مع حلول شهر رمضان المعظم، ظهرت مئات المسلسلات الرمضانية الدرامية والبوليسية والكوميدية العربية منها والأجنبية والمدبلجة، ومن بين أهم هذه الأعمال السينمائية المسلسل الدرامي العربي ”عمر”، الذي يعتبر عملا تاريخيا يروي حياة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه أحد أعظم عظماء التاريخ وثاني الخلفاء الراشدين، من إخراج حاتم علي، بلغت مدة تصويره قرابة 300 يوم، وعرف مشاركة العديد من الفنانين من مختلف الدول العربية. مع اقتراب بث المسلسل، ظهرت العديد من المقالات الصحفية والصفحات الفيسبوكية التي تدعو إلى مقاطعة المسلسل، بحجة أنها تعرض وجوه الصحابة رضوان الله عليهم كعرض هيئة سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه كما يقول البعض، أما البعض الآخر فاستنكر ظهور وجوه سينمائية جديدة، وآخرون قالوا أن ممثل شخصية عمر رضي الله عنه لا يشبهه لا من قريب ولا من بعيد. ما غاب عن هؤلاء أن الفيلم تمت مراجعته من على يد مجموعة من علماء الإسلام تضم: الشيخ يوسف القرضاوي، سلمان العودة، عبد الوهاب الطريري، علي الصلابي، سعاد العتيبي وأكرم ضياء العمري. يبقى التساؤل المطروح هو: هل غابت كل تلك الانتقادات عن هؤلاء؟. أما الذين يتهمون كاتب السيناريو (الدكتور وليد سيف) بحذف مجموعة من الأحداث التاريخية، فيجب أن يعلموا أن الفيلم يسرد حياة الصحابي عمر رضي الله عنه وليس قصص السيرة النبوية أو حياة الرسول الله عليه وسلم. قد تلخص كل تلك الانتقادات في قول الدكتور أحمد زرويل: ”الغرب يدعمون الفاشل حتى ينجح، ونحن نحارب الناجح حتى يفشل”. فلماذا نرى الأخطاء البسيطة المرتكبة خلال المسلسل ولا نرى عظم العمل المصنوع؟ لماذا نناقش أمورا تافهة في حين أننا نفتقر لمثل هذه الأعمال التي ترجعنا إلى التاريخ الذي لطالما عمل الغرب على حذفه، وتذكرنا بحياة العظماء وجهادهم في سبيل إعلاء كلمة الله ونشر الإسلام. الكثير منا كان يجهل جوانب كثيرة من حياة الفاروق، ولولا هذا المسلسل ما أدركنا عظم شخصيته رضي الله عنه، ولنعترف أن هذا الصحابي يستحق أكثر بكثير مما تخطه الأقلام وما تصوره الآلات، فلا نأخذ هذا العمل كتجسيد لشكل الصحابي الجليل، إنما يتوجب علينا النظر إلى ما تحمله الشخصية من شجاعة، وحكمة في القول والفعل، ورقة القلب والصبر. فلا يسعنا بذلك إلا أن نحيي الجهود التي بذلت في سبيل ذلك، والطاقات التي صرفت لضمان نجاح العمل وعرضه بالشكل الذي يليق بتلك الشخصية العظيمة.