أكد الأستاذ عبد الهادي التازي , عضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة , أن وسائل الإعلام بلغت من القوة ما جعلها تفرض اختياراتها اللغوية في الأسلوب والتعبير, وفي المصطلح العلمي. وأوضح الأستاذ التازي في محاضرة له ضمن أشغال المؤتمر السنوي للمجمع والتي تستمر إلى غاية الخامس من أبريل القادم حول موضوع "اللغة العربية والإعلام" , أن ما يعزز قوة وسائل الإعلام في فرض اختياراتها اللغوية هو الحاجة الآنية إلى الاستعمال السريع وهو ما يحمل أيضا المشرفين على التعليم في كل البلاد العربية على "الاعتماد على ما يصدر عن وسائل الإعلام قبل أن تصلهم التقارير الطويلة التي تصدر عن اللجان الفرعية للمجامع العربية". وأكد في محاضرته تحت عنوان " وسائل الإعلام والاستجابة الآنية لاحتياجات اللغة" أن وسائل الإعلام تقدم "ما يمكن أن نسميه المبادرات اللغوية في مختلف المجالات الحياتية التي تبدو في الأفق" بل إن المجمعي المغربي لم يتردد في التشديد على أن التنافس جعل من وسائل الإعلام "مراكز ثقافية ومجامع عربية". وأضاف أن الإعلام وسيلة فعالة لترويج اللغة العربية على أوسع نطاق وهو أيضا "مدرسة حاضرة جعلت من اللغة العربية لغة حية في البيت وفي الكوخ ..في السهل وفي الجبل ..فوسائل الإعلام تجعل مجالسنا مجالس مذاكرة ومناقشة حول الدال والمدلول والفروع والأصول.." وبعد أن أبرز أن دور وسائل الإعلام " الرائد" في خدمة اللغة العربية " يكاد يحتل مكان المجمع " لأن الإعلام " يعيش كل يوم , وكل ساعة , مع الحدث فيضطر لخلق ما يتصل بالحدث ", خاطب الأستاذ التازي زملاءه المجمعيين قائلا " أصبحت أتحدى من ينكر على الإعلاميين اجتهاداتهم في الوصول إلى الحقائق وفي الوصول إلى أسرار اللغة ". ودعا إلى تواصل مستمر بين الإعلامي والمجمعي لخدمة العلم ونشر المعرفة متسائلا في السياق ذاته عن المساعدات التي يقدمها المجمعيون لأجهزة الإعلام " حتى تشعر بأن المجامع تقف إلى جانبها فيما تقوم به". غير أن هذا الموقف الإيجابي بخصوص دور وسائل الإعلام في خدمة اللغة العربية لم يمنع الأستاذ التازي من الوقوف على "المشكل القائم في بعض البلدان العربية ومنها بلاد المغرب التي تجتاز بعض مجلاتها , في الظروف الحالية , تجربة الجمع بين الفصحى والدارجة". وقال الأستاذ التازي في هذا الصدد مخاطبا المجمعيين " أريد التساؤل حول ما إذا كان حريا بنا كمجمعيين أن نتصدى في وسائل الإعلام المتوفرة لدينا لمثل هذه الآفة التي تستشري فيما بيننا وأن نفرض صوتنا على الآخرين دون أن ننتظر اجتماعاتنا الموسمية لنصدر توصيات قد تسمع وقد لا تسمع". وخلص المجمعي المغربي الأستاذ عبد الهادي التازي إلى الدعوة إلى ميثاق شراكة بين وسائل الإعلام وبين هيئة المجمع من أجل تبادل المعلومات والتعاون حول كل ما يتصل باستعمال المصطلح وحول كل ما يهدف إلى الحفاظ على اللغة العربية وإثرائها وحمايتها من كل التشويهات التي تلحقها, مشيرا إلى أن ميثاقا من هذا القبيل يجعل المجمع ووسائل الإعلام" جهازا متكاملا يعتمد عليه المشرفون على صياغة المعجم العربي الحديث".يذكر أنها المرة الثانية التي يتناول مجمع اللغة العربية بالقاهرة في مؤتمره السنوي موضوع "اللغة العربية والإعلام" حيث سبق أن خصص مؤتمر سنة 2001 للموضوع نفسه.