قال يوسف العمراني الوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون، إن الربيع العربي أحدث مناخا جديدا بالنسبة للشركاء في دول الجنوب، وأضاف في حوار مع «التجديد»أن هذا الربيع العربي كان له تأثير على جميع دول المنطقة وأظهر الضعف الموجود في بعض الدول وجعل دول أخرى تذهب أبعد في مسار الإصلاح السياسي، وأكد على أن بناء المغرب العربي هو طموح سياسي واقتصادي لجميع الدول المغاربية، مشيرا إلى أن الديمقراطية من شأنها أن تدفع هذا المشروع إلى الأمام. وبخصوص المفاوضات المقبلة حول قضية الصحراء قال العمراني إنها تأجلت إلى النصف الأول من شهر مارس المقبل بسبب أجندة الأطراف المعنية بهذه المفاوضات.مؤكدا أن المغرب سيذهب إلى هذه المفاوضات بحسن نية وعزيمة لإيجاد حل لهذه القضية، لافتا الانتباه إلى أن الدينامية التي تعرفها المنطقة ستخلق تقدما في الملف، كما اعتبر أن النجاح في بناء اتحاد المغرب العربي يمكن أن يكون له أثر على هذه القضية. ● ما هي ملامح السياسة الخارجية المغربية بعد أن تحولت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون من وزارة سيادية إلى وزارة حزبية ؟ ●● بحكم تجربتي منذ 35 سنة فإن وزارة الشؤون الخارجية وزارة سياسية محضة، ونحن في الوزارة نمارس السياسة يوميا، وملامح السياسة الخارجية المغربية لم يطرأ عليها تغير فهي لا تزال ثابتة، وكما تعلمون فإن جلالة الملك محمد السادس هو الذي يحدد الخطوط العريضة للسياسة الخارجية المغربية. كما أن الدستور الجديد رسم ملامح هذه السياسة عندما أشار إلى البعد المغاربي والعربي والإسلام والإفريقي والأورو متوسطي. اليوم لدينا آلية متكاملة لنساء ورجال ديبلوماسيين يدافعون عن مواقف بلادهم، إضافة إلى ذلك يمكن لأسلوب الدكتور سعد الدين العثماني أو أسلوب الوزير المنتدب في الخارجية بحكم مهارات شخصية أو شبكة التواصل الشخصية والحزبية أن تساعد في السياسة الخارجية، لكن المهم بالنسبة لنا كيف يمكن أن ندافع بشكل أفضل عن مصالح المغرب ونساهم في إشعاعه، خاصة إذا علمنا أن السياسة الخارجية تعكس السياسة الداخلية والتطورات السياسية في المغرب في إطار الضوابط المغربية وهي الملكية، الديمقراطية، حقوق الإنسان، الحرية، الإنفتاح على العالم. والمسألة المهمة هي كيفية تفعيل هذه السياسة الخارجية لتحقيق المصالح الوطنية، وإذا كانت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون تدار اليوم من طرف أحزاب سياسية، فهذا أمر غير جديد، حيث كان على رأس هذه الوزارة شخصيات سياسية كالسيد محمد بوستة من حزب الاستقلال، و مولاي أمحمد الشرقاوي من حزب الشورى حينها، وعبد الله ابراهيم من القوات الشعبية للاتحاد الاشتراكي، وعبد العزيز المسيوي، كاتب الدولة (الحزب الدستوري).... وهذا أمر طبيعي لأن العمل الدبلوماسي بطبيعته هو عمل سياسي محض. ● منذ سنة تقريبا حصلت تغييرات سياسية في دول شمال إفريقيا ودول الخليج العربي بفضل الربيع العربي، هل كان لذلك تأثير على السياسة الخارجية المغربية؟ ●● في الحقيقة خلق مناخا جديدا بالنسبة لشركائنا في دول الجنوب، أولا تجربة المغرب ليست هي تجربة مصر أو تونس وغيرها من الدول، فنحن قوينا مسارنا الديمقراطي ولم نحصل على الوضع المتقدم مع الاتحاد الأوربي إلا لأننا نتقاسم قيم مشتركة مع الاتحاد ولأن النموذج السياسي المغربي يطابق سياسة الجوار الأوربي. أوربا تريد من دول الجوار: الشفافية، الديمقراطية، الحكامة، ونحن في المغرب بدأنا بناء مسارنا الإصلاحي وفق وتيرة خاصة وحسب أولوياتنا وكذلك حسب خصوصية الشعب المغربي، وهذا فتح لنا آفاق للتعاون وللحوار السياسي مع شركائنا في أمريكا وكذلك لنلعب دورا في العالم لأن المغرب له مصداقية، وما تزال لدينا عزيمة قوية لإصلاح الأخطاء وتقوية مؤسسات الدولة. الأحداث التي شهدتها في ليبيا وتونس وسوريا عن دبلوماسية مغربية مبادرة ومتفاعلة، حيث دافع المغرب بتنسيق مع جامعة الدول العربية في إيجاد حل للأزمة السوري بمجلس الأمن كبلد عربي وحيد، هذا فضلا عن مواقف المغرب الشجاعة سواء في دعم مسار التحول الديمقراطي في ليبيا وتونس أو من حيث روح التضامن اتجاه محيطه المغاربي. ففي الوقت الذي توجد في العالم تغييرات علينا في الدول المغاربية أن نعطي مثالا للتضامن بين الدول وفتح آفاق جديدة أمام هذا التعاون المغاربي، وهذا معناه تقوية جميع الحريات فلم يعد لنا الآن وقت للأخطاء، علينا أن نبني اتحاد المغرب العربي لأنه مطلب شعبي وضرورة اقتصادية ولأننا نخسر بسبب غلق الحدود 2 في المائة من الناتج الوطني. إذن علينا الاشتغال في ظل هذه الدينامية الجديدة ونتمنى أن نمضي في اتجاه الاندماج لأنه أساسي ومهم بالنسبة لجميع الدول وكذلك بالنسبة لشركائنا الذين يفضلون أن يجدوا محاورا منسجما ومسؤولا وقادرا على مواجهة جماعية لكل التحديات الاقتصادية والأمنية وغيرها. ● ألا تعتقدون أن الفضل في توافق الأنظمة السياسية في المنطقة المغاربية على ضرورة إحياء اتحاد المغرب العربي يرجع إلى الربيع العربي؟ ●● مما لا شك فيه أن الربيع العربي كان له تأثير على جميع دول المنطقة وأظهر الضعف الموجود في بعض الدول وجعل دول أخرى تذهب أبعد في مسار الإصلاح السياسي، طبعا نحن دائما كنا ننادي بأن بناء المغرب العربي مطلب أساسي وطموح سياسي لجميع الدول المغارببة، وأنا شخصيا أقول أن أسس المغرب العربي هي الديمقراطية التي من شأنها أن تدفع هذا المشروع إلى الأمام، بالإضافة إلى الطموح الاقتصادي فلا ننسى أننا لدينا سوق قوي ب 100 مليون من السكان وهذا يتطلب منا تعاونا أكثر واندماجا أكثر بإشراك جميع الفاعلين الجدد بما فيهم الحكومات والمجتمع المدني والبرلمانيين والأحزاب السياسية، كما كان الشأن بالنسبة للاتحاد الأوربي الذي خلق شبكة للتواصل على المستوى المادي والبشري وهذا خلق مصالح مشتركة، ونحن كذلك لدينا قضايا مشتركة مثل الهجرة والأمن والأمن الغذائي والإرهاب في الساحل والصحراء وكل هذه القضايا يجب معالجتها بمقاربة شمولية وبإشراك الجميع، وأن نفكر جماعة دون إقصاء أي طرف. ● ينعقد يوم السبت لقاء وزراء خارجية دول المغرب العربي، ماهي أجندة هذا اللقاء؟ ●● الأجندة مختلفة، فهذا اللقاء لم ينعقد منذ مدة طويلة كان آخرها في ليبيا سنة 2009 وسيكون اللقاء مناسبة لتفعيل أجهزة اتحاد المغرب العربي وتعميق الحوار السياسي وقراءة حصيلة ما قامت به الهيئات المغاربية، كما أن الجزائر طرحت موضوع الأمن في المنطقة، وهذا اللقاء أيضا مناسبة لإعادة التواصل بين وزراء خارجية دول المغرب العربي، المهم ينبغي أن تكون هذه انطلاقة جديدة بمنظور جديد، ونتمنى أن ننجح في هذه العملية، خاصة أن جميع الدول لديها إحساس بالمسؤولية إزاء بناء المغرب العربي من أجل الإجابة على التحديات الاقتصادية والاجتماعية. لقد عشت في أمريكا اللاتينية ورأيت تجارب مهمة للاندماج بين دولها خلقت فرص شغل كبيرة من خلال مشاريع اندماجية ومشاريع صغرى. ● نعلم أن الاتحاد الأوربي شهد تغييرات كثيرة بسبب الأزمة الاقتصادية التي تعرضت لها اقتصاديات دول مما جعله يراجع سياساته الخارجية، وكذلك المغرب شهد مؤخرا تغييرات سياسية، هل هذا يعني أن العلاقة بين الطرفين ستتغير وستتخذ شكلا جديدا؟ ●● المغرب كان الدولة الوحيدة التي ربطت علاقات مع الاتحاد الأوربي لأننا راهنا على السوق الأوربية ولأن التجربة الأوربية تهمنا، وكنا نريد أن ننشئ مع الاتحاد الأوربي علاقات جديدة، والوضع المتقدم هو فكرة جلالة الملك قمنا ببلورتها بإشراك جميع الفاعلين في عدد من الاجتماعات إذ كنا نتفاوض ليكون هناك حوار سياسي إلى جانب الشق الاقتصادي بخلق منطقة للتبادل الحر وتحقيق التواصل بين الشعوب بمشاركة المغرب في البرامج الثقافية ومؤخرا تم الموافقة على مشاركة المغرب في البرنامج الأوربي للمجتمع المدني. المهم كانت لنا رؤية في إطار تقارب منطقي مع الاتحاد الأوربي في الوقت الذي كانت فيه أوربا تفكر في الانفتاح على دول الجنوب في إطار سياسة الجوار الأوربية ولم تكن تجحد غير المغرب لكونه مؤهلا للانخراط في هذه العلاقة الجديدة. اليوم نريد أن نذهب أبعد في هذه العلاقة ونريد ولوجا أكثر للسلع المغربية إلى السوق الأوربية من خلال المفاوضات وفي إطار المصالح المشتركة، وأستغل المناسبة لأقول أن الاتحاد الأوربي مطالب بأن يساند أكثر دول الجنوب بما فيها المغرب، فعندما سقط جدار برلين استثمر الاتحاد الأوربي في دول أوربا للقيام بإصلاحات سياسية واقتصادية وفتحوا لهم آفاقا سياسية للاندماج في السوق الأوربية المشتركة والاتحاد الأوربي، نحن ليست لدينا هذه الآفاق، بحكم أننا لسنا دولة أوربية لكن هناك إمكانية الاستفادة من عدد من البرامج. وبالنسبة لنا علاقتنا مع الاتحاد الأوربي علاقة استراتيجية لأننا مهتمون بالسوق الأوربية بالتجربة الأوربية في الاندماج كما يهمنا الحوار السياسي مع أوربا في كل القضايا، فنحن ملتزمون بالتقارب مع الاتحاد الأوربي بآليات جديدة وتصور جديد، طبعا تقع دائما مشاكل لكنها تحل بالتفاوض وبتنازلات اقتصادية أو غيرها. الآن أصبح العمل مع أوربا صعبا لأن الآليات الأوربية تغيرت واتفاقية لشبونة أعطت البرلمان الأوربي صلاحيات قرار مشترك، لذلك تصبح دول الجوار ضحية صراعات بين اللجنة الأوربية والبرلمان الأوربي. ● تنعقد الأسبوع الجولة التاسعة من المفاوضات حول الصحراء برعاية الأممالمتحدة، كيف سيذهب المغرب لهذه الجولة؟ ●● هذه الجولة من المفاوضات تأجلت إلى النصف الأول من شهر مارس المقبل بسبب أجندة الأطراف المعنية بهذه المفاوضات. ● كريستوفر روس المبعوث الأممي في الصحراء قال في آخر بيان له أن التطورات التي تعرفها المنطقة العربية قد تشجع المغرب والبوليساريو على الشروع في عملية التفاوض بجدية أكبر، وتوقع أن يدفع زخم الربيع العربي الجهات الإقليمية والدولية الفاعلة لتكون أكثر نشاطا في السعي إلى حل، هل تشاطرونه هذا التفاؤل؟ ●● نحن سنشارك كما شاركنا في الماضي بحسن نية وعزيمة لإيجاد حل لقضية الصحراء، نحن نقول أنه علينا أن نبني مستقبل المنطقة ونبني اتحاد المغرب العربي وأعتقد أن هذه الدينامية التي تعرفها المنطقة المغربية ستخلق تقدما في الملف. المجتمع الدولي يعتبر أن المغرب بذل مجهودات ذات مصداقية وجدية من خلال مبادرة الحكم الذاتي لإيجاد حل سياسي متفق عليه، ونحن سنمضي في هذا الاتجاه بحسن نية وعزيمة قوية لإنجاح هذه المفاوضات وللمشاركة في كل المساعي التي ستذهب بنا إلى الأمام . ● ألا يمكن أن تكون قضية الصحراء عائق في وجه بناء اتحاد المغرب العربي ونحن نعلم الدعم الذي تقدمه الجزائر للبوليساريو وموقفها المتشدد في هذا الملف؟ ●● ينبغي علينا أن نمضي في بناء المغرب العربي، وإذا نجحنا في هذا المسار يمكن أن يكون لذلك أثر على هذه القضية، وعلى أية حال نحن سنذهب إلى المفاوضات بعزيمة قوية وروح المسؤولية لإيجاد حل سياسي طبقا لقرارات مجلس الأمن. ● بالنسبة للمهاجرين المغاربة، ما هو موقعهم في أجندة الحكومة وماذا عن مطالبهم بشأن تحسين الخدمات القنصلية؟ ●● لا يمكن لحكومة ترعى قدرها، أن تنسى 3 مليون من سكانها. برجوعنا لمقتضيات الدستور المغربي الجديد، نجده قد خصص أربعة فصول تهم المواطنات والمواطنين المغاربة المقيمين بالخارج. والتي تحتم على الحكومة الحالية حماية حقوقهم ومصالحهم المشروعة في إطار احترام القانون الدولي والقوانين السارية المفعول في بلدان الاستقبال، و كذا الحفاظ على الوشائج الإنسانية معهم سواء على المستوى الثقافي أو الهوية الوطنية. وكذا دمجهم في النسيج الاقتصادي الوطني للمساهمة من جانبهم في تقويته وتعزيزه. أكيد أننا عشنا في السنوات الأخيرة بعض المشاكل وقد تمكنا من التغلب عليها وأهم هذه المشاكل كانت تتعلق بإدخال البطاقة الوطنية البيومترية وأعتقد أن مشكل الحصول على الوثائق سيحل في المستقبل بعد أن يتوفر الجميع على هذه البطاقة. ولتحسين الخدمات المقدمة للمهاجرين نقوم بتوسيع عدد القنصليات ففي مدينة برشلونة الإسبانية مثلا توجد حاليا ثلاث قنصليات وأهم مهامها التزويد بالوثائق والدفاع عن مصالح الجالية من خلال المفاوضات مع الدول الأخرى وما يتعلق بالزواج والطلاق، كما قمنا بإعداد الدليل القنصلي ليعرف كل طرف حقوقه وقمنا بمجهود كبير لعصرنة وسائل الاتصال الالكتروني، وفي المستقبل نرجو أن نصل إلى تقديم الخدمات عن بعد عن طريق الانترنت. بالمقابل أعتقد أن على أوربا أن تعمل على احترام هوية وثقافة المهاجرين ومعتقداتهم وهذا مطلب أساسي خاصة إذا علمنا أن وجود جالية في دول أوربا هو أداة إغناء متبادل لخلق حوار بناء ولبناء فضاء أورو متوسطي. ● المغرب يركز في علاقاته الخارجية على أوربا وأمريكا الشمالية وبعض دول الخليج ، بالمقابل لا يعمل على توسيع علاقاته الخارجية بما يخدم مصالح المغرب مثلا مع أمريكا اللاتينية ودول آسيا مثل الصين واليابان ودول إفريقيا ؟ ●● العلاقات مع الاتحاد الأوربي وإفريقيا أساسية ونحن حاليا نحضر لجولة إلى دول أمريكا اللاتينية وسنناقش فيها قضايا سياسية واقتصادية، ولدينا الآن الأكاديمية الديبلوماسية التي نكون فيها ديبلوماسيين يتعلمون أسلوب التواصل وكيفية تنظيم زيارة رجال أعمال وكل ما يتعلم بالديبلوماسية، فالعالم الآن تغير وظهر فيه فاعلون جدد وآليات جديدة وعلينا أن نتأقلم مع هذه الأوضاع ونبحث عن الاستثمار الخارجي وعن أسواق جديدة، العالم أصبح معقدا وغامضا وينبغي لمن يشتغل في هذا الميدان أن يفهم ذلك حتى يكون مؤثرا وهذا طموح الديبلوماسية المغربية. ● بالنسبة لأمريكا لاتينية نلاحظ ضعف تواجد المغرب في هذه القارة ونشاط مكثف لعناصر البوليساريو مما ينعكس على مواقف هذه البلدان إزاء قضية الصحراء؟ ●● أولا المغرب لا يوجد في كل الدول، لقد فتحنا سفارات في المكسيك وغواتيمالا وكولومبيا وتتكلف ببنما والاكواتور ولدينا سفارات في البيرو والبرازيل والشيلي والأرجنتين وقد ألغت بعض الدول مثل غواتيمالا والشيلي اعترافها بالبوليساريو. ● بالنسبة للديبلوماسية الموازية ما مدى نشاطها ودورها في توضيح مواقف المغرب؟ ●● الديبلوماسية الموازية الآن ضرورة وأحيانا يكون دور المجتمع المدني والأحزاب السياسية مهما جدا في خلق التواصل مع الفاعلين في الدول الأخرى، وفي تقديم وجهة النظر المغربية، وقد خلقنا الآن «مديرية الدبلوماسية العامة والفاعلين غير الحكوميين» التي من اختصاصاتها «تقوية التفاعل مع مجموع مكونات المجتمع المدني ومجموعات التفكير». فإلى جانب المجتمع المدني بكل مكوناته الفاعلة، نراهن على الأكاديمية المغربية للدراسات الدبلوماسية، التي ستتطور إلى مركز للبحث والدراسة ووضع الاستراتيجيات، وكذا نشر بحوثها العلمية المتخصصة، وانفتاحها على المجتمع المدني. الدبلوماسية المغربية وطبقا لمقتضيات الدستور الجديد تعطي لمغاربة العالم دورا مهما في صناعة الحدث الدبلوماسي من خلال إبداء أرائها حول توجهات السياسات العمومية التي تمكن المغاربة المقيمين بالخارج من تعزيز موقعهم ببلدهم الأصل وكذا ببلد الاستقبال. ذلك أن نشاط كثير من المغاربة وتفاعلهم مع برلمانات دول الاستقبال، وعضويتهم في الأحزاب السياسية، ومواقعهم العلمية والاجتماعية في بلد الاستقبال أكسبهم خبرة وتأهيلا أصبح المغرب يعول عليه في دعم مسار العمل الدبلوماسي الموازي. هذا، بالإضافة إلى الدبلوماسية البرلمانية، التي نشطت ببلادنا خلال السنوات الأخيرة حيث ربط البرلمان المغربي علاقات وطيدة مع نظيراتها الدولية من خلال مجموعات الصداقة مثلا، وكذا ربط صلات تواصل بين أحزاب مغربية ونظيراتها الإقليمية والدولية. كل هؤلاء الشركاء الجدد في العمل الدبلوماسي أعطى زخما في التصور وربما تقاسم المهام بحكم التخصص. مجمل القول، فإن الممارسة الدبلوماسية أصبحت دستوريا تخضع للتدبير المشترك بين الملك والحكومة وكل الفاعلين غير الحكوميين الجدد، وبالتالي فلا مجال للحديث عن مقولة «المجال المحفوظ». أو» السيادي» ● هل تعتقدون أن الحاجة للاتحاد من أجل المتوسط ما زالت قائمة خاصة وان عدد من المراقبين يقولون أنه خلق بالأساس لدمج إسرائيل في الفضاء المتوسطي وإخراجها من عزلتها الاقليمية؟ ●● هذا خطأ، الاتحاد من اجل المتوسط هو استكمال لمسلسل برشلونة، فكرة ساركوزي كانت تهم فقط الدول المطلة على البحر المتوسط لكن الاتحاد الآن يضم 43 دولة، «قيمة إقليمية مضافة»، في علاقات الجوار والتعاون بين دول ضفة جنوب المتوسط، التي أتصور أن يتجاوز الإطار التقليدي الذي كثيرا ما حكم علاقات أوربا بمنطقة المتوسط، حيث حول دول الجنوب مع مرور الوقت إلى موقع المتلقي للمساعدات والتمويل دون التمتع بقدرة حقيقية على تسيير هذا الإطار من التعاون، وهذا يعني إعمال مبدأ الملكية المشتركة بين شطري المتوسط، بوقوفها على قدم المساواة مع الدول الأوربية في توجيه التعاون الأورو-متوسطي. وأنا شخصيا أعتقد أن الربيع العربي بين أننا في حاجة إلى مؤسسات وهيئات للتشاور السياسي. ● لكن هذا الإتحاد بطريقة غير مباشرة فك العزلة عن إسرائيل؟ ●● إسرائيل كانت موجودة في مسلسل برشلونة والدول العربية كلها تنتقد إسرائيل حتى في الاتحاد من أجل المتوسط. علينا أن ننظر إلى الاتحاد كآلية للتعاون وليس آلية لحل المشكل العربي الإسرائيلي الذي سيحل في الأممالمتحدة. وقد كنت رئيسا للاتحاد من أجل المتوسط ولم يسبق أن تم طرح الموضوع في الاجتماعات، فكل اجتماع نبدأ بالحوار السياسي ويتكلم ممثل الدول العربية وبعده يجيب ممثل عن إسرائيل ولكن هذا ليس آلية للتطبيع مع إسرائيل. ● كنا نعرف السيد يوسف العمراني الديبلوماسي لكننا فوجئنا مع الحكومة الجديدة بالانتماء السياسي لكم لحزب الاستقلال، ما هي علاقتكم بحزب علال الفاسي؟ ●● أنا ولدت في حزب الاستقلال لأن والدي كان مفتشا في هذا الحزب ووالدتي كانت من مؤسسي بناة حزب الاستقلال وبدأت الحياة السياسية في الكشفية الحسنية وكان عمري ثمان سنوات ثم كنت في اتحاد طلبة المغرب وفي المكتب المركزي للشبيبة الاستقلالية سنة 1978 حتى 1989، وبعد ذلك أنيطت بي مهام ديبلوماسية إذ أصبحت قنصلا عاما ثم سفيرا وهذا يتناقض مع دوري السياسي، الآن أنا في منصب سياسي ويمكنني أن أمارس السياسة والديبلوماسية لكن عندما أكون موظفا ساميا فهذا وضع صعب ولا يمكن الجمع بين الأمرين. ولكن في الحقيقة حزب الاستقلال مدرسة تعلمت فيها الانضباط وتعلمت فيها احترام البلد واحترام الآخر، وهنا أذكر ما قاله لنا علال الفاسي عندما كنت أمثل الشبيبة الاستقلالية في الخارج رفقة عدد من زملائي أمثال محمد الساسي ولشكر وخالد الناصري ونبيل بنعبد الله قال لنا «إذا أردتكم انتقاد بلدكم عمركم ما تنتقدوها في الخارج حتى تدخلوا لبلاد» هذا ما تعلمناه في الحزب الانضباط السياسي واحترام ثوابت البلاد الإسلام والملكية والوحدة الترابية.