الامازيغي، ربما، لكن عنصرية الامازيغي ان صح تسميتها عنصرية اتجاه اخيه العروبي المغربي هي مجرد ردة فعل، والفعل هو المسؤول وليس ردة الفعل خاصة ادا كان الفعل اشنع في الاقصاء والتهميش على كل المستويات. بل حتى النخبة السياسية التي من المفروض العمل على اصلاح هدا الخلل الاجتماعي في وطننا الحبيب تزكي هدا التباغض وتباركه، فبمجرد طرح الفنانة الامازيغية والنائبة البرلمانية السؤال باللغة الامازيغية التي هي لغة رسمية كما العربية تحت قبة البرلمان، تعالت قهقهات وتصفيق غير بريء واحتجاج صاخب، وكان الامر كارثة كبرى وازمة عويصة، في حين ان النائبة المحترمة مارست حقها في اطار الدستور والقانون في بلدها بلغتها وثقافتها. من جهة اخرى قد تبدو الخطوات الحالية ايجابية للحد من هدا المرض الاجتماعي في مغربنا الحبيب، لكن الامر ليس بالسهل اد يحتاج اعادة الى اعادة انشاء الاجيال على قيم التعايش، فالمسالة نفسية واجتماعية بل واخلاقية، اد لا يكفي ترسيم الامازيغية كلغة رسمية بل الايمان بها كرصيد مشترك وكهوية وواقع لا محيد عنه، فاللغة الفرنسية مثلا ليست لغة رسمية ولا وطنية ومع دلك فهي لغة الدولة الاولى في الادارات، في الاعلام، في المدارس بل غزت كل مناحي الحياة المغربية، والسبب ان الاستعمار حفر لها جدور من الصعب ان تقتلع، ولازال يسقيها وينميها بشتى الوسائل، فلمادا لم يحتج اولئك الدين تنتفخ اوداجهم بمجرد سماع الامازيغية على هده اللغة الدخيلة على المجتمع، فالعلم ليست له لغة انما العلم من يصنع اللغة، والامم ازدهرت بلغتها وثقافتها، لا بهوية غيرها. فادا اردنا ان نصنع امة متقدمة فالأجدر بنا الاستثمار في البحث العلمي بشتى انواعه وبلغة الوطن التي هي العربية والامازيغية، التي هي الهوية والتاريخ، فلا حجة لمن يدعي ان العربية هي المهيمنة على المجتمع، فالجزء الكبير من المجتمع المغربي لا يفهم العربية بل حتى اولئك المدعين للعروبة لا يفقهون منها الا النزر القليل، ولست هنا بصدد مناقشة اي اللغات اصلح، لان الاصلح هي لغة الوكن ولغة الناس التي يجيدونها، ولان لغة الوطن هي الهوية والهوية هي الانسان ومتى فقد الانسان هويته فهو عدم وان ظن انه حي، فالأجدر بسياسيينا ومجتمعنا ان تسود بيننا قيم التعايش والوحدة الثقافية التي تجمعنا بوحدة ارضنا الحبيبة المغربية، وان لا يهين احدنا الاخر، فان تحدثت الفنانة والسياسية الامازيغية في المؤسسة التشريعية بالأمازيغية فهو امر عادي في بلد اكثر من نصفه امازيغي فهناك من لا يفهم اللهجة العربية المغربية التي يتحدث بها نواب الامة، افليس من حق هؤلاء ان يسمعوا ولو للمرة الاولى لغتهم داخل مؤسسة تشرع لهم وتتكلم باسمهم ولفائدتهم. ان الاوان ادن ان نمحو تلك النظرة الدونية للإنسان الامازيغي التي خالطت عقول الكثيرين، وان لإعلامنا ازالة تلك الصورة التي كرسها عن الامازيغ من كونهم مجرد فلكلور وجبال، وان الاوان للدولة ان تنمي المناطق الامازيغية التي هي مناطق مغربية بشكل متوازن ومتوازي مع المناطق الاخرى، فالمشاريع العملاقة تحتاجها ايضا مناطق سوس والاطلس والريف، اد لا يكفي احداث تعاونيات ميكروسكوبية من صندوق المبادرة الوطنية لنقول باننا اعطينا تلك المناطق حقها من النمو، فالوطن واحد والهوية واحدة والدين واحد، فلما يهين بعضنا بعضا، اقول لمن يقفون امام الامازيغية كفى، وكفى من تربية النشء على الحقد المجاني وكفى من تهميش جزء كبير من هويتنا ووطننا الحبيب، كفى ، كفى.