الى حدود منتصف نهار أول أمس السبت لم يصدر عن الحكومة الجزائرية أي رد فعل رسمي حول تصريح منسوب الى المرشح لرئاسة مصر المشير عبد الفتاح السيسي قال فيه إن الجيش المصري قادر على اجتياح الجزائر في ظرف ثلاثة أيام في حال تعرض أي مصري فيها إلى أي مكروه. وكالة الأنباء الرسمية الجزائرية و على خلاف بعض الصحف المستقلة المقربة الى مراكز القرار بالجزائر تعاملت ببرودة أعصاب غير مسبوقة مع الحادث العارض و إكتفت فيه بتصريح للناطق الرسمي باسم الخارجية الجزائرية أكد فيه أن مديرية حملة المشير السيسي فندت تفنيدا قاطعا في بيان لها نشر الجمعة الماضي التصريحات حول الجزائر التي نسبتها بعض وسائل الاعلام لهذا الأخير. برودة أعصاب النظام الجزائري و تعامله المرن جدا مع تصريح منسوب لمرشح للرئاسة المصرية يمثل خطوة إستسلامية غير معهودة و لا مسبوقة في المزاج المتقلب للساسة الجزائريين المعهود فيهم أنهم لا يفوتون فرصة أو مناسبة تذكر فيها الجزائر دون أن يكونوا في طليعة المنافحين بقوة و عصبية أيضا عن صورة بلادهم متى تم مجرد التلويح باسمها . بغض النظر حول صحة ما فاه به السيسي في حق الجيران فان الحادث سيجرنا لا محالة الى ماض قريب حينما تجندت الديبلوماسية الجزائرية و نهضت عن بكرة أبيها لمهاجمة الرباط لمجرد أن زعيم حزب بها طالب في تجمع خطابي باسترجاع تندوف وبشار و تخليصهما من يد نظام الجنرالات بالجزائر . الم يصف نفس الناطق الرسمي باسم الخارجية الجزائرية خطاب الأمين العام لحزب الاستقلال و مطالب حزب الاستقلال التاريخية و المشروعة و المتوارثة عبر أجيال مناضلي الحزب ب» التصريحات العدوانية والبالغة الخطورة و الضرر بالنسبة للسلطات الجزائرية و أنه لا يمكن تجاهلها . نحن هنا أمام مفارقة خطيرة و مغرقة في الأنانية و النرجسية و المصلحية , حكومة بلد جار تحرك كل عتادها الديبلوماسي و الإعلامي لتهاجم حزبا على مطالب ترابية تشكل أسس هويته و مرجعيته المذهبية التاريخية و نفس الترسانة و الكتيبة تصاب بالخرس و الانهزامية حين يتعلق الأمر بمشروع رئيس دولة يهدد باجتياح التراب الجزائري بأكمله إذا مست شعرة مصري واحد . هل الاستسلامية الرسمية الجزائرية تكتيك إستراتيجي لتفادي التصعيد مع القاهرة في ظرف تجتاز فيه الجزائر ظرفا سياسيا داخليا حساسا يتطلب الانزواء الى الوراء و البحث عن مبررات للاندفاع المصري ؟ لكن لماذا لم تسلم الجزائر أيضا للصمت حينما تكلم رئيس حزب مغربي ؟ ربما الجواب لأتها كانت متأكدة في حينه أن لا أحد في الحكومة المغربية التي كان حزب الاستقلال يعد عضوا في إئتلافها سيتجرأ على وضع النظام الجزائري عند حدود اللباقة وسيحتج على تدخل الديبلوماسية الجزائرية غير المستساغ في شأن حزبي داخلي و في قضايا تهم المرجعية التاريخية لذات الحزب ؟ الذي وقع للأسف أن حكومة السيد بن كيران إستنكفت في حينه الرد على الوقاحة الرسمية الجزائرية و هو ما دفع النظام الجزائري الى شرب المزيد من حليب السباع و الاستئساد على المملكة و على ثوابتها . المشير السيسي هدد بالاجتياح في حالة مست شعرة مصري واحد , و حكومتنا صامتة عن الاعتقالات التي تمس أسبوعيا رعايا مغاربة بالجزائر و التهم الخطيرة التي توجه لهم من طرف عدالة البلد الجار . في العمق و الجوهر تخاذل مسؤولينا الرسميين هو الذي يضخ في شرايين ساسة الجزائر بالمناسبة و بدونها جرعات إضافية من التهور و التعالي .