قالت الصحفية والمراسلة المغربية السيدة ياسمين خياط, التي أنجزت الشريط الوثائقي "الناجون من الجحيم" الذي يسلط الضوء على معاناة المدنيين المغاربة المحتجزين سابقا من قبل "البوليساريو" بجنوب غرب الجزائر, إن الشريط يعتبر "صرخة نابعة من القلب, ودعوة للمجتمع الدولي لاتخاذ موقف صريح" إزاء هذه القضية. وتم عرض هذا الشريط, الذي أنتجته الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة, اليوم الجمعة بإحدى قاعات مكتب الأممالمتحدة, في إطار ندوة نظمتها المنظمة غير الحكومية الدولية (إنترفايث إنترناشيونال) على هامش انعقاد الدورة ال12 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. وينقل الشريط شهادات ل`94 مدنيا مغربيا كانوا محتجزين بجنوب غرب الجزائر لأزيد من ربع قرن, بعدما تم اختطافهم من قبل "البوليساريو". ويتعلق الأمر بصيادين مدنيين مغاربة كانوا يشتغلون على متن سفن مغربية للصيد أو تحمل علما أجنبيا والتي كانت, عند اختطافهم, توجد على السواحل المغربية وتحاذي أراض ذات سيادة ومستقلة منذ 1956, أي 20 سنة قبل اندلاع هذا النزاع, حيث وصفت السيدة خياط عمليات الاختطاف هاته ب"عمل القرصنة". وأشارت الصحفية المغربية, في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء في جنيف, أنها لم تتمالك دهشتها وهي تستقي شهادات هؤلاء المحتجزين في الصحراء, لدرجة الإحساس بالذنب لجهلها هذا الوجه من التاريخ. وأضافت أنهم أجبروا على الدوس بأقدامهم على الطين, والجري وهم يحملون على ظهورهم أكياس مواد البناء لمسافة 20 كلم. كما أنهم أرغموا على بناء كل ما كان ينبغي بناؤه في هذه المنطقة, وكانوا يشتغلون ليلا ونهارا, وتم إيقاظهم عدة مرات في الليل للتأكد من وجودهم جميعا. وأوضحت السيدة خياط أنه مع قدوم اللجنة الدولية للصليب الأحمر لهذه المنطقة, اكتشف العالم وجودهم, وتولد أمل التحرر لدى هؤلاء المحتجزين. وفي معرض وصفها للآثار التي يعاني منها هؤلاء المحتجزون بشكل يومي, أبرزت الصحافية أنه ومنذ إطلاق سراحهم, فإن أقدم أسرى في العالم يحاولون إعادة الروابط مع مجتمع تقدم دونهم. وأشارت إلى أنه لا شيء ولا أحد سيتمكن من أن يعيد لهم قوة شبابهم وحياتهم التي ضاعت في جحيم معتقلات "البوليساريو". وأضافت أن الهدف من الفيلم يتمثل في التعريف بجزء من تاريخ النزاع بالصحراء, مشددة على ضرورة الحديث عن العواقب الإنسانية لهذا النزاع وانعكاساته على المدنيين المغاربة. وأوضحت السيدة خياط "لقد أنجزت هذا الشريط بحافز وحيد يتمثل في رفض الحيف", مضيفة "حين التقيت هؤلاء المدنيين, لم يكن باستطاعتي أن أظل مكتوفة اليدين. هؤلاء الناس تم عزلهم عن الحياة طيلة ربع قرن, مكابدين معاناة الفراق وكافة التبعات الإنسانية التي تنجم عنه". وذكرت السيدة خياط أنها ترمي, من خلال العرض قبل الأول لهذا الشريط الوثائقي بالأممالمتحدة, إلى إثارة ردود فعل ولفت انتباه المنظمات المكلفة بحقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية الدولية إلى هذه القضية. وأشارت الصحافية إلى أنها أحصت, بتعاون مع جمعية المدنيين المعتقلين سابقا من طرف "البوليساريو", "النجمة الخضراء", وائتلاف "وطننا", حوالي 15 من البحارة الصيادين الذين ما يزالون على قيد الحياة, والذين عاشوا في معتقلات "البوليساريو" على مدى سنوات عديدة. وأدانت استمرارية الاعتباطية على مدى ربع قرن, مسجلة أن هؤلاء الأشخاص أضاعوا شبابهم وحياتهم, غير أنهم عادوا بكثير من الكرامة من ماضيهم الأليم.ويعتبر "الناجون من الجحيم", الذي تم إنجازه من طرف فريق مصغر ضم الصحافية ومصورا ومهندس صوت لضمان التحرك بشكل سريع, الشريط الأول ضمن سلسلة من ثلاثة أشرطة وثائقية التي تنجزها الصحافية حول خرق حقوق الإنسان من قبل "البوليساريو".