حمضي يطلق مبادرة هدفها إخماد فتيل الأزمة بين الحكومة وطلبة الطب    فعاليات النسخة الخامسة من أيام الأبواب المفتوحة للمديرية العامة للأمن الوطني : استعراض التجربة المغربية في تدبير التظاهرات الكبرى    سلطات محلية.. سعر بيع الخبز لم يعرف أي تغيير    المغرب يعبر عن تعازيه الصادقة للشعب الإيراني وعائلات ضحايا حادث سقوط مروحية أودى بحياة الرئيس الإيراني ومجموعة من المسؤولين    المحكمة الجنائية الدولية ستصدر مذكرة اعتقال نتنياهو والسنوار    الدوري الماسي-لقاء مراكش: البقالي يحسم سباق 3 آلاف موانع    تنظيم دورتين تكوينيتين بالرباط لفائدة المنشطين والمنسقين الرياضيين بجمعيات الرياضة للجميع …    اختتام فعاليات الدورة ال29 للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط    زيادة 10 دراهم في ثمن قنينة الغاز سيكلف المغاربة 2.7 مليار درهم من قوتهم الشرائية : الاتحاد الاشتراكي يحذر من تكرار سيناريو تحرير الغازوال والبنزين ويربط إصلاح المقاصة بتسقيف المحروقات    جبهة التحرير الفلسطينية ترفض تماما نشر قوات عربية ودولية في قطاع غزة    ظريف يحمل أميركا "مسؤولية" وفاة رئيسي    الذهب يقفز إلى ذروة جديدة والفضة عند أعلى مستوى في 11 عاما    أرباب المخابز يؤكدون عدم الزيادة في سعر الخبز "في الوقت الحالي" مع رفع ثمن غاز البوتان    نهائي كأس الكونفدرالية.. اشتباكات وجدل في التحكيم والإخراج    دعم متواصل للمغرب ووحدته الترابية في لجنة ال24    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    المنتدى العالمي للماء ببالي.. افتتاح الجناح المغربي    تسليم جائرة الحسن الثاني للماء لمنظمة "فاو"    صراع الصعود.. صدام مباشر بين "الكوديم" المتصدر والكوكب الوصيف    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    أسعار النفط ترتفع بعد تأكيد وفاة الرئيس الإيراني    "عدم جدية" الزلزولي تجر عليه سخط بيليغريني    نجم الزمالك يعترف بعدم حيادية مخرج مباراة نهضة بركان    حقوق العرب والأمازيغ من الموريسكيّين المبعدين قهرا وقسرا من إسبانيا    تصنيف المغرب فيما يسمى مؤشر التعليم العالمي    جثة متحللة تستنفر أمن البيضاء    أين اختفت المروحية الطبية الخاصة بنقل المرضى نحو المستشفيات بحهة الشمال؟    مهندسون يضربون ويحتجون أمام البرلمان    كيف دمرت السطحية المشهد الموسيقي؟    المغرب يضع رقما هاتفيا رهن إشارة الجالية بالصين    طلبة الطب يقررون اللجوء للقضاء ويتهمون ميراوي بجرهم لسنة بيضاء    مؤتمر دولي يقارب شمولية الترافع عن مغربية الصحراء    إميل حبيبي    مات المؤلف... عاش الراوي    الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة تستحوذ على قناة "ميدي1تي في"    كاس الكنفدرالية الافريقية لكرة القدم: الزمالك المصري يتوج باللقب    مع قرب الامتحانات.. ما السبب وراء ارتفاع الطلب على "الساعات الإضافية"؟    «ذهبنا إلى الصين .. وعدنا من المستقبل»    في لحظة استثنائية كرمت المفكر كمال عبد اللطيف: صراع التأويلات ضرورة, ومغادرة الأزمنة القديمة بوابة الحداثة    أنّك هنا… في الرباط    الصين: سفارة المغرب ببكين تضع رقم هاتفي رهن إشارة الجالية المغربية    من سيخلف رئيس الجمهورية في إيران بعد مصرعه في حادث مروحية؟    مصرع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ومرافقيه في حادث تحطم المروحية    إيران تعلن وفاة الرئيس الإيراني ووزير الخارجية في حادث سقوط طائرة الهليكوبتر    إيران تعلن رسميا وفاة رئيسها ووزير خارجيتها وهذه أول صورة لحطام الطائرة    مؤلف "البصمة الموريسكية" يدعو إلى استثمار الأندلس في رؤية مستقبلية    رغم خسارة اللقب.. منحة دسمة من "الكاف" لنهضة بركان    ردود أفعال متباينة حول اتفاق حمدوك مع فصيلين مسلحين على تقرير المصير وعلمانية الدولة    ماكرون يرمم شعبيته في فرنسا    الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة تستعد للاستحواذ الكامل على قناة "ميدي1"    معرفة النفس الإنسانية بين الاستبطان ووسوسة الشيطان    شركة تسحب رقائق البطاطس الحارة بعد فاة مراهق تناوله هذا المنتج    لماذا النسيان مفيد؟    أطعمة غنية بالحديد تناسب الصيف    الأمثال العامية بتطوان... (602)    السعودية تطلق هوية رقمية للقادمين بتأشيرة الحج    وزارة "الحج والعمرة السعودية" توفر 15 دليلًا توعويًا ب16 لغة لتسهيل رحلة الحجاج    العسري يدخل على خط حملة "تزوجني بدون صداق"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"ليل جمعة أسود" بأكادير
نشر في بيان اليوم يوم 10 - 09 - 2023

وأنا مستلق على أريكة في المنزل، شعرت بالاهتزاز بشدة. التفت يمينا كي أنبه ابنتي كي تكف عن الشغب وتحريك الأريكة، فإذا بي أحدث نفسي، المكان ليس فيه سواي. قمت من مكاني متوعدا من يصر على تكسير الهدوء الذي أحاول أن أنعم به، بعد جولة متعبة مع الأسرة من أجل تبضع بعض الحاجيات. وإذا بالكوب الموجود على مكتبي يهتز، فجأة شعرت برعشة خفيفة، ودوار غير معتاد. الاهتزاز يتواصل بقوة أكبر، الأمر أصبح جديا وبات الخطب جللا، ليس أمامي إلا ثوان معدودة، استعرضت من خلالها شريط سيناريو النجاة أو الردم مع أسرتي تحت الأنقاض.
لا منجى ولا ملجأ إلا إطلاق الساقين للريح بشكل غريزي. نزل طفل مهرولا نحو الأسفل، اصطدم بسيدة سقطت أرضا وأصيبت برضوض، فحملها ابنها بين ذراعيه ليخرجها بعيدا. وفي العمارة المقابلة رجل يحمل أمه المنهكة فوق ظهره مسرعا بها نحو مكان آمن.
لم يبد لي إلا الاحتماء في السلالم الأكثر صلابة. فتحت باب منزلي وإذا بأسراب من الجيران تستبق على السلالم لبلوغ ساحة الإقامة السكنية. وجدت نفسي دون وعي رفقة الجيران في ساحة الإقامة دون أسرتي.. بعدها سمعت أحد جيراني يصيح بقوة وبشكل هيستيري مناديا "أولادي..أولادي". كان يبحث عن أبنائه ويدعوهم للخروج من الشقة، كما يدعو باقي الجيران للخروج، وكان بعضهم قد جثموا في أماكنهم في صدمة وذهول.
مؤشرات زلزال كبير تتزايد.. جلبة عمت المكان. كل هذا الحراك في ثوان معدودة.
يا الله ماذا يجب أن أفعل. لم يسبق لي أن تعرضت لهزة قوية كهذه من قبل.
للحظة باغثتني استفاقة سريعة كأني كنت في غيبوبة، فرجعت صاعدا إلي بيتي وأنا أنادي على أفراد أسرتي. وجدت ابنتي متجمدة في مكانها بعد أن دلفت تحت مكتبها في هلع صامت. بسرعة قياسية هرولت وأنا أنادي أفراد أسرتي كي تلحق بي. وضعت رجلا داخل الشقة ورجلا خارجها. أرى أثاث منزلي يتراقص أمامي وقد تساقطت بعض القطع على الأرض.
تتزاحم عدة احتمالات وسيناريوهات في مخيلتي بين النجاة أو الموت، لأختتم هذه الجولة الاستعراضية السريعة في ذهني بوجوب بقاء أحدنا حيا على الأقل ليتمكن من إنقاذ من تمكن منه الدمار، لا سمح الله. يا الله، سكنت دقات قلبي بعدما نزلت زوجتي وكذا ابنتي أمامي متأبطة جهازها (الكمبيوتر) المحمول. ووقف ابني أمامي وهو يهم ليصعد إلى الشقة في اطمئنان تام!!
تجمهر الجيران، مسرعين نحو ساحة عمومية. حدث تعارف لأول مرة لبعضهم. ثم أبعدوا سياراتهم نحو مرآب يبعد عن البنايات الشاهقة.
حاولت الاتصال على التو بوالدتي كي أطمئنها أن أكادير في "سلام وأمان" ليهدأ روعها.. لكن شبكة الاتصال حالت دون ذلك.
بدأت في التحري والاستفهام عن رقم درجة الاهتزاز… ثم اتصلت برئيس محطة الأميرة للا عائشة لرصد الزلازل لأغراض تربوية بأكادير، والتي تشرف عليها جمعية علوم الحياة والأرض بسوس، ليجيب وقد انفتحت خطوط الاتصال. فاستمهلني مخاطبي إلى حين استجماع المعطيات. تواصلت اتصالاتي بمن هو أقرب إلى نفسي، أفراد الأسرة والأهل والأصدقاء والأحباب من مختلف المدن المغربية. ثم تقاطرت علي رسائل تستفسر عن وضعي من مختلف أصدقائي من المغرب وخارجه والذين أتقاسم معهم نفس القيم والرسالة البيئية من لبنان ومصر والجزائر وتونس والسودان والإمارات والبحرين وفرنسا وإسبانيا وقبرص واليونان.. ومن منظمات بيئية دولية مختلفة. تضامن وتلاحم يثلج الصدر ويخفف وطأة الرزء.
لم أجد بدا من التسلل إلى المنزل بعد سكون الأرض. متجاوزا بعض الأنقاض التي سقطت من بعض الأسطح. فأخذت بعض الملابس أتدثر بها، غير ملابس النوم التي فررت بها من موت محقق كما تراءى لي. واستجمعت بعض مستلزماتي الخاصة متفحصا مكتبتي وتذكاراتي كآخر عهد لي بها، فلعلها تقبر تحت التراب..
قمت مع بعض الجيران بتفحص الجدران والبنايات داخل وخارج الإقامة. وإذا بشقوق تفصل بين العمارة والأخرى، استشرت في عموم الإقامة بمختلف عماراتها.
ثم عم الأمان والسكينة ظاهريا، لكنهما كانا يخفيان وجلا ورهبة من تكرار اهتزاز موالي.. لتنتشر الإشاعات والتحذيرات وتبادل الرسائل النصية والصوتية.
دلف الساكنة إلى بيوتهم في حذر وترقب، ليجلبوا الأغطية والوسادات والكراسي.. ثم ليفترشوا الأرض وليلتحفوا السماء.. في انتظار الهزة الموالية المروج لها في الوسائط الاجتماعية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.