الإسبان يتألقون في سباق "أوروبا – إفريقيا ترايل" بكابونيغرو والمغاربة ينافسون بقوة    هلال يدعو دي ميستورا لالتزام الحزم ويذكره بصلاحياته التي ليس من بينها تقييم دور الأمم المتحدة    أخنوش: حجم الواردات مستقر نسبيا بقيمة 554 مليار درهم    استطلاع رأي: ترامب يقلص الفارق مع هاريس    انعقاد مجلس الحكومة يوم الخميس المقبل    الجديدة.. ضبط شاحنة محملة بالحشيش وزورق مطاطي وإيقاف 10 مشتبه بهم    النجم المغربي الشاب آدم أزنو يسطع في سماء البوندسليغا مع بايرن ميونيخ    أطباء القطاع العام يخوضون إضرابا وطنيا الخميس والجمعة المقبلين    المعارضة تطالب ب "برنامج حكومي تعديلي" وتنتقد اتفاقيات التبادل الحر    حصيلة القتلى في لبنان تتجاوز ثلاثة آلاف    أخنوش: قيمة الصادرات الفلاحية لم تتأثر بالجفاف وسنعززها بتحلية المياه    سعر صرف الدرهم ينخفض مقابل الأورو    الجفاف يواصل رفع معدلات البطالة ويجهز على 124 ألف منصب شغل بالمغرب    البحرية الملكية تحرر طاقم سفينة شحن من "حراكة"    استنفار أمني بعد اكتشاف أوراق مالية مزورة داخل بنك المغرب    مهرجان أجيال بقطر يشارك "لحظات تشكلنا"    «بابو» المبروك للكاتب فيصل عبد الحسن    في ظل بوادر انفراج الأزمة.. آباء طلبة الطب يدعون أبناءهم لقبول عرض الوزارة الجديد    إعصار "دانا" يضرب برشلونة.. والسلطات الإسبانية تُفعِّل الرمز الأحمر    الجولة التاسعة من الدوري الاحترافي الأول : الجيش الملكي ينفرد بالوصافة والوداد يصحح أوضاعه    تعليق حركة السكك الحديدية في برشلونة بسبب الأمطار    رحيل أسطورة الموسيقى كوينسي جونز عن 91 عاماً    مريم كرودي تنشر تجربتها في تأطير الأطفال شعراً    في مديح الرحيل وذمه أسمهان عمور تكتب «نكاية في الألم»    عادل باقيلي يستقيل من منصبه كمسؤول عن الفريق الأول للرجاء    الذكرى 49 للمسيرة الخضراء.. تجسيد لأروع صور التلاحم بين العرش العلوي والشعب المغربي لاستكمال الاستقلال الوطني وتحقيق الوحدة الترابية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    مصرع سيدة وإصابة آخرين في انفجار قنينة غاز بتطوان    مديرية التعليم تكشف تفاصيل تعرض تلميذات للدهس بمدينة الحسيمة    أمرابط يمنح هدف الفوز لفنربخشة        متوسط آجال الأداء لدى المؤسسات والمقاولات العمومية بلغ 36,9 يوما    الجيش المغربي يشارك في تمرين بحري متعدد الجنسيات بالساحل التونسي    "العشرية السوداء" تتوج داود في فرنسا    إبراهيم دياز.. الحفاوة التي استقبلت بها في وجدة تركت في نفسي أثرا عميقا    أقدم استعمال طبي للأعشاب في العالم يكتشف بمغارة تافوغالت    بالصور.. مغاربة يتضامنون مع ضحايا فيضانات فالينسيا الإسبانية    أطباء العيون مغاربة يبتكرون تقنية جراحية جديدة    "المعلم" تتخطى عتبة البليون مشاهدة    مدرب غلطة سراي يسقط زياش من قائمة الفريق ويبعده عن جميع المباريات    عبد الله البقالي يكتب حديث اليوم    تقرير: سوق الشغل بالمغرب يسجل تراجعاً في معدل البطالة    "فينوم: الرقصة الأخيرة" يواصل تصدر شباك التذاكر        فوضى ‬عارمة ‬بسوق ‬المحروقات ‬في ‬المغرب..    ارتفاع أسعار النفط بعد تأجيل "أوبك بلس" زيادة الإنتاج    استعدادات أمنية غير مسبوقة للانتخابات الأمريكية.. بين الحماية والمخاوف    الكاتب الإسرائيلي جدعون ليفي: للفلسطينيين الحق في النضال على حقوقهم وحريتهم.. وأي نضال أعدل من نضالهم ضد الاحتلال؟    عبد الرحيم التوراني يكتب من بيروت: لا تعترف بالحريق الذي في داخلك.. ابتسم وقل إنها حفلة شواء    الجينات سبب رئيسي لمرض النقرس (دراسة)        خلال أسبوع واحد.. تسجيل أزيد من 2700 حالة إصابة و34 وفاة بجدري القردة في إفريقيا    إطلاق الحملة الوطنية للمراجعة واستدراك تلقيح الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة بإقليم الجديدة    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    وهي جنازة رجل ...    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إبراهام لنكولن..
كيف جعلت منه طفولته المعقدة مناصرا للعبيد؟
نشر في المساء يوم 31 - 07 - 2012

«لا تدعه يبقيك مستيقظا طوال الليل لأن اللغز لن تستطيع حله والأسئلة لن تجد لها أجوبة»، لكن في «أسرار غامضة طبعت التاريخ» نقوم بالإحياء الدرامي الدقيق لتلك الأسرار التي ألهمت الخبراء وأثارت اهتمامهم وأذهلتهم لقرون وعقود وجعلت من شخصياتها أساطير
في الذاكرة. سوف نقوم بكشف حقيقة بعض الشخصيات الأسطورية من خلال اكتشاف أدلة ونظريات جديدة.
إنه الرئيس السادس عشر لأمريكا، ويمكن القول إنه أفضلهم، لكنّ اغتياله المفاجئ خلق أسطورة حجبت شخصيته الحقيقية. من خلال تحليل طبي وتاريخي ونفسي معمق، سنقوم بتحليل لشخصية لنكولن وبالكشف عن تأثير حياته غير العادية عليها.
يوم الجمعة العظيمة
إنه ال14 من أبريل عام 1865، خمسة أشهر فقط بعد انتخابه رئيسا للبلاد للمرة الثانية يذهب إبراهام لنكولن إلى المسرح لمشاهدة مسرحية هزلية.. إنه «يوم الجمعة العظيمة».. بعد ساعتين على بدء المسرحية، توجّه شخص إلى الركن المخصص للرئيس وأطلق عليه النار بمسدس من نوع «ديرنغر». وفي اليوم الموالي، توفيّ لنكولن ليصبح بذلك أولَ رئيس أمريكي يجري اغتيالُه.
يقول هارولد هولزر، مؤلف كتاب «لنكولن»: «صادف يوم الأحد عيد الفصح، كانت جميع المنابر في هذا البلد تردد خطبا تقارن لنكولن بالمسيح لأنه قُتِل بسبب خطايا البلد، وقد أوجد هذا أقوى صدى على الإطلاق ورُفِع لنكولن ليصبح في نظر الناس قديسا علمانيا وأسطوريا على الفور»..
جميس ماكفيرسون من أشهر المثقفين في العالم الذين درسوا شخصية لنكولن، يقول عن هذه الشخصية: «نسيّ الناس كل النقد الذي وجه له بسبب أخطائه وإخفاقاته في زمن الحرب، لأنه اغتيل في لحظة نصر فلم يَروِ سوى الشهادة.. لقد أصبحت حياة لنكولن مثالية وجرى تناسي تعقيدات شخصيته».
يقودنا تحقيق حديث إلى كشف صورة أوسع لهذا القائد الذي كان، في الغالب، رجلا قاسيا عازما على النجاح، وكانت أفعاله في الحياة مُستمَدّة من بدايات ضعيفة ومن الفقر الذي خرج منه.
أسرار الطفولة
ترعرع لنكولن في كنتاكي، في مزرعة «سينكينغ سبرينغ»، ولد في منطقة ريفية في كوخ خشبي في عائلة من المزارعين الفقراء المكتفين ذاتيا. كان مستواه العلمي محدودا وكان، دائما، يشعر بالحرج، لأنه لم يكن متعلما. عندما وصل لنكولن إلى الكونغرس، أعطيَّ نموذجا ليملأه وتحت عنوان المستوى التعليمي كتب «ضعيف» واستعمل الكلمة كنوع من السخرية..
يعتقد الخبراء أنه استمد من طفولته، المليئة بالحرمان، وحوّلها إلى وسيلة للنجاح. خلال حملاته السياسية كان يردد دائما: «أنا إبراهام لنكولن، المتواضع، سياستي قصيرة وبسيطة مثل رقصة امرأة عجوز».. لكن الحقيقة طبعا مختلفة جدا، فلم يحقق أحد ما حققه لنكولن ولم ينهض أحد من العدم مثلما نهض هو، لقد كان بارعا في السخرية من نفسه، وقد خلق صورة معيّنة عن نفسه ليعشقها الناس ويحترموها من دون أن نرى المطامح التي كان يفكر فيها.
يرى مايكل بيرلينغايم، المؤرخ وأستاذ علم النفس، أن جذور مطامح لنكولن منغرسة مع شعور بالدونية، إذ كان يعي جيدا أنه رجل ريفي هو لا يريد أن يكون مزارعا أو نجارا كوالده ولم يشأ أن يعيش في الريف كما فعل والده، وبالتالي كان طموحه الأول أن يغادر ذلك العالم.. لقد حقق ذلك من خلال القراءة على نطاق واسع وعلّم نفسه الكثير من الأمور، لكن سعيه إلى الحياة العامة لم يكن لأسباب تتعلق بمصلحة الغير، كما يكشف بيرلينغايم، بل تبدو دوافعه أكثر من شخصية. وحقق لنكولن أول فوز سياسي حين كان في سن الخامسة والعشرين، حين انتخب ضمن الهيئة التشريعية في ولاية إيلنوي عام 1834 وتمكن، بعد ذلك، من شغل مراكز قانونية ناجحة.
أسرار لنكولن السياسي
إن أكثر صفة سيئة اكتشفها بيرلينغايم في لنكولن الشاب هي ميله كسياسي إلى القسوة، لقد استخدم روح الدعابة ليسخر من خصومه، خالقا جوا من المرح والإحراج في الوقت نفسه، وكان هناك نوع من التعجرف في بعض المقالات التي كتبها وكان يُوقّعها باسم شخص مجهول في ثلاثينيات وأربعينيات القرن التاسع عشر، ساخرا من خصومه السياسيين.. ففيما قد تكون مثل هذه الأساليب فعّالة في ولاية حدودية كإلينوي، فإنها لم تكن مناسبة للوصول إلى الرئاسة.
غير أنه في مرحلة من حياته تغيّر لنكولن على نحو واضح، إنه حادث مر به عام 1842 حين دعاه جيمس شيلدز، خصم سياسي وأحد ضحايا تصريحاته الساخرة، إلى مبارزة للدفاع عن شرفه، وكان سلاح المبارزة هو السيف، لكنْ في اللحظة الأخيرة تمكّن أحدهم من إقناعهما بالتوقف وانتهى الأمر باعتذار لنكولن ورحليه عن الساحة السياسية لمدة 5 سنوات..
خلال تلك الفترة، التي بدت سطحية وخالية من الأحداث، مرّ لنكولن من الرقي النفسي الكبير وأصبح سياسيا فاضلا بدلا من ذلك السياسي الساخر، وشكّل صدور قانون كنساس -نبراسكا عام 1854، الذي سمح للمستوطنين باستخدام العبيد، مع وجود قانون آخر يجعل كل الأراضي بدون عبيد، فرصة لعودته إلى المعترك السياسي. ألقى خطابا أبان عن بلاغته وقوته الفكرية ورفع من مكانته السياسية إلى مستوى وطني قال فيه: «لا يمكن للبيت المنقسم أن يصمد.. أعتقد أن هذه الحكومة لا يمكن أن تصمد: وفي بعض أراضيها عبيد والبعض الآخر خالٍ من العبيد.. لا أتوقع أن يحل هذا الاتحاد.. لا أتوقع أن ينهار هذا البيت، بل إنه لن ينقسم».
من خلال بحث مكثف، كشف مايكل بيرلينغايم عن مواقف لنكولن المناهضة للعبودية قائلا: «قال إنه من المثير للغضب أن يخرج أحدهم ويعمل تحت أشعة الشمس الحارقة طيلة اليوم، بينما يجمع شخص آخر كل الأرباح».
بدا مجددا أن تجربة لنكولن في طفولته تؤثر في أفعاله المستقبلية، واكتشف بيرلينغايم أن لنكولن حين كان شابا كان والده يؤجره للجيران وكان يعمل أعمالا شاقة في الزراعة وقطع الحطب.. وكان يعطي كل ما يجنيه لوالده. لقد أصبح مناصرا للعبيد عن غير وعي ومعتبرا والده من أصحاب الرقيق..
في 6 نونبر 1860، حقق لنكولن فوزا مفاجئا ليصبح الرئيسَ السادسَ عشر لأمريكا، بعد أن تلقى دعما من الولايات المناهضة للعبودية في الشمال، بينما كانت الولايات الجنوبية تعتمد على العبودية، لذا لم تضع اسمه على ورقة الاقتراع، فنشبت حرب أهلية..
في تلك السنوات عانى لنكولن على المستوى الشخصي، ففي العام 1862 توفي ابنه وليام بحمى التيفوئيد، وكان ذلك صعبا عليه وعلى زوجته، لأنه كان الولد المفضل لديهما. وتكشف أدلة حديثة أنه حاول التخلص من المشكل بتناول دواء «كلوماس»، وهو كتلة زئبقية تخفف الكآبة.. دواء قوي أثّر في شخصيته ومزاجه وجعله سريع الانفعال والغضب.
يؤكد نوربرت هيرشهورن، وهو طبيب مؤرخ، أن تصرفات لنكولن الغريبة سببها العقار الذي كان يُسمّمه ببطء، غير أنه سرعان ما توقف عن تناوله بعد 5 أشهر، حين بدأ يدرك التأثيرات الجانبية للدواء.
قبل اغتياله بثلاثة أيام، تحدث لنكولن عن الحقوق السياسية للعبيد الأحرار، وكان بين الجمهور ممثل شاب يدعى جون ولكس بوث أغاظه ما صرح به لنكولن وقال غاضبا: هذا آخر خطاب سيلقيه في حياته.. سأقضي عليه، وبعد يومين فقط، أطلِق النار على رأس الرئيس.. وبموته أصبح لنكولن بطلَ الاتحاد وخُلّد كأعظم الرجال في تاريخ أمريكا، التي صفحت عن بعض من إخفاقاته السياسية..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.