أوشكت السنة الدراسية على الانتهاء وستتوج الآن بالامتحانات التي أقبل عليها الطلاب بالمراجعة والحفظ والسهر وشرب الشاي والقهوة بكثرة، وأود في هذه العجالة أن أسدي بعض النصائح إلى كافة الطلاب في جميع المراحل الدراسية. أولا وقبل كل شيء، يعرف الجميع أن النظام التعليمي في المغرب وفي جميع الدول العربية مريض مرضا عضال، وهذه الحقيقة لا يجهلها حتى الطلاب الذين هم مادة العمليات التي تقوم بها الانظمة التعليمية. وانطلاقا من هذه الحقيقة ومعضلاتها ومعرفتها،فليترك الطالب وأهله في الوقت الحالي التشاكي وانتقاد النظام التعليمي جانبا وينطلقوا من مبدأ ‘إن لم يكن ما تريد، فأرد ما يكون'، وهذا هو الواقع. يحتم هذا المبدأ العمل والتركيز في الظرف الحالي على بناء استراتيجية النجاح في الامتحانات التي يقدمها النظام الحالي واجتيازها باستحقاق ولم لا محاولة الحصول على أعلى الدرجات؟ وكيف يكون ذالك؟ أولا، يجب التحلي بالصبر وتمكين النفس من السكينة ونوع من الاطمئنان ويكون الهم اليومي الأساسي مراجعة المقررات الدراسية التي ستجري عليها الاختبارات. ثانيا، لا بد من تنظيم الوقت، فالوقت كالسيف، إن لم تقطعه قطعك، ويقال أيضا "الوقت هو المال" واعتبر ذلك الوقت الذي تقضيه في الاستعداد للامتحانات استثمارا في المستقبل لكسب العلم والمال والجاه. إن تنظيم الوقت، يشمل أيضا تخصيص وقت معين لممارسة بعض التمارين الرياضية لتجديد الطاقة الجسدية، ألم يسمع الجميع ب"العقل السليم في الجسم السليم"؟ حتى الطالبات مدعوات لهذا النشاط المفيد للجسم وللعقل. ثالثا، لابد للطالب أن يحدد الأولويات ويركز على المقررات ذات الوزن الاعلى في الدرجات، ثم يحدد تلك التي يجد فيها بعض الصعوبات،ويضعها جنبا حتى يراجع ويصفي ما يعتبره سهلا بوضع برنامج يومي صارم يلتزم به كأنه على رأس عمل رسمي يؤديه بإخلاص وبجدية بدون رشوة اللهم ما كان من فترات الراحة المعقولة وبعض ما تجود به الاسرة أو الجيب من الحلويات. البرنامج الصارم هذا يستبعد كثرة ‘التشات' والتها تف مع الاصدقاء. جميع الأسئلة المتعلقة بمقرر المراجعة يستطيع السيد ‘جوجل' الجواب عنها بجميع اللغات وبدون ضياع الوقت مع زميل في الهاتف.الذي لا يستطيع ولوج الانترنت، يعتمد على ذكائه ويركز على ما يتوفر لديه من الدروس، ويتجنب الجميع السهر المفرط وتناول كثرة المنبهات. رابعا،استحضار دفتر لتدوين ملخصات دروس المقررات ويكون ملخص كل درس بلغة الطالب وفهمه لأهم الافكار التي تحويها المادة الدراسية وتتم هذه العملية بعد مراجعة كل موضوع على حدا ويغلق الطالب أعينه ويركز مليا على تصور ما راجعه في ذهنه لبضع دقائق وعندما يتأكد من أنه استوعب ما راجعه، يقوم بتدوينه في الدفتر وهكذا دواليك حتى يثق من نفسه من أنه يستطيع الجواب على أي سؤال في نطاق ما يتعلق به مقرره الدراسي. يجب أن تتم هذه العملية في سكوت وهدوء لأن القراءة بالجهر لا تفيد في استيعاب الدرس وعملية الفهم هي عملية ذهنية تجري بهدوء في الدماغ عبر الخلايا والأنسجة بتأثير الشحنات الكهربائية التي تسري في الدماغ وفي كل الجسم عند القراءة وأثناء كل الانشطة التي يقوم بها الانسان. أقترح أحيانا على الطلاب الذين أتشرف بتدريسهم أن فهمهم للدرس ينعكس على قدرتهم في اعتباره كقصة يستطيع سردها على الأم أو الجدة باللغة التي تستطيع فهمها، وعندما يتأكد من تلك القدرة فإن ذلك يدل على فهمه واستيعابه للدرس. فإذا كان الاختبار يتعلق بالمادة التي سيتولى مدرس المادة والطالب هو المصحح والمقيم ومانح الدرجة التي تحدد النجاح والرسوب، فعلى الطالب الذي قضى وقتا مع المدرس وحضر دروسه، أن يستحضر تصرفات المدرس والأفكار التي تتردد في دروسه ويركز عليها ويحاول الطالب أن يكون صورة عن اتجاهات المدرس وشخصيته وميولاته وتوقعاته، بل يحاول أن يتنبأ بنوعية الأسئلة ونوعية الردود التي يتوقعها المدرس والسعي بذكاء إلى افتراض نوعية الأجوبة التي ستقتلع منه تلك الدرجة القصوى الممكنة مع مثل نوعية المدرس المعني. أما إذا كان الامتحان من النوع العام على الصعيد الوطني أو الجهوي ويتم فيها التصحيح بالاختيار العشوائي للمقيم واللجان المنظمة،فالاستراتيجة تكون أعقد، شيئا ما، نظرا لعدم معرفة شخصية المقيم الذي يحتمل أن يكون من مؤسسة مختلفة ومن منطقة بعيدة، في هذه الحالة، قد تكون نماذج الأسئلة المطروحة في امتحانات الدورات السابقة مدخلا لتكوين تصور ما قد يمكن أن يتم في الوضع الراهن ويعطي فكرة على نوعية الأسئلة التي تطرح عادة من قبل المدرسين مثل المدرس الذي استفاد الطالب من دروسه في مدرسته او ما تعلمه المرشح الحر أثناء مراجعته الفردية من شتى المراجع المتاحة. ولا بد من الحذر في الإجابات المتعلقة بالعلوم الاجتماعية والدراسات الاسلامية، هنا تأتي الوسطية مفيدة لأن اتجاهات المدرسين تختلف وقد لا يكون الجواب الذي يتوقعه مدرس الطالب مثل الجواب الذي يتوقعه المدرس الذي سيقوم بوضع الدرجة عند تصحيح ورقة الامتحان، فالتطرف والغلو في الاجوبة قد لا يرفع من احتمالات الحصول على درجة عالية في الاختبار. في كل الأحوال، فإن الأسئلة التي ستطرح في الامتحانات ليست تعجيزية ولا يجب أن تكون، فهي موضوعة لتقييم عناصر ما استوعبه الطالب في المادة الدراسية وما الذي حققه المرس في تبليغ وتقريب تلك العناصرإلى أذهان الطلاب. خامسا، لابد من بذل مجهود لمحاولة الابتعاد عن التوتر المفرط والخوف من الامتحانات، فإنها ليست شرا كما قد يتوهمه البعض، لم لا يعتبرها الطالب،مثلا، فرصة لإبراز مواهبه والافتخار بإنجازاته ومطية للتقدم نحو آفاق منشودة؟ بعض التوتر طبيعي وإلا فقد النشاط والتحفيز لإنجاز أي شيء. قاعات الاختبارات وحجرات الدرس ليست سجنا ولا يجب أن تكون، فلم الخوف؟ هي أماكن يجلس فيها الطلاب للدرس والاختبار، ويجب التذكر بأن جميع من درس في المدارس وجميع من يدرس فيها حاليا يخضعون مثلك لهذا التمرين والتقييم فليعتبر الطالب نفسه مثل أيها الناس وباراكا من الخوف. يوم الامتحان، اعتبر أنك استيقظت ليوم العيد وأنك ستذهب لتشارك في مبارة، إلا أنها مبارة مع الفريق المضاد الذي هو أنت لأنك لا تنافس أصلا أحدا وذلك لأن كل واحد مثلك يتنافس مع نفسه والمغلوب والتعادل لا وجود لهما في قوانين المبارة كون احتمال فوز الجميع يلغي القوانين المرعية في المباريات التي ينتج عنها تحديد الخسارة والتعادل والفوز. جرعة من التفاؤل وحسن الظن بالمصححين والتقدير المعقول للقدرات والمجهودات المبذولة أثناء السنة الدراسية كلها وأثناء المراجعة والمذاكرة، قد تخفف من وطأة هول بعبوع الامتحانات وتفح البصيرة للتوفيق في اجتياز عقبات المراحل الدراسية والتكوين المهني والاكاديمي. في القاعة وبعد الجلوس في المكان المناسب، يقطع الطالب الكلام والمحادثة مع الغير وينتبه لتعليمات المراقبين ولا يلتفت يمينا ولا شمالا، وعندما يتم توزيع الأسئلة وكل ما يتعلق بالامتحان، يجب التركيز على قراءة الاسئلة بتأن والتأكد جيدا من كل مفردات الاسئلة لأن السؤال هو الذي يحدد الجواب، بل إنه يتضمن الجواب إذا استنطقه الطالب وفهمه جيدا سواء كانت الاسئلة على شكل اختيار متعدد ومقننة الأجوبة أو كانت على شكل انشائي ينتج الطالب الجواب ويركبه فهو في كل الاحوال لا بد من تنظيم الوقت وتوزيعه بشكل جيد يسمح بعدم التفريط في اعطاء كل سؤال حقه من الوقت وكثيرا ما يتضرر الطلاب من عدم الاهتمام بتقدير الوقت والاعتدال في توزيعه على الاسئلة فتجده يسهب ويطول في الاجابة على سؤال على حساب أسئلة أخرى قد تكون أهم. إذا اقتضت طبيعة الاختبار الكتابة، فلا بد من احضار قلمين أو ثلاثة للطوارئ حتى لا يزعج الطالب غيره بالاستجداء ويضيع وقته ووقت غيره، ولا بد أيضا من المحاولة بكتابة بخط يسهل على المصحح قراءته بسهولة مما يزيد من احتمالات ارتياح نفسية المصحح ومتعته بقراءة الجواب والاهم سخاءه في منح الدرجة بطيب نفس تقديرا لمجهود الطالب. أما الخط السيئ فيجد المصحح صعوبة في القراءة وصعوبة في منح الدرجة المستحقة علاوة على الانزعاج والتقزز في القراءة ورداءة الخط. وكون الطالب في مرحلة التكوين والتعليم واكتساب الآداب والأخلاق الحميدة، فلا بد منه أن لا يخاطر بمستقبله ويحاول الغش بشتى الوسائل التي يبتكرها الغشاشون من الطلاب وغيرهم ممن هو عديم الضمير ومن خونة الامانة. اعط ما عندك ولا تدعي ما ليس عندك أولو تسمع ب:"لا يكلف الله نفسا إلا وسعها"؟ وفعلا فإن جميع الناس لا يعتبرون من يتصف بالغش منهم ونحن أيضا من غشنا فهو ليس منا وليس لدينا مكان له وبالأحرى فهكذا نود أن يكون. وفي النهاية حظ سعيد للجميع، والرسوب لمن قدر له ليس إلا تنبيها لما يجب أن يستدرك ودعوتي الخالصة إلى المقيمين أن يتقوا الله في أعمال الطلاب ويقدروا تقديرا حقيقيا أن نتائجهم هي انعكاس لثمرة جهودهم وجودة تعليمهم قبل أن تعبر عن القدرات الطبيعية عند المتعلمين وفهمهم. وكل سنة والجميع بألف خير وأنظمة التعليم في جميع أنحاء العالم في تحسن وإبداع وليتحلى الممتحن بالروح الرياضية، فالفوز والتعادل والإخفاق إنما تكون حسب رضائه عن انجازه ومرآة لشخصيته مع قطرة من الحظ. تنبيه:الطالب والطالبة سيان في هذا المضمار بغض النظر عن الفروق الفردية.أرجو المعذرة عن الاسلوب واللغة. الدكتور عبد الغاني بوشوار