تشكل الاثار التاريخية في دائرة بإفران الاطلس الصغير ، ذاكرة ثقافية ، و خزانا تاريخيا ، يرف داخله جملة من الاحداث ، و الوقائع التاريخية ، لا شاهد عليها اليوم إلا تلك الاثار التي يدق ناقوس الخطر فوق أطلالها ، لعل قسوة قلب المسؤولين في تلك الربوع تلين لصوت تلك الكنوز . في ظل هذا الوضع، وفي الوقت الذي نجد فيه كل المدن والمناطق الأخرى تصُون مآثرها ومعالمها وتُخصّصُ لها ميزانيات الترميم والإصلاح والتعريف بها، نجد العكس من ذلك تماما هو الحاصل على مستوى جماعة افران الاطلس الصغير باقليم كلميم ، حيث ظل الطابع الذي يميز التعامل مع هذا الموروث التاريخي هو العبث بذاكرتها وتعرضها للحفر أو الهدم والضياع والتدمير (نموذج التكنة العسكرية القديمة و مرافقها ). أو أنها تعرضت للتطاول تحت ذريعة إقامة مشاريع سياحية، وكأن المشاريع السياحية والاقتصادية لا تتحقق ولا تُنجز إلاّ على حساب طمس المعالم التاريخية لهذه المنطقة. علاوة على العديد من البنايات والقصبات الأخرى (قصبة مولاي اسماعيل ،…) التي كان مصيرها الضياع والإهمال. فإذا كانت المشاريع السياحية والاقتصادية أساس التنمية، فإن هذه الأخيرة لا يمكن أن تتحقق على حساب هدم المعالم التاريخية وتدمير البنايات والمواقع الأثرية والتي آلت إلى وضعية خطيرة على قلّتها حيث لم يتبقى منها سوى الخراب وركام الأحجار . خلاصة القول انه مما لاشك فيه ، ان كل من استطاع اليوم ان يدعوا او يساند او يصمت او يخرب ، بناءا او معلما دو قيمة معمارية او تاريخية او فنية او سياسية او بيئية او اجتماعية او دينية …، يستطيع أن يخرب كل مظاهر الحضارة غدا بل و ان يبيع افران في أي مزاد بابخس الاثمان . اقول هذا ايماننا مني ان هناك ضرورة ملحة ، تقتضي تدخلا عاجلا لانقاد ما تبقى من المعالم التاريخية بدائرة بإفران الاطلس الصغير اولا ، و متابعة كل من ساهم في تخريب او هدم و لوا جزءا يسيرا من هذه المعالم ثانيا ، لأنه خرب جزءا كبيرا من الذاكرة الثقافية و السياسية و الدينية للمنطقة .وبناءا على كل ما سبق ، فإننا نعتبر المسؤول الاول عما لاحق هذه المعالم التراثية من خراب واهمال وهدم ،هما الماسكون بتسيير دواليب الادارة المحلية من سلطات محلية و مجالس منتخبة . و هنا نشير ان مجال افران الاطلس الصغير بتقسيماته الاربعة التاريخية تزخر بالكثير من المعالم ، و التي لم يرمم و لم يبق الا قليلا منها شاهدا على تاريخ المنطقة ، بما في دلك التاريخ العسكري و الديني . فالمجال يزخر بالعديد من البنايات التاريخية كالثكنة العسكرية و مرافقها و القيادة القديمة و قصبة احدادو و اكادير نتباحنيفت ….. الخ ، و التي تعد اليوم اثارا تاريخية تحفظ تاريخا عسكريا و استعماريا ، و مقاومتنا . والامر نفسه يقال عن الكثير من المرافق الدينية كالمساجد و المدارس العتيقة التي تحفظ تاريخا عريقا من الذاكرة العلمية و الدينية المحلية. بيد انا الملاحظ اليوم ، هو انا تلك المعالم تتعرض لعملية اهمال و تخريب مستمرة و ممنهجة ، فقد تم هدم بعض المرافق العسكرية لتشيد الطرق الثانوية إرضاء للهواجس السياسوية ، و يثم اعداد مشاريع في الكواليس لتفويت البقية للخواص و حرمان الساكنة من تاريخه الذي لا يقدر بثمن . فيكفي المرء ان يدخل اليوم الى بناية تاريخية خلفها الاستعمار ، و تحولت في ظل الاستقلال الى قيادة لكي يعرف مباشرة حجم الاهمال التي لحقت هاته المعالم . و هو الامر نفسه مع المرافق الدينية حيت ثم هدم مساجد يفوق عمرها ثمانية قرون ليتم تشييد مكانها بنايات اسمنتية و كذلك ثم تخريب الملاح اليهودي بدعوى خلق مشاريع سياحية . و كم يكون الوقع مؤلما عن النفس السوية إن تجراءة و سالت المسؤولين المحليين عن الواقع المؤسف لهده المعالم العسكرية و الدينية ، حيث ستكتشف حجم جبروت و مخططات هؤلاء المسؤولين الطغاة ضد هذه المعالم ، مخططات الهدم او التفويت في احسن الاحوال . لقد بقيت بعض تلك المعالم التراثية صامدة امام قساوة الطبيعة ، و جبروت المسؤولين الطغاة ، و هو ما يجعلنا نرسل من خلال موضوعنا هدا المتواضع دعوات ، و طلبات الى المهتمين محليا ووطنيا و دوليا ، بما في ذلك منظمات المجتمع المدني المهتمة و المتخصصة في حماية الاثار و التراث الثقافي ، للتدخل قصد و قف الجرائم الثقافية بالمنطقة . بيد ان اكثر ما يحز في النفس و نحن في حوار مباشر مع هده المعالم التاريخية بالمنطقة ، ان زمرة من الاشخاص يؤسسون جمعيات تعمل على تمويل انشطة و ولائم سياسوية بميزانيات ضخمة من المال العام و بدعم من من بعض الكائنات الانتخابية ، هؤلاء المسؤولين عن هذه الجرائم الثقافية .