منذ أكثر من أربعة عشر شهرا، والشعب السوري أيقونة الربيع العربي، يواصل ثورته المجيدة ضد فرعون سوريا وجنوده، الذي لم يشهد التاريخ المعاصر مثل بشاعة ة وحجم الجرائم التي يرتكبها في حق شعب أعزل، انتفض للمطالبة بالحرية والكرامة الإنسانية ضد عصابة من القتلة. والسؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا لم يتدخل المجتمع الدولي بحزم لإيقاف حرب الإبادة المروعة ضد المدنيين العزل؟ أين هي منظمات حقوق الإنسان الدولية؟ أين هي منظمات حقوق المرأة والطفل الأممية؟ لماذا لم تتحرك المحكمة الجنائية الدولية لمحاسبة الأسد على جرائمه التي لا يختلف أحد عن كونها جرائم ضد الإنسانية؟ ماذا ينتظر مجلس الأمن لاستصدار قرار بالتدخل العسكري لحماية المدنيين؟ المسرحية التي قامت بإخراجها القوى الكبرى، لإقناع العالم بأنها لا تستطيع التدخل عسكريا في سوريا، وتصوير الأمر على أن وراءه الفيتو الروسي والصين في مجلس الأمن، هي مسرحية مفضوحة لا يمكن أن يصدقها أحد، فلو كانت هناك إرادة سياسية جادة لدى الولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد الأوروبي لحشدت المجتمع الدولي، ولاستنفرت جميع مؤسسات النظام الدولي للتدخل الحازم والحاسم في سوريا لوقف المذابح التي ترتكب بغطاء دولي، والحالة الليبية ليست عنا ببعيد. هناك عدة شواهد واقعية تدل على أن هناك تواطؤا سافرا من قبل القوى الكبرى مع عصابة الأسد، ولسنا هنا بصدد حصرها، لكن أكتفي بشاهد واحد، وهو الصمت الدولي على الجرائم اليومية البشعة التي يرتكبها فرعون سوريا وجُنْده في حق المدنيين السوريين المطالبين بالحرية، وبدون أن يتحرك نصرة لقيم حقوق الإنسان والديمقراطية التي يدعي أنه يدافع عنها ويريد نشرها في العالم. ولكي يخفي المجتمع الدولي تواطؤه مع سفاح سوريا، أقدم على بعض المبادرات الخجولة فمنح الأسد المهل تلو الأخرى، لكي يقتل أكثر عدد من المدنيين، فأرسل بعثة للمراقبين العرب للإشراف على عملية وقف القتل، لكن حضورهم لم يزد عصابة الأسد إلا سفكا للدماء، لأنهم يعلمون عدم جدية القوى الكبرى في وقف القتل، ثم بعد ذلك جاءت المبادرة الأخيرة وأرسلت بعثة مراقبين دوليين، لكي تشرف على وقف إطلاق النار، ومع ذلك لم يلتزم الأسد بذلك، واستمر في القتل والترويع للشعب السوري، ولم يسلم من بطشه حتى الأطفال والنساء، وجاءت المجزرة المروعة التي ارتكبها في "الحولة" بحمص، والتي راح ضحيتها أكثر من 100 شهيد، بينهم أكثر من 32 طفل ذبحوا مع أمهاتهم، حصلت هذه المجزرة مع وجود المراقبين الدوليين، الذين كانوا شاهدين على هذه البربرية التي لم يعرف لها التاريخ المعاصر مثيل، وهذا ما يؤكد على أن الأسد يقتل بغطاء دولي وتحت إشراف مجلس الأمن الدولي وبمباركة الجامعة العربية. بالأمس، عندما ارتكب الديكتاتور حافظ الأسد مجزرة كبيرة في حماة (1982)، وقتل فيها أكثر من 20 ألف سوري، لم تصلنا صورا وفيديوهات عن تلك المجزرة، وهذا ما ساعد القاتل على طمس معالم جريمته، ولم تستطع وسائل الإعلام تويقها، أما جرائم الأسد "الشبل"، فهي موثقة بالصوت والصورة، بفضل التطور الإعلامي والتكنولوجي، ومع كل ذلك، لم يتورع هذا القاتل عن القتل، لكن الأمر الغريب هو أن هذه الصور يشاهدها ما يسمى بالعالم الحر، ومع ذلك يتفرج عليها بدم بارد، كما لو كان يتفرج على فيلم سينمائي من أفلام الرعب الأمريكية. ولذلك، نتساءل ماذا ينتظر العالم حتى يتدخل بقوة في سوريا لإيقاف حرب الإبادة التي يشنها فرعون سوريا ضد شعب أعزل؟ أليس من العار أن تشاهد الدول الكبرى هذه المجازر ترتكب في حق المدنيين العزل وضد الأطفال والنساء ولم يرف لها جفن؟ هل مات الضمير العالمي؟ هل الحسابات السياسية والمصالح الاستراتيجية أصبحت أكثر أهمية من حقوق الإنسان السوري؟ سيسجل التاريخ بدماء السوريين الأبرياء، هذه المرحلة القاتمة في تاريخ البشرية التي يتعرض لها شعب أعزل لجرائم إبادة من طرف عصابة منظمة لا تريد أن تتخلى عن السلطة ولو اقتضى الحال إبادة شعب بأكمله، والشيء المخزي في كل ما يقع، هو صمت المجتمع الدولي، وتفرجه على المجازر اليومية التي تحدث في سوريا، دون أن يتحرك الضمير العالمي لإنقاذ شعب يذبح لأكثر من 14 شهرا. هذا التواطؤ الدولي يدل على أن ما يسمى بالعالم الحر الذي تقوده القوى الغربية الكبرى، لا يؤمن بقيم حقوق الإنسان والحرية والكرامة وحق الشعوب في تقرير مصيرها... إنما تحكمه مصالح وأطماع مادية، ولا أدل على ذلك من تحرك العالم بسرعة قياسية في ليبيا للقضاء على القذافي وعصابته، حفاظا على المصالح الغربية. إذن، إذا لم يكن للثورة السورية من فضل سوى كشفها لنفاق القوى الغربية الكبرى، وإسقاطها للقناع عن الوجه القبيح للغرب، فهذا لوحده يُحسب لها، فقد أظهرت للشعوب العربية والمستضعفة حقيقة هذا الغرب المنافق الذي يتظاهر بالدفاع عن الحرية والديمقراطية حقوق الإنسان، وهو في الواقع الداعم والحامي للاستبداد في العالم... 27/05/2012