اليابان تعرب عن تقديرها لجهود المغرب الجادة وذات المصداقية في إطار مبادرة الحكم الذاتي    منصة جديدة لتسريع فرص العمل بالمغرب    انطلاق فعاليات الدورة الثالثة للمعرض الجهوي للاقتصاد الاجتماعي والتضامني بتطوان    ختام "الأسد الإفريقي".. صواريخ "هيمارس" وطائرات "إف 16" المغربية تزأر بطنطان    مورو يعطي انطلاقة المعرض الجهوي للاقتصاد الاجتماعي والتضامني بتطوان    العلاقات المغربية الإسرائيلية.. الأبعاد والحدود    حماس تنظر بإيجابية إلى مقترح للرئيس الأمريكي لوقف إطلاق النار بغزة    طقس السبت.. أجواء حارة وقطرات مطرية بهذه المناطق من المملكة    الحكومة تقترب من الإفراج على نص تنظيمي يعوض المسافرين عن تأخر الطائرات    بونو يهزم رونالدو ويبكيه مرة أخرى    الإعلان عن تأجيل امتحانات كلية الطب بفاس في سياق حل أزمة الإضرابات    غابات الحسيمة والناظور الاكثر عرضة لخطر اندلاع الحرائق    بعد الزيادة في ثمنها.. الغش يطال أوزان قنينات "البوطا"    إريك موريتي: العلاقات القضائية بين المغرب وفرنسا "تجسيد مثالي لمجتمع المصير الواحد"    نقابة التعليم العالي تقترح على الحكومة تأجيل امتحانات كليات الطب لإتاحة الفرصة لعودة الطلبة    الأمثال العامية بتطوان... (613)    صرف منحة تضامنية لفائدة أرامل ومتقاعدي الأمن بمناسبة عيد الأضحى    اليابان: جهود المغرب في قضية الصحراء جادة وذات مصداقية    الشروع رسيما في تسويق منتوجات "الكيف" بصيدليات المغرب    جامعة بلجيكية تعلق تعاونها مع إسرائيل    غياب طبيب الدماغ والأعصاب يثير احتجاجا بمستشفى تطوان    المنتخب الوطني يعتلي صدارة طواف المغرب للدراجات    المغرب يسجل 47 إصابة جديدة ب"كوفيد"    الدار البيضاء.. انطلاقة النسخة ال 18 لكأس محمد السادس الدولية للكراطي    جهة الرباط تتصدر إصابات "كورونا" الجديدة    نجم برشلونة السابق في قلب "فضيحة" فساد بسبب السوبر الإسباني    نجم الأولمبي على ردار بنفيكا البرتغالي    دفاع شقيق بودريقة يشكو "تزوير محاضر"    "التجاري وفا بنك" تطلق معرضا للفنون    اليابان تدعم جهود المغرب بملف الصحراء    حزب في تحالف الأحرار يطالب بحل مجلس جماعة تطوان    استفزاز أم ابتزاز.. أكاديمي يفسر خلفيات "صورة نتنياهو المشينة"    اتحاد طنجة يصارع الزمامرة من أجل البقاء والجيش يواجه بتطوان للاقتراب من اللقب    خطة الركراكي الجديدة لاستغلال القوة الضاربة للمنتخب الوطني    سبعة قتلى وعدد كبير من الجرحى وسط طاقم سفينة تورو روسو    الحر الشديد يقتل 14 هنديا خلال يوم واحد في ولاية بيهار    فرنسا تلغي مشاركة شركات سلاح إسرائيلية    افتتاح مهرجان الفيلم العربي في روتردام    الذهب يتجه لتحقيق المزيد من المكاسب للشهر الرابع على التوالي    روسيا تنتقد البيت الأبيض بعد إدانة ترامب    وزير الخارجية الإسرائيلي يهدد بإغلاق القنصلية الإسبانية في القدس    البحرية الملكية تنقذ سفينة شحن بانمية منكوبة    من العاصمة : حكومة أفلاطون    وكالة التنمية الرقمية والمرصد الوطني لحقوق الطفل يوحدان جهودهما من أجل بيئة رقمية آمنة    توديع فوج حجاج إقليم تاوريرت المتوجهين إلى بيت الله الحرام    تكريمات وجوائز في افتتاح الدورة الخامسة والعشرين للمهرجان الدولي للعود بتطوان    الأوروغوياني كافاني يعلن اعتزاله اللعب دوليا    الإسلام: الأبعاد الأربعة    برنامج الدورة السابعة لمهرجان ابركان للسرد القصصي    وصول أولى طلائع الحجاج المغاربة إلى المدينة المنورة يتقدمهم حجاج الأقاليم الجنوبية    اِصدار جديد لعدنان الصائغ بعنوان "وَمَضَاتُ…كِ"    بشرى الضو تحذر محترفي التفاهة    المجلس العلمي للفنيدق يكرم طحطح    4 فوائد صحية محتملة للقهوة "رغم أضرارها"    "العلم" تواكب عمل البعثة الطبية المغربية لتقريب خدماتها من الحجاج في مكة والمدينة    عامل المضيق الفنيدق يستقبل الحجاج المتوجهين للديار المقدسة    «الموسوم الوجيه بأعلام آل الشبيه» : كتاب يتتبع مسار العائلة والزاوية الإدريسية لثلاثة قرون    أول مغربية تقاضي أسترازينيكا تصف الحكم القضائي بالتعويض المالي بالمنصف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الضّمِيرُ الإنسَانِيّ!
نشر في الصحيفة يوم 04 - 07 - 2022

بَلَدُنا مِضيَاف.. يَتَمَيّزُ بالتِّرحَابِ والكرَم.. وهذه ثَقافةٌ مُتَجَذّرِةٌ في طِباعِ النّاس.. وحَفاوةُ التّآزُرِ والتّعاوُن، بين مُختَلفِ الفِئات، لا تَخفَى عَن مُجتَمعِنا الذي يَهُبُّ - تِلقائيًّا - لِنَجدَةِ ودَعمِ أيِّ مُحتَاج..
■ هذه مِيزةٌ في هذا البَلَد..
وفِئةٌ تَستَقطِبُ الأنظَار..
وتَجِدُ في حياتِنا اليَوميّة، في أيّ وَقت، فُسحَةَ الأمَل..
الناسُ يتَوَكّلون على الله، ويَخرُجُون إلى حَقلِ الحياة..
وبينَ ظَرفٍ وآخَر، مَسَافَةٌ زمَنيّةٌ تَفصِلُ بينَ مَكانٍ وآخَر، وحالةٍ وأُخرَى...
إنها فُسحةٌ تَكفِي لكَيْ يَعِيشَ الناسُ وَقتًا لِغَيْرِهِم..
فُسحةٌ تكفِي لإيقاظِ الإنسانيّة، والضّميرِ الوطنِيّ، في أعماقِ أيّ إنسان..
▪︎في بلادِنا يُوجدُ هذا النوعُ منَ البشَرِ الخَدُوم: فئةٌ تَتَخَيّرُ وَقتًا ولو قصِيرًا، لكي تَتفرّغَ فيهِ لخِدمةِ الآخَر..
هذا النّوعُ الخَدُومُ مَوجُود في كلّ مكانٍ عِندَنا..
إنها فِئةٌ لا تُفكّرُ في نفسِها فقط، بل تُفكّرُ في غَيرِها، وهي تتَساءَل: "ألا أستَطيعُ أنا أيضًا أن أساعِدَ غَيرِي؟"..
هذه الفئةُ الكريمةُ مَوجُودةٌ عِندَنا، في البَوادِي والحواضِر..
وكلُّ عابرِ سبِيل، يلتَقِي في طريقِه مَن يُرحّبُ به..
ويَكتشفُ بنَفسِهِ الكرَم، وأنّ كُلّ فردٍ لا يتَردّدُ في تقدِيمِ خَدَماتٍ جُلَّى لشَخصٍ مُحتَاج..
■ "مَلائِكةُ الرّحمَة" لا تعيشُ وَحدَها..
حَياتُها لا تكُونُ إلاّ مَع الآخَر، ومِن أجلِ غَيرِها..
فُسحةٌ زَمانيّةٌ يَجِدُها أيُّ امرِئٍ لمُسانَدةِ الغَير..
المُساعدةُ قد تكُونُ بسِيطة، ولكنّها حَتمًا مُهِمّة، لأنّها تأتِي في وقتٍ دقِيق، وبسُرعَة، وتُقَدِّمُ إلى الغيرِ ما يَحتاج.. والمُساعَدَةُ تكُونُ ذاتَ قِيمةٍ وجَودَة، عِندَما تأتي في وقتٍ مُناسٍب..
▪︎"مَلائِكةُ الرّحمَة" مَوجُودَةٌ في أوساطِنا الاجتِماعيّة، ولا هَمَّ لها إلاّ فُسحةُ وقتٍ كافٍ من أجلِ غَيرِها..
وهذه الفِئةُ الرّحِيمة، فيها ما نَرى، وما لا نَرى، وتُقَدّمُ المُستَطاع، في الوقتِ المُناسِب، وبدُونِ انتِظارِ جَزاءٍ أو مُقابِل..
تَبذُلُ هذا الجَمِيل، أو تُؤدِّي هذه الخِدمة، أو تُقدِّمُ نصيحةً ثمِينة، وبسُرعَة، لِمَن يَحتَاجُها، داخلَ الوقتِ المُناسِب..
▪︎كثِيرُون في أوساطِنا الاجتِماعيّةِ يَتَفَرّغُون لغَيرِهِم، من أجلِ ما يَستَطِيعُون..
▪︎وفي الخَفاءِ أيضًا، وفَوقَ كلّ الأحوال، حُكماءُ يَتحَمّلونَ الصّعاب، ويَبذُلونَ الغَالِي والنّفِيس، لطَمْأنَةِ الجمِيع، ونَشرِ الأمَلِ في غدٍ أفضَل..
▪︎نِساءٌ ورجالٌ في قِمّةِ الصّبرِ والمُعاناة، يُواجهُون كلَّ الظّرُوف، على تَناقُضاتِها، وعلى صُعُوبةِ الحياةِ اليوميّة..
وفي هذه الحالاتِ الدّقيقة، يُقدّمُون لكُلّ الناس ما يُقرّبُ الأملَ مِن نفُوسِ الجميع..
ويَبذُلون أقصَى ما يستَطيعُون لإقناعِهِم بتَجنُّب الارتِباك، وبالعَملِ في أجواءِ راحةِ البال، على استِمراريةِ الحياةِ في ظرُوفِها الطبيعيةِ المُعتادة..
هؤلاء، نساءًا ورِجالاً، وفيهِم عاطلُون، وموظّفُون، ومسؤولون وغَيرُهُم.. يَنسَون أنفُسَهُم، ويعِيشُون خلالَ أوقاتٍ مُعيّنة، مِنْ أجلِ غيرِهم..
▪︎وفي نفسيّتِهِم الطيّبة، الإحسانُ للغيرِ ليسَ دائمًا في شكلِ أموال، لأنّ المالَ قد يكُونُ في بعضِ الحالاتِ تشجيعًا على التّسوُّل..
▪︎وهُم لا يَفعَلُون الخيرَ طَمعًا في جَنّةٍ أو تجنُّبًا لجَهَنّم.. إنهُم يًفعلُون الخيرَ من أجلِ الخَير..
وعندما يكُونُ الخيرُ للخَير، يكُونُ فضِيلةً لا تُقاسُ بأيّ ثَمَن..
▪︎وفي قلُوبِ هذه الفئةِ الخَيّرة، شُعلةُ القُدرةِ على التّحمّلِ وعلى مُواجهةِ استِمراريةِ المُعاناة، لا من أجلِ أنفُسِهم، بل من أجلِ غَيرِهِم، ولأجلِ حياةٍ جَماعيةٍ مُشترَكةٍ آمِنة..
▪︎مَسؤولون في قطاعاتٍ مُختلِفة، هُم فاعِلُو الخير، وفي الخَفاء، بعيدًا عن الأضواء..
إنه الخيرُ من أجل الخير، لا من أجلِ جَزاء..
▪︎وعِندَما نَحسِبُ قِيمةَ هذا الخَيرِ للخَير، تكُونُ قِيمةً كبيرةً إذا قارَنْناها بانعكاساتِها الإيجابيّة على التّعايُشِ الاجتِماعي، وعلى رُوحِ التّآزُر والتّعاوُن..
وعِندَما نَتأمّل انعكاساتِ هذا الجميل الذي يُسدَى بدُون أيّ انتِظار، أو أيّ مُقابِل، نَكتشفُ أنّنا في حياةٍ مُستَمرّة، بفَضلِ عُيونٍ وقُلوبٍ صِحّيّةٍ وأمنيّةٍ ومَعِيشيّةٍ مَفتُوحةٍ على غدٍ أفضَل..
▪︎ وترى الناسَ نائمِين.. وعُيُونُ غَيرِهِم مفتُوحةٌ للاطمِئنانِ على استِمراريةِ أحوالِ كلّ البلَد، وعلى ظرُوفِنا الاجتِماعيّةِ والسياسيةِ والاقتِصادية، ناهيكَ عن سلامةِ أرضِنا مِن تعقِيداتِها وانعِكاساتِها على علاقاتِنا الثُّنائية والعالَمِيّة..
■ هذه فضِيلةٌ أخرى مِن السّاهِرِين على أحوالِنا، قِمّةً وقاعِدة، من أجلِ سَلامةِ كُلّ البلَد..
إنهُم حُكماءُ الخَيْر، عُقلاءُ الواجبِ الوَطني، يَستَوعِبُون التّعقيداتِ الحاصِلة في العلاقات بين الدُّول، سياسيًّا واقتصاديّا واجتماعيا وثقافيا ودبلوماسيّا.. ويقُومُون بواجبٍ إنسانيّ هو فوقَ أيةِ مسؤوليةٍ وظِيفيّة..
ويَعتَبرُون الإنسانيةَ أهمَّ وأكبَر.. ولا يتَردّدُون في مُساعَدةِ مَن يَحتاجون للمُساعدة..
الإنسانيةُ هي فوقَ أيّ اعتبارٍ آخَر..
والحياةُ مُستَمِرّة..
■ وَوَطَنُنا أوسَعُ مِن كُلّ الحَالاتِ وأكبَر..
وقَلبُ هذا البَلَد، يَسَعُ الجَمِيع..
الوَطنُ ليس فقَط فَضاءَنا الخُصُوصِيّ والعُمومِيّ..
إنه المُشتَرَك.. كُلُّ ما هو مُشتَرَكٌ بين أفرادٍ وجَماعات..
▪︎ أمّا أن تُسلَّمَ المُساعَدةُ باحتِرامٍ ومُراعاةٍ لكَرامةِ الآخَر، إلى مَن يَحتاجُونها، تكونُ هذه أيضًا فضِيلةً في ذاتِها قِيمةٌ مُضافَة..
▪︎ ولا نِسيانَ للحِفاظِ على صِحّتك.. هيّ أيضًا حِمايةٌ مِنكَ لصحّةِ الآخَر.. وهذه أَسمَتها حَضاراتٌ قديمةٌ "فنَّ العِنايةِ بالصحّة"..
وهذا في ذاتِه مَفهُومٌ طبّي، وفنُّ العَيش، والتّعايُش...
وهي مَعايِيرُ وِقائيّة، لتَجنُّبِ إصَاباتٍ وانتِشارٍ لأمراض..
وإذا ارتَبَطَت هذه وغَيرُها بمَفاهِيمِ "سَلامةِ العمَل"، وسلامةِ العقل، فهذه مُمارَسةٌ مَيدانيّة، ونَظافةٌ مِهَنيّة...
إنها تَنظِيفٌ جَماعيّ مِن النّفاياتِ والجَراثيم..
والحفاظُ على هذه الرعاية، هي أيضًا رعايةٌ لأخلاقياتٍ تقُودُ إلى التخلُّصِ مِن مَظاهِرِ التّلوُّث..
▪︎هي رعايةٌ وِقائيةٌ فَرديّةٌ وجماعيّةٌ ذاتُ بُعدٍ اجتماعيّ تَعقِيمِيّ، وحِمايةٌ للأخلاقِ الاجتِماعيّة..
نَظافةٌ بَدَنيّةٌ تعنِي تنقيةَ الحالةِ النّفسيّةِ والعَقليةِ والعَصَبيّةِ لأيّ إنسان..
▪︎وهذه وغيرُها مِنَ القِيّم الثّقافيّةِ والحَضاريّة، اعتِبارًا لامتِداداتِها إلى نظافةِ البَيتِ والشّارِع، وسَلامةِ البيئةِ الطبيعيّة..
■ وخِتامُهُ مَسؤُوليّة..
مَسؤُوليةٌ مَصدَرُها الضّمِير.. مَسؤُوليةٌ أخلاقيّةٌ جَماعِيّة.. وبهذا المُستوَى السُّلُوكِيّ، لا يَرعَاها إلاّ ضميرٌ مُتَخلِّقٌ مُتحَضّرٌ إنسانِيّ.. ونحنُ هذا الضّمِيرُ الجَماعِيّ.. الضّمِيرُ الإنسانِيّ!
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.