بنسعيد : الأخبار الزائفة تهدد الذاكرة الجماعية والثقة المجتمعية    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها بأداء إيجابي    موجة البرد.. وزارة الداخلية: تعبئة قوية لمساعدة الساكنة في 28 عمالة وإقليما    الحوض المائي اللوكوس .. الأمطار الأخيرة عززت المخزون المائي بالسدود بأكثر من 26 مليون متر مكعب    من المخدرات إلى الجرائم الرقمية .. الأمن المغربي يكشف حصيلة سنة 2025    مونديال 2026.. "فيفا" سيوزع 727 مليون دولار على المنتخبات المشاركة    سلامي: الأردن بحاجة للفوز بلقب كأس العرب أكثر من المغرب    الوكالة المغربية للأدوية تخطط لتعزيز الرقابة الاستباقية والتدقيق الداخلي لضمان استقرار السوق    كأس العرب (قطر 2025)..المنتخب المغربي على مرمى حجر من معانقة لقبه الثاني عند مواجهة نظيره الأردني    مقاييس التساقطات الثلجية المسجلة بالمملكة    بتعاون أمني مغربي.. إسبانيا تُفكك شبكة لتهريب الحشيش وتوقيف 5 أشخاص بألميريا    أمطار رعدية وثلوج وطقس بارد من الأربعاء إلى السبت بعدد من مناطق المغرب    ترامب يعلن رسمياً تصنيف نوع من المخدرات "سلاح دمار شامل"    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    لماذا تراهن بكين على أبوظبي؟ الإمارات شريك الثقة في شرق أوسط يعاد تشكيله    الصين تسجل رقماً قياسياً في رحلات السكك الحديدية خلال 11 شهراً من 2025    انتخاب الاستاذ بدر الدين الإدريسي نائبا لرئيس الاتحاد العربي للصحافة الرياضية    السكتيوي: التتويج باللقب يبقى الأهم    فرحات مهني يكتب: الحق في تقرير مصير شعب القبائل    ماجد شرقي يفوز بجائزة نوابغ العرب    حريق يسلب حياة الفنانة نيفين مندور    هولندا.. توقيف شخص للاشتباه في التحضير لتنفيذ عمل إرهابي    الملك محمد السادس يبارك عيد بوتان    مطالب بتدخل أخنوش لإنقاذ حياة معطلين مضربين عن الطعام منذ شهر ونصف        تشابي ألونسو يحذر من مفاجآت الكأس أمام تالافيرا    الحكم السويدي غلين المثير للجدل يدير نهائي كأس العرب بين المغرب والأردن    البنك الألماني للتنمية يقرض المغرب 450 مليون أورو لدعم مشاريع المناخ    أكادير تحتضن الدورة العشرين لمهرجان تيميتار الدولي بمشاركة فنانين مغاربة وأجانب    وفاة الفنانة المصرية نيفين مندور عن 53 عاما إثر حريق داخل منزلها بالإسكندرية    مديرية التجهيز تتدخل لفتح عدد من المحاور الطرقية التي أغلقتها التساقطات الثلجية    "ترامواي الرباط سلا" يصلح الأعطاب    هجومان للمتمردين يقتلان 4 أمنيين كولومبيين    في حفل فني بالرباط.. السفيرة الكرواتية تشيد بالتعايش الديني بالمغرب    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالرباط تدين عملية الهدم في حي المحيط والتهجير "القسري" للمهاجرين    التنسيق النقابي بقطاع الصحة يعلن مقاطعة انتخابات ممثلي المهنيين في مجموعة صحية جهوية    توقعات أحوال الطقس لليوم الأربعاء    واشنطن توسّع حظر السفر ليشمل عددا من الدول بينها سوريا وفلسطين    تمارين في التخلي (1)    الفدرالية المغربية لمقاولات الخدمات الصحية.. انتخاب رشدي طالب رئيسا ورضوان السملالي نائبا له    محكمة تلزم باريس سان جيرمان بدفع أكثر من 60 مليون يورو لمبابي    منفذ "اعتداء بونداي" يتهم بالإرهاب    خلف "الأبواب المغلقة" .. ترامب يتهم نتنياهو بإفشال السلام في غزة    "بنك المغرب" يراجع فوائد القروض ويحضّر لتغيير طريقة التحكم في الأسعار ابتداء من 2026    إسبانيا تعتمد مسيّرة بحرية متطورة لتعزيز مراقبة مضيق جبل طارق    الدوزي ينسحب من أغنية كأس إفريقيا    تماثل للشفاء    مركب نباتي يفتح آفاق علاج "الأكزيما العصبية"    التحكم في السكر يقلل خطر الوفاة القلبية    استمرار إغلاق مسجد الحسن الثاني بالجديدة بقرار من المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية وسط دعوات الساكنة عامل الإقليم للتدخل    سلالة إنفلونزا جديدة تثير القلق عالميا والمغرب يرفع درجة اليقظة    المغرب: خبير صحي يحدّر من موسم قاسٍ للإنفلونزا مع انتشار متحوّر جديد عالمياً    "الأنفلونزا الخارقة".. سلالة جديدة تنتشر بسرعة في المغرب بأعراض أشد وتحذيرات صحية    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



احتفاليات بطعم السُّخرية
نشر في الشمال 24 يوم 27 - 04 - 2017

لم يبدُ لي أن أسكب من حروف إلا أن أبدأ من حيث انتهيت من مقالي السابق المعنون ب "تطوان اليتيمة"، فلم يكف الأخيرة ما عاشته من أوجاع من يد القريب والغريب حتى نظم وعلى غير العادة من أن تقام ليلة العزاء أيامٌ للاحتفالات، وعلى شرف الرزية الفادحة، المدينة العتيقة لتطوان! ولا تعتقدوا أن هذه تدوينة من نسيج الخيال، وإنما هي محاكاة لحقيقة انتهت بالأمس .
فبكل جرأة نظمت جماعة تطوان احتفاليات بمناسبة مرور عشرين سنة على تصنيف مدينتها العتيقة تراثا عالميا إنسانيا، رغم أن هذه الأخيرة تعيش على وقع الخراب جراء الإهمال الذي طالها لسنوات حتى تحولت من مدينة فاتنة إلى خربة مخيفة يهرب منها أبنائها ممن عاشوا بحضنها إلا أن يرجعوا إليها ليحضروا أيام الندب على ضياعها وليس للإحتفال بذكرى تصنيفها من طرف منظمة اليونيسكو كتراث إنساني لم تكن له أي إضافة إيجابية عليها بل سلبية حيث استعمل للإرتزاق به من طرف هذا وذاك .
ومن بين أسباب تنظيم احتفاليات ذكرى تصنيف المدينة العتيقة لتطوان تراث عالميا حسب جماعة تطوان، هو إشعاع المدينة العتيقة وتسويقها، وكأن عمرها خمسة سنوات وليس خمسة قرون، وكأنه أيضا تم ويتم دعم تجارها لترويج صناعتهم التقليدية الحرفية حتى يبرزونها للرأي العام الوطني من أجل جلب الناس للتبضع منها، وكأنه كذلك من يزورها لا يسقط ضحية لحفر أرضية وتجرح رجله حتى يسيل دمه كما وقع مع سائحة أجنبية مؤخراً وافتضحنا أمام الإعلام، ويا للعجب .
لكن رغم ذلك، ولنفترض أن المدينة العتيقة لتطوان تحتاج فعلاً لتسويق لجذب الأنظار نحوها، فما هي الاستراتيجية الإعلامية التي اعتمدها مجلس جماعة تطوان واللجنة التي عملت على تنظيم هذه التظاهرة لاستغلال هذه الاحتفاليات للتشهير بالمدينة العتيقة غير حشر ممثلي وسائل إعلام لندوة صحفية لاستعراض ما أورده موقع الجماعة من قبل، مما جعل القراء لا يتصفحون سوى عناوين باهتة، وصور متطابقة، ومضامين بمقالات تقريرية طويلة . وحيث، وصلنا إلى تطور مذهل في التطور الإعلامي الذي تجاوز الوسائل البائدة، لا يزال المنتخبون والمسؤولون في كل تظاهرة آخر من يفكرون فيه هو دعوة الإعلام لاستشارتهم لوضع خطة إعلامية للعمل بشراكة تنتج أعمالاً محترمة، بل ينهجون سياسة يتداول بسببها نفس المقال، ولم يستوعبوا رغم سنوات تجربتهم في تدبير الشأن العام أن العبرة بالكيف وليس بالكم، والذي لا يتحقق بالمناسبة إلا بعقد شراكات مع منابر إعلامية محلية وجهوية لتشجيعها لتبرز قدراتها الاعلامية أمام العجز الذي لا يخفى على أحد . حتى لا نضيع في التفاصيل، ونصل لنهاية السخرية قدم في نهاية الاحتفاليات ما سمي ب "نداء تطوان"، وهو يشبه البيانات التي تصدرها جمعيات الأحياء لكي تثبت حضورها في الأوساط الانتخابية، وليس مجلس جماعي منتخب بآلاف الأصوات من ساكنة تطوان، ويتضمن نائبين بالبرلمان، المؤسسة التشريعية الكبرى بالبلاد، ومع ذلك وإن استحسنا عن امتعاض مضامين "نداء تطوان"، فهو لا يقبل من مجلس عمره تسع سنوات، ويقترب من انهاء ولايته الثانية، بل مثله يُصدر في أول سنة من أول تدبير جماعي بعد لقاءات التشخيص مع فعاليات المجتمع المدني .
وفي خضم متابعتي لهذه التظاهرة الساخرة، أثارتني صورة جماعية للمشاركين بالاحتفاليات، حيث وقفوا جميعهم أمام معلمة باب العقلة، إلا الدكتور الباحث في التاريخ أحمد بوخبزة، الذي صدع غير ما مرة بمجلس تطوان دفاعا عن تطوان وتهريب الإدارات والمشاريع اللاقتصادية منها، ودوَّن كثيراً حول آثارها التي تهدم تباعاً وقف بعيدا عنهم، في الخلف تماماً، ثم ظهر في صورة أخرى وهو يقدم مداخلة بحسد شامخ ورأس منحنٍ وكأنه يعتذر لمدينته التي تربى في دروبها عن التقصير الكبير بحقها . لا يمكن لأي شخص منصف أن يجحد إنجازات المجلس الجماعي لتطوان على مدى سنوات، لكن احتفالياته بالذكرى العشرينية لتصنيف المدينة العتيقة لتطوان تراثا عالميا سخرية سوداء ومكياج سيِّء على وجه أنثى جميلة مصابة بتشوه الشفة الأرنبية، وبدل أن تجرى لها عملية رفيعة ترقع جراحها بوضاعة، للأسف الشديد .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.