المسائية العربية / عبد المجيد ايت أبا عمر مع انبلاج فجر الجمعة 25 ماي الجاري يحل اليوم الوطني لحقوق الطفل ، و تتطلع الجمعيات والمنظمات المهتمة بشؤون الطفولة إلى خلق نقاش وطني مطبوع بنقد ذاتي صريح بهذه المناسبة ، التي تصادف هذه السنة مرور سبع سنوات على انطلاق خطة العمل الوطنية للطفل 2006/2015، لكن الأشد مرارة هو تزامن هذا الإحتفال بصدور تقرير صادم من منظمة اليونيسيف لسنة 2012 كشف عن الواقع المزري للطفولة المغربية من زوايا متعددة ، وقدم مقارنات بينه وبين دول إفريقية وعربية في كل المؤشرات، إذ صنف المملكة في الرتبة 69 عالميا من بين 165 دولة، والرتبة السادسة عربيا من حيث وفيات الأطفال، وراء كل من موريتانيا والسودان وجيبوتي واليمن والعراق على التوالي... ورصد التقرير أرقاما مقلقة تهم ا لنمو المتعثر للأطفال بنسبة 22 في المائة، ولم تتجاوز النسبة الصافية للتمدرس في الطور الإبتدائي 90 في المائة...بالإضافة إلى تشغيل الأطفال في سن مبكرة... ، وأغفل التقرير ظواهر أخرى مثل: أطفال الشوارع، وما يتعرض له هذا الكائن الصغير من الإستغلال الجنسي وسوء المعاملة...إنها حالات انتهاك صارخة لحقوق الطفل، عكستها تقارير ودراسات دولية ووطنية تضع على المحك مختلف البرامج والخطط، وتفضح الواقع الهش للسياسات المنتهجة في قطاع الطفولة. من تم، يمكن اعتبار هذه المناسبة، وقفة تأمل ضرورية، لإستنهاض ضمير المواطنة، من أجل إجراء تقويم موضوعي، لحصيلة ماتم إنجازه، ومالم ينجز في شتى المجالات، وتشخيص مكامن العجز والخصاص، لتلبية الحاجات الملحة لجيل الألفية الثالثة، من شريحة الأطفال التي أصبحت تمثل قرابة 33 في المائة من مجموع سكان المغرب حسب الإحصائيات الأخيرة للمنذوبية السامية للتخطيط.الأمر الذي يقتضي تبني سياسة ناجعة تستحضر خصوصية هاته الشريحة، وما تتطلبه من عناية خاصة، تدمجها في مخططات التنمية للنهوض برفاهية الطفل الإجتماعية والإقتصادية والروحية والفكرية، دون الإكتفاء بإنتاج القوانين، وتنظيم المناظرات، وتقديم البرامج التي تبقى توصياتها رهينة الرفوف بلا جدوى. لقد راكم المغرب مجهودا تشريعيا وطنيا، كان من الأحرى أن تواكبه إرادة سياسية قادرة على أجرأة التزامات الحكومات السابقة، التي حرصت على توقيع الإتفاقيات الدولية والإقليمية، وتناست الرفع من الميزانية المخصصة للإستثمار في مجال الطفولة، وتفعيل المؤسسات الدستورية للمراقبة، في سبيل ترشيد أمثل للموارد، من أجل سد الخصاص الحاصل في الخدمات الإجتماعية، التي تحتاج إليها الفئات المعوزة، خاصة المشردين والمعاقين والمهملين وضحايا سوء المعاملة...وتبدو الحاجة ماسة من الحكومة الحالية لإطلاق تفكير ونقاش جادين حول اثارمختلف الإصلاحات الهيكلية المعتمدة في مجال السياسات الإجتماعية التي تتهجها بلاد ناعلى واقع حقوق الأطفال،وملاءمتها مع المقتضيات الدستورية الجديدة . ورغم أشكال العجز التي لا تزال قائمة، نسجل دينامية فعاليات جمعيات المجتمع المدني، في الدفاع عن حقوق الطفولة، ودعوتهم للقائمين على الخطة الوطنية إلى توفير الإمكانيات، وترشيد صرفها، مع ضبط آليات التتبع والتقييم والمحاسبة، وتطوير أدوات التدبير، واحترام الآجال، وتوسيع مبدأ الشراكة، وإبلاء الأهمية للموارد البشرية ،ووضع نظام مندمج للمعلومات، لقياس تقدم الإنجازات، واكتشاف أسباب تعثرها. وفي الأخير، يجب اعتماد مقاربة شمولية، يشكل البعد القانوني أحد أبعادها فقط، وترتكز على التعبئة والتنسيق بين الدولة وكل الشركاء، لمواجهة المشاكل الإقتصادية، والإجتماعية، التي تؤثر سلبا على وضعية الأطفال، وذلك بتعميم وإلزامية الإلتحاق بالمدارس، وبتحسين مستوى عيش الأسر، وتقديم المساعدة للأحداث الذين يواجهون صعوبات، ومحاربة الأمية، ومراجعة العادات والتقاليد التي تعوق تمتع الأطفال بحقوقهم ... حقا لايزال أمامنا الكثير مما ينبغي التجند لإنجازه،سعيا لتحقيق الهدف السامي المتمثل في الشعار:"من أجل مغرب جدير بأطفاله"وإلى ذلك الحين، يظل لسان حال أطفالنا يردد : "نريد مغربا لايوجد فيه، أي تمييز بين الأولاد والبنات، بين المعافى والمريض، بين السليم والمعاق، بين الغني والفقير.نريد بيئة صحية مأمونة ونظيفة ملائمة للجميع، ونريد تعليما لائقا، وفرصا للعب، بدلا من الإضطرار للعمل أو السقوط في أحضان المرض أو التشرد".