الجرائم التي ارتكبتها النازية في ما يعرف بالهولوكوست ، وتلك التي شهدها الاتحاد السوفييتي السابق في عهد ستالين أو التي تعرض لها الأرمن ، لا تقل بشاعة عن تلك التي تعرض لها عشرات الآلاف من المغاربة ، ومنهم العديد من الأطفال دون الثانية عشر ، والذين زج بهم قسرا في الحرب الأهلية الإسبانية ، 1936 - 1939 ، ليتم رميهم إلى سلة المهملات بعد نهاية الحرب ، ناهيك عن الآلاف من الذين قضوا خلال المعارك التي كانوا يتقدمون خلالها صفوف مقاتلي اليمين بزعامة الجنرال فرانكو. هذا الموضوع ستحاول تسليط الضوء عليه، ندوة ستنظم بالعاصمة الاسبانية مدريد في 18 أبريل القادم ، بمبادرة من الباحثين الاسبانيين المتخصصين في الشؤون المغاربية والعلاقات المغربية الاسبانية ، فيكتور موراليس ليثكتنو وإنياسيو كاستيين ، لتنضاف إلى الجهود التي تقوم بها عدد من المنظمات المدنية في الضفتين من أجل إماطة اللثام عن صفحات حارقة من التاريخ والذاكرة المشتركين . وقد أثمرت هذه الجهود خلاصات قيمة أثبتت مدى الحيف التاريخي الذي لحق بحوالي 150 ألف مقاتل مغربي، زج بهم في أتون حرب شرسة بين اليمين بزعامة فرانكو واليسار الجمهوري ، حيث تؤكد الوثائق التاريخية أن الآلاف منهم كانوا أطفالا قاصرين ، مما يعتبر انتهاكا صارخا للقانون الدولي وحقوق الانسان ، بل إن قوات فرانكو ، عمدت عن سبق إصرار إلى جعلهم في مقدمة صفوف المقاتلين وخلال المعارك الطاحنة التي شهدتها العديد من المدن الاسبانية ، حرب الشوارع ، الشئ الذي أدى إلى سقوط الآلاف منهم ضحايا حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل . ومما زاد من مأساة هؤلاء الضحايا ، أن اليمين الاسباني تنكر لهم بمجرد أن وضعت الحرب أوزارها ، رغم أن الحقائق التاريخية تؤكد أن مشاركة المقاتلين المغاربة رجحت كفة فرانكو خلال الحرب ، كما أن اليسار ناصبهم العداء معتبرا أنهم كانوا وراء انتصار الدكتاتورية التي حكمت اسبانيا لعدة عقود ، مما أصبح يتطلب مبادرات جادة لإعادة الاعتبار إليهم . وفي هذا الإطار يسعى المنتدى المغربي الإسباني للذاكرة المشتركة والمستقبل إلى تحسيس الفاعلين السياسيين بالبلدين إلى ضرورة فتح صفحة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان خلال الحقبة الاستعمارية، وذلك في إطار مقاربة متعددة الاختصاصات من أجل بناء مشترك للحقيقة والمستقبل المشترك ، وعلى رأس ذلك إشراك المغاربة في الحرب الأهلية الاسبانية و استعمال الأسلحة الكيماوية ضد سكان الريف خلال الفترة الممتدة من 1921 إلى 1927 لمواجهة المقاومة البطولية التي كان يقودها محمد عبد الكريم الخطابي ضد الإستعمار الإسباني، والذي تطالب العديد من الجهات في البلدين بضرورة اعتراف مدريد بمسؤوليتها التاريخية وتعويض الضحايا عما لحقهم من أضرار .