أن تحلم و تحلم ظنا من تحققها ذات يوم، أمر رائع! يعطي للنفس البشرية الأمل و القوة للمضي نحو الأمام، بثقة و اعتزاز، و يشعرها بالسعادة الداخلية، فالذي يحلم لا يرى إلا أحلامه، لذا تراه دائما مبتسما و متفائلا، حتى لغته تختلف عنا فهي تفوح بعطر الأمل، فتسمعه دائما يقول سأفعل كذا و سأفعل كذا… و هكذا تستمر معه الحياة. قد يحققها بكل سهولة، و قد يحققها فقط بتلك القوة التي استمدها من أمله في الوصول، فعلماء النفس كثيرا ما يقولون أن الأمل في النجاح هو في حد ذاته نجاح، و قد يصطدم بجدار الواقع و هو في طريقه إليه و آنذاك، هناك احتمالين : قد يسقط أرضا مباشرة، و قد يرجع للوراء حيث انطلق و كأنه لم يمضي بعد. كلاهما في وضع صعب، فالذي سقط أرضا يحتاج إلى الكثير و الكثير ليعيد النهوض و قد يأخذ منه وقتا هذا إن لم يعلن استسلامه يوم سقط، أما الأخر فسيتألم لأيام أو ربما لشهور ظنا منه أن الواقع خذله أو ربما لم يخطط جيدا، فتراه يمضي مجددا بعد مراجعة لنفسه و لأحلامه و خططه أيضا إما بالسير في الطريق نفسه أو قد يغير اتجاهه، لكن يبقى ذاك الحلم هو نفسه المراد. على هذا النحو تسير بنا الحياة و ها نحن بخطى متثاقلة نتبعها، تتقاذفنا أحيانا كالأمواج و تلاعبنا أحايين أخرى دون أن ندري إلى أين هي ستأخذنا؟ و يبقى الأهم، كيف نحن سنعيش في هذا الواقع الهائج؟، و بأي طريقة سنستمر بالعيش فيه؟ و قد صافعنا مرات، فراحت الصفعة، لكن ألامها يبقى مدى الحياة نحسه و نشعره في دواخلنا، والزمن وحده كاف لمنحنا شهادة النسيان، فحتى هو النسيان يحتاج إلى تكوين! أما الواقع فسيظل واقعنا دوما رغم كل ما أصابه من داء و تشويه، سيظل دائما هو ذاك البحر الذي نسبح فيه، بعض منا سينجي نفسه و البعض الأخر سيستسلم للغرق، أما الآخرين فتراهم دائما ما يحاولون كلما غطسوا إلا و طلعوا، و هكذا يستمرون يحاولون و يحاولون، حبا لأنفسهم و رغبتهم في العيش، و حتما البحر سيسأم من محاولتهم ذات يوم وسيحررهم أكيد، هكذا هو الواقع تماما، لذلك فلنحلم و نحن ننظر إليه، فهكذا على الأقل لن يخذلنا لأننا بنيناها على أساسه، فلنحلم مع كل رمشة عين دون أن نغلقها هروبا أو خوفا من الواقع، ففي النهاية نعيش فيه و محاولة خير من لاشيء، و لتكن أحلامنا بسيطة و أن لا تكون أكبر منا و ليكن شعارنا الصبر ثم الصبر مع المحاولة دوما، و حذار من الاستسلام و إلا سنسقط أنفاسنا و أحلامنا معا، في بئر عنوانه "خلقت الأحلام كي لا تحقق " فلنحلم إذن، و نحن على دراية بأنها قد تتحطم يوما و ليكن لنا تصور احتمالي لكيفية تدبير وضعية التحطم تلك، فهكذا مع كل صفعة سنكون أقوياء سنكون قادرين على العيش و على النهوض، فيكفينا أن تلك المحاولة تمدنا بأوكسجين العيش في هذا الواقع المريض.