لجنة ال24.. سانت فنسنت وجزر غرينادين: الحكم الذاتي هو الحل الوحيد لقضية الصحراء المغربية    المغرب يُسلم النسخة الثامنة لجائزة الحسن الثاني العالمية الكبرى للماء لمنظمة "فاو"    طلبة الطب يقررون اللجوء للقضاء ويتهمون ميراوي بجرهم لسنة بيضاء    الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة تستحوذ على قناة "ميدي1تي في"    أندونيسيا.. افتتاح الدورة العاشرة للمنتدى العالمي للماء بمشاركة المغرب    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    خامنئي يكلف مخبر بأعمال الرئيس الإيراني ويعلن الحداد    مؤتمر دولي يقارب شمولية الترافع عن مغربية الصحراء    إميل حبيبي    مات المؤلف... عاش الراوي    ميناء طنجة المتوسط ينافس موانئ عالمية بعد تحقيقه أداء استثنائي في 2023    أيام الأبواب المفتوحة للأمن الوطني.. استعراض التجربة المغربية في تدبير التظاهرات الكبرى    وفاة الرئيس الإيراني في حادث تحطم مروحية كانت تقله    كاس الكنفدرالية الافريقية لكرة القدم: الزمالك المصري يتوج باللقب    طقس الإثنين ممطر في هذه المناطق    مع قرب الامتحانات.. ما السبب وراء ارتفاع الطلب على "الساعات الإضافية"؟    أنّك هنا… في الرباط    الدرهم يتراجع ب 0,39 في المائة مقابل الأورو    ربط تطوان وطنجة بالقطار عبر المدينة الجديدة الشرافات    تواصل عملية ترقيم الأغنام والماعز الموجهة للذبح خلال عيد الأضحى    «ذهبنا إلى الصين .. وعدنا من المستقبل»    في لحظة استثنائية كرمت المفكر كمال عبد اللطيف: صراع التأويلات ضرورة, ومغادرة الأزمنة القديمة بوابة الحداثة    الصين: سفارة المغرب ببكين تضع رقم هاتفي رهن إشارة الجالية المغربية    الإعلان عن وفاة الرئيس الإيراني ووزير خارجيته والوفد المرافق لهما في تحطم مروحية (فيديو)    مسيرة حاشدة في الدار البيضاء شارك فيها آلاف المغاربة نصرة لغزة وتنديدا بالتطبيع (فيديو وصور)    الحكومة تعلن الزيادة في سعر "البوطا"    إعلان وفاة الرئيس الإيراني بشكل رسمي في حادث تحطم طائرة    مبادرة لانقاذ السنة الجامعية الطبية.. مناظرة وطنية وأجندة للحوار واستئناف فوري للدراسة    من سيخلف رئيس الجمهورية في إيران بعد مصرعه في حادث مروحية؟    تصنيف المغرب فيما يسمى مؤشر التعليم العالمي.. حتى لا ننساق وراء القردة    مصرع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ومرافقيه في حادث تحطم المروحية    إيران تعلن رسميا وفاة رئيسها ووزير خارجيتها وهذه أول صورة لحطام الطائرة    مؤلف "البصمة الموريسكية" يدعو إلى استثمار الأندلس في رؤية مستقبلية    زياش وأمرابط قد يجتمعان في غلطة سراي الموسم المقبل    ردود أفعال متباينة حول اتفاق حمدوك مع فصيلين مسلحين على تقرير المصير وعلمانية الدولة    بغلاف مالي يقدر ب4 مليون درهم.. عامل إقليم الدريوش يتفقد مشروع مركز ذوي الاحتياجات الخاصة ببودينار    ماكرون يرمم شعبيته في فرنسا    رغم خسارة اللقب.. منحة دسمة من "الكاف" لنهضة بركان    الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة تستعد للاستحواذ الكامل على قناة "ميدي1"    أزيد من 310 ألف شخص زاروا المعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط    الملتقى الدولي محمد السادس لألعاب القوى (العصبة الماسية): العداء المغربي سفيان البقالي يفوز بسباق 3000 م موانع    طقس الإثنين.. أمطار متفرقة ورياح قوية بهذه المناطق    نهضة بركان يفشل في التتويج بكأس ال "كاف"    مانشستر سيتي يحرز لقب الدوري الإنجليزي للعام الرابع على التوالي في إنجاز غير مسبوق    برشلونة يستضيف فاليكانو لحسم وصافة الدوري    معرفة النفس الإنسانية بين الاستبطان ووسوسة الشيطان    المعرض الدولي للنشر والكتاب.. إبراز تجليات مساهمة رئاسة النيابة العامة في تعزيز جودة العدالة    شركة تسحب رقائق البطاطس الحارة بعد فاة مراهق تناوله هذا المنتج    شبيبة الأحرار تستنكر "التشويش" على الحكومة    أخبار الساحة    المغرب وفرنسا يعززان التعاون السينمائي باتفاق جديد    لماذا النسيان مفيد؟    أطعمة غنية بالحديد تناسب الصيف    الأمثال العامية بتطوان... (602)    المغرب يسجل 35 إصابة جديدة ب"كوفيد"    السعودية تطلق هوية رقمية للقادمين بتأشيرة الحج    وزارة "الحج والعمرة السعودية" توفر 15 دليلًا توعويًا ب16 لغة لتسهيل رحلة الحجاج    العسري يدخل على خط حملة "تزوجني بدون صداق"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بنونة: قطعنا صحراء «بطن الغول» التي قطعها سيدنا عمر رضي الله عنه في ذهابه لاستلام مفاتيح القدس
قالت بأنها كانت منشغلة بأسئلة الوجود فكانت تقرأ القرآن الكريم بالمسجد الحرام وسارتر و«البحث عن اليقين» خارجه
نشر في المساء يوم 15 - 07 - 2014

حياتها من حياة المغرب المعاصر تفاعلت معه وفعلت فيه بكل الصدق والإخلاص ككاتبة وكمناضلة على طريقتها الخاصة وهي السليلة لأسرة عريقة في النضال والوطنية ومعروفة بالإيثار يقف على رأسها والدها «سيد الآباء» كما تسميه . ووالدتها المرأة الوحيدة في المغرب التي تنازلت عن أراضيها لجيش التحرير.
المرأة الحديدية التي قال عنها خالها سيد العربي الإدريسي المقاوم الشهير «لم تغلبني فرنسا وغلبتني هذه القردة»، حينما رفضت بشراسة أن تزوج وهي بعد طفلة لأحد الشرفاء كما تدعو إلى ذلك الطقوس. وهي التي قال لها والدها الروحي كما تسميه علال الفاسي: «لقد سبقت زمانك بمائة سنة»، وهي التي قالت له:»لو كان الجدار هو المستحيل نفسه لظللت أضرب برأسي عليه حتى أموت أو أفتح فيه كوة تصنع منها الأجيال الآتية بابا للمستقبل، لأكون جديرة بأبوتك» ، فعانقها وهو يقول: «أومن بك، أومن بك» ودمعت عيناه . حماها من الزواج المبكر وراهن عليها ولم تخيب فراسته. قال عنها :»هي ابنتي، وابنة المغرب وقرة عيني». أما عبد الكريم غلاب فكان يقول: «حينما تحضر خناثة نضع أيدينا على قلوبنا في انتظار أية قنبلة ستفجر» وهي التي قال عنها الراحل عبد الجبار السحيمي علمت الأجيال الشجاعة. وكثير كثير.
سجلت لوحدها ملحمة في الكتابة والمواقف والإيثار و رفضت الإغراء وعبرت عن أرائها بكل صدق وأخلصت لاختياراتها فكانت دائما هي الضمير المتحرك الذي لا ينام ، وهي التي قالت لأحد قادة الاتحاد الاشتراكي حينما سألها أتمنى أن تكون لنا شجاعتك:» لقد أطلقتم أحزمة بطونكم وبلعتم ألسنتكم، أما أنا فأحكمت الحزام على بطني، وأطلقت الحرية للساني». في هذه الحلقات تروي صاحبة «النار والاختيار»، و«الغد والغضب» القصة الكاملة لقراء «المساء» بتفاصيل التفاصيل كما لم تسمعوها من قبل.
- هل قطعتم هذه الصحراء بالسيارة؟
نعم . و«صحراء بطن الغول» هي التي قطعها سيدنا عمر رضي الله عنه في ذهابه لاستلام مفاتيح القدس.
- لو تحدثينا عن هذه الرحلة في عمق الصحراء؟
«صحراء بطن الغول».. الداخل إليها مفقود والخارج منها مولود. وهذه الصحراء كما سبق وذكرت اجتازها الخليفة سيدنا عمر رضي الله عنه، وكان يركب مرة ناقته والعبد راجلا ثم يركب العبد أو المساعد على الناقة ويمشي هو راجلا إلى أن وصلا القدس.
وفي هذه الرحلة، تعرضنا إلى مشاكل كثيرة لأن السفر بها لم يتعود عليه إخوتي. كان يقود السيارة أخي الحاج الطاهر وأخي عبد الرحمان وأب العروسة. وكانت السيارة كبيرة جدا. وكانت تحمل كل ما يلزم الحفلة من لوازم ومن الحلويات المغربية وغير ذلك. وقد علقت عجلات السيارة بالرمال، وعانوا كثيرا قبل إخراجها منها. وظللنا على ذلك الحال مدة طويلة، لأنه كما أذكر، بتنا ليلتين أو ثلاث ليال في «صحراء بطن الغول». وهناك التقينا بعمي صالح رحمه الله إن كان ميتا وجزاه الله عنا خيرا إن كان حيا. فقد ساعدنا كثيرا لما علقنا بالرمال. كانت له ثلاث شاحنات من نوع «فولفو» ولم يكن قد سبق لنا أن رأينا مثلها من قبل، فقد كانت تقطع الصحراء بقوة وجهد منقطعي النظير وكانت تمتاز بقدرة خارقة على التحمل، إذ لم تكن مثل سيارتنا نحن.
كانت تلك الشاحنات محملة عن آخرها بالمؤونة الموجهة إلى الحجاج. وكان هناك شك في أن تلك المواد من الأجبان والحليب والبيض والزبدة وغيرها ربما آتية من إسرائيل، وموجهة إلى الحجاج. وللأسف فموسم الحج كان يستغل من طرف اليهود. هذا الشك كان مطروحا.
وعلى أي حال، فقد قدم لنا عمي صالح هذا مساعدات كثيرة ، من ذلك وخوفا علينا، فقد أوقف الشاحنات الثلاث ثم أخرج مصابيح كهربائية وكلف سائقين لحراسة النساء اللواتي كن مع الوفد المغربي، في حين بقي هو وحده. أذكر أنه كان في الشاحنات ثلاجات يوجد بها الماء البارد وكل ما يحتاجه المرء من مأكولات . وقد هيأ لنا عمي صالح هذا وليمة داخل الصحراء بعدما أضاءها بالمصابيح الكاشفة، وحرسونا من الأفاعي التي يقال إنها كانت موجودة هناك.
وأذكر أنه في اليوم الثاني وهو يسير معنا في تلك القافلة من الشاحنات ببطء على قدر سير سيارتنا، طلبنا منه وخوفا من أن تفسد وتتعفن المواد التي يحملها، الذهاب وشكرناه ليواصلوا طريقهم بسرعة، وحينما تركنا علقنا مرة ثانية بالرمال، وطلب إخوتي من سائقي الحافلات التي كانت تمر من هناك جرنا. وحينما قاموا بذلك انكسر «البارشوك»، ووقعنا في مأزق كبير لا نحسد عليه.
ونحن على هذا الحال، إذا بوفد من الأتراك رفقة سائق أردني، يمر بالطريق وبعد ذلك جاءت وفود من العراق ومن أقطار أخرى فتجمعوا حولنا، وهم يتعجبون من هؤلاء المغاربة الذين غامروا بحياتهم وجاؤوا إلى هذه الصحراء الموحشة والمخيفة. اقترحوا تخفيف حمولة سيارتنا، فوزعوها على الحافلات، وتوزع الراكبون أيضا على الحافلات. وفي مشهد إنساني مثير، لكنه مؤلم بشكل كبير، وبمساعدة الجميع تمكنا من فك السيارة.
وأذكر أنه في هذه الرحلة رأينا حطام القطار الذي كانت صنعته الدولة العثمانية والذي ينطلق من تركيا ويقطع الأراضي السعودية.
وقد وصلت الحافلة التي كانت فيها والدتي وأحد إخوتي إلى تبوك .
بينما بقينا نحن مع الأردني الذي كان يقود قافلة الأتراك، وقد علقت السيارة مرة أخرى، مما جعلنا نصل متأخرين إلى تبوك فاقترحوا المبيت فيها. فقالت الوالدة: «هذا مستحيل ولن أغادر المكان حتى أرى ابنتي: . وكانت وهي ترى أولئك الرجال الذين يلبسون القمصان ويضعون «المناديل» على رؤوسهم، تحسبهم نساء، لذلك كانت تسألهم بقولها : «يا لالة يا امرا .. بنتي فين هي»، فيطلب منها الأهل أن تكف عن ذلك وتلعن الشيطان، فتجيب «ماشي شغلكم.. كانقلب على بنتي».
وفي الأخير، أتوا برئيس الجمرك بتبوك، وركبوا سيارة جيب مكشوفة . وساروا في الصحراء وهم يصيحون بمكبر الصوت إلى أن وجدونا ثم أخذونا إلى الوالدة . فارتاح ضميرها. وحينئذ قررنا أن نرحل. لكن رئيس الجمرك أبى ذلك إلا بعد أن يضيفنا. وأذكر أن زوجته كانت في شهرها التاسع. وبعد ذلك، انطلقنا لقطع المسافة الطويلة إلى المدينة المنورة.
أذكر أنه حين وصلنا إلى مدينة «الرسول»، وبعد أن حجزنا الفندق ذهبنا للسلام على الرسول «ص». وأمام قبره «ص» سرقوا لأخي الأوسط 2مليون بفرنك مليوني.
فقرب قبره «ص»، كان هناك عدد من المهاجرين الهاربين من نيران الحرب اليمنية، كما أنه كان هناك عدد كبير يعاني من الفقر إلى جانب عدد من المهاجرين. ونتيجة هذه السرقة اهتزت ميزانيتنا. ولا أتذكر كثيرا ما فعلناه في المدينة فما أتذكره كان في مكة المكرمة.
وهنا بمكة المكرمة، لابد أن أشير إلى أنني كنت أحترق بأسئلة الوجود التي حيرت العقل البشري ومازالت، كنت أقرأ القرآن الكريم في المسجد الحرام، ثم أقرأ خارجه سارتر وكتابا بعنوان «البحث عن اليقين» لعله لكاتب ألماني، وكانت نتيجة هذا الاختيار هي مقال أرسلته من مكة المكرمة لجريدة العلم تحت عنوان: «رحلة الإنسان في البحث عن المطلق»، ثم أخيرا الطواف بالبيت العتيق وعيوني تبكي وأنا أدعوا: «اللهم ارزقني إيمانا كإيمان العجائز»، لأن عقلي كان آنذاك على مشارف الهاوية.
والغريب وأنا بسوتشي على البحر الأسود، في ضيافة الاتحاد السوفياتي السابق، بعد زيارة لقبر لنين بموسكو، وذلك بعد الحالة بسنوات، توحدت بيقيني الديني توحدا نهائيا بفضل الله تعالى في حالة نفسية وفكرية يصعب على الكلمات التعبير عنها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.