3 وكالات دولية تدق ناقوس الخطر دعت ثلاث وكالات دولية تعنى بالأمن الغذائي الأسرة الدولية للعمل على مواجهة مشكلة ارتفاع أسعار عدد من المواد الأولية الزراعية الحادة اليوم ولاسيما القمح والذرة الصفراء وفول الصويا وذلك عبر منهجية تقوم على التروي والحكمة وأخذ المصلحة العامة في الحسبان. وهذه الوكالات الثلاث التابعة للأمم المتحدة هي منظمة الأغذية والزراعة العالمية " الفاو" والصندوق الدولي للتنمية الزراعية وبرنامج الأغذية العالمي . وتتخذ الوكالات الثلاث من روما مقرا لها. وقد أصدرت أمس الاول بيانا مشتركا دعت فيه بشكل خاص البلدان المصدرة والمستوردة لاتخاذ أربعة إجراءات هي : تجنب التهافت على شراء المواد الأولية الزراعية، الامتناع عن فرض قيود على تصدير مثل هذه المنتجات، تنفيذ التوصيات التي صدرت أكثر من مرة عن وكالات الأمن الغذائي الدولية والتي طالبت فيها بشكل خاص بتعديل الكميات الإجبارية المقتطعة لإنتاج الوقود الحيوي حين تقع الأسواق المحلية تحت وطأة الضغوط وتتعرض الإمدادات الغذائية للخطر"،رفع حجم الاستثمارات في القطاع الزراعي وبخاصة لدى صغار المزارعين. وحرصت الوكالات الثلاث في البيان المشترك الذي أصدرته أمس الاول على طمأنة المستهلكين في العالم على إعادة تنشيط الآليات التي وضعت من قبل على مستوى مجموعة " العشرين " للحيلولة دون تذبذب أسواق المواد الزراعية الأولية على نحو يقود إلى أزمات لا تحمد عقباها. ومن بين هذه الآليات نظام المعلومات الخاص بالأسواق الزراعية. كما ذكرت الوكالات الدولية الثلاث الأساسية التي تعنى بالأمن الغذائي بالأسباب الرئيسة التي تقف وراء أزمات تذبذب الأسواق وارتفاع الأسعار فيها. وهي أساسا العوامل المناخية الناتجة عن الظواهر القصوى وفي مقدمتها الجفاف والفيضانات وكذلك استخدام جزء هام من المواد الأولية الزراعية لإنتاج الوقود الحيوي والمضاربة على هذه المواد وارتفاع عدد السكان في العالم بمعدل ثمانين مليون نسمة كل عام والهدر والتلف واللذان يأتيان كل عام على ثلث الغذاء المنتج في العالم. أسعار الغذاء العالمية مستمرة بالارتفاع قالت منظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أمس الخميس إن أسعار الغذاء العالمية لم تتغير في أغسطس وظلت قريبة من المستويات التي بلغتها خلال أزمة الغذاء عام 2008. وبسبب أسوأ موجة جفاف تشهدها الولاياتالمتحدة في أكثر من نصف قرن وضعف المحاصيل من منطقة البحر الأسود ارتفعت أسعار الحبوب إلى مستويات قياسية مما أثار مخاوف من تكرار أزمة 2008 التي تسببت في اندلاع شغب في أنحاء العالم. وقالت فاو هذا الأسبوع إن تحركا دوليا سريعا قد يحول دون حدوث كارثة وحذرت من الشراء بدافع الهلع ومن تقييد الصادرات. وقال التقرير الشهري للمنظمة إن مؤشرها لأسعار الغذاء الذي يقيس التغيرات الشهرية لسلة من الحبوب والبذور الزيتية ومنتجات الألبان واللحوم والسكر سجل 213 نقطة في أغسطس آب دون تغير عن مستواه في يوليو تموز. وقالت فاو ومقرها روما إنها خفضت توقعها لإنتاج الحبوب العالمي لعام 2012 بنسبة أربعة بالمئة إلى 2.295 مليار طن من توقع سابق يبلغ 2.396 مليار طن بسبب الجفاف الشديد في الولاياتالمتحدة. ازمة غذاء قريبة تلوح في الأفق مجددًا أزمة غذاء عالمية على غرار أزمة سابقة كانت قد ضربت العالم عامي 2007 و 2008، خاصة بعد تضخم أسعار السلع الغذائية خلال شهر يوليو العام الحالي بدرجة كبيرة. ففي هذا الشهر، ارتفعت أسعار الذرة وفول الصويا بنسب تجاوزت مستوياتها السعرية القياسية بلغت 25 و 17 بالمائة على التوالي، وهو ارتفاع غير مسبوق منذ الأزمة الماضية، مع احتمال تجاوز أسعار سلع أخرى هذه النسب بدرجة كبيرة، حيث تحرك سعر القمح مدفوعا بتحرك أسعار الذرة وقارب نسبة ارتفاع الأخير. ويعني ارتفاع الأسعار أن المبلغ الإجمالي الذي تدفعه البلدان ثمنا للأغذية المستوردة في هذا العام سوف يتجاوز المليار دولار للمرة الثانية فقط، حسب تقرير أصدرته هيئة الأممالمتحدة. ففي عام 2010، ارتفعت فاتورة شراء الغذاء بنسبة 15 % تقريبا عن العام السابق له، وقريبا من أعلى مستوى وصلت إليه وقدره 31ر1 مليار دولار خلال أزمة عام 2008. وفي عام 2011، دقت (فاو) ناقوس الخطر من ارتفاع أسعار الغذاء، حيث حذرت من ارتفاع الأسعار في الأعوام التالية، وحثت المزارعين على توسعة المساحات التي يزرعونها بشكل كبير.. وقالت "ما لم يكن الطقس مواتيا، ينبغي أن 'يستعد' العالم حتى لأسعار أعلى". ويحذر محللون من خطورة لجوء الدول المصدرة إلى فرض حظر على تصدير المنتجات الزراعية، كما حدث إبان أزمة عام 2008، عندما قلصت دول أو علقت تصدير منتجاتها إلى الأسواق، مع مخاوف في الوقت ذاته من قيام المضاربين بالمضاربة على الأسعار نحو مستوى أعلى من ذلك. وقد شهد صيف هذا العام طقسا شديد الحرارة، حيث أصاب الجفاف نحو 80 % من أراضي الولاياتالمتحدةالأمريكية، فضلا عن إصابة روسيا وأستراليا، كما ضرب مناطق في أوروبا وشرق آسيا، لتسبب في تلف المحاصيل الغذائية. ففي الولاياتالمتحدة، انخفضت إنتاجية محصول الذرة هذا العام إلى أدنى مستوى منذ عام 1995 جراء هذا الجفاف العالمي، وهو ما نجم عنه ارتفاع كبير في الأسعار. ويحذر الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد)، التابع للأمم المتحدة، من أن صدمات أسعار الغذاء قد تضر عشرات الملايين في الأشهر المقبلة، مطالبا زعماء العالم بالقيام بتحرك "سريع ومنسق" ليضمنوا عدم تحول الصدمة إلى كارثة. وقال "إنه يتعين على الزعماء أن يعالجوا المشكلة الآنية المتمثلة في ارتفاع أسعار الغذاء والمسألة طويلة الأجل المتعلقة بكيفية إنتاج الغذاء واستهلاكه في ظل نمو السكان والطلب والتغير المناخي". وكانت وزارة الزراعة الروسية قد خفضت توقعات محصول الحبوب إلى ما بين 70 و75 مليون طن مؤخرا من 75 مليونا في توقعات سابقة، حيث تستهلك روسيا نحو 70 مليون طن سنويا. وتؤكد منظمات زراعية تابعة للأمم المتحدة أيضا ضرورة معالجة مشكلتين أساسيتين للأزمة : الأولى هي القضية الحالية، وهي الارتفاع الحاد في بعض أسعار السلع، الأمر الذي من شأنه أن يلقي بآثار سلبية على الدول التي تعتمد على استيراد المواد الغذائية، وتؤثر أيضا على المواطنين الفقراء، والقضية الثانية طويلة المدى وهي كيفية تعلم إنتاج وتجارة واستهلاك الطعام في العصر الحالي الذي يتسم بكثافة سكانية عالية ومتطلبات واحتياجات متزايدة وتغير مناخي. وتدعو هذه المنظمات إلى المزيد من الاستثمار في مجال الحماية الزراعية والاجتماعية، التي تشمل تدشين برامج لمساعدة الفقراء في الحصول على الطعام والسلع التي تزيد أسعارها عن قدرة تحملهم في أسواقهم المحلية، فضلا عن إعادة النظر في السياسات الزراعية الحالية وتعديلها لإيجاد بدائل قابلة للتطبيق. الدعوة الى توحيد جهوده لمكافحة الجوع وجه رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون نداء الى الدول الكبرى لتوحيد جهودها من اجل مكافحة الجوع وسوء التغذية حول العالم. واغتنم كاميرون وجود عدد كبير من ممثلي دول العالم في لندن لحضور دورة الالعاب الاولمبية لمطالبتهم بتحرك دولي لانقاذ 25 مليون طفل، خلال السنوات الاربع المقبلة، من الاصابة بالتأخر في النمو بسبب سوء التغذية.وجاء في نص الكلمة كاميرون انه "في الوقت الذي يتسلى فيه الناس من العالم اجمع في هذه الالعاب ويتنافسون فان هناك عالما آخر لا يجد فيه الاطفال ما يكفيهم من طعام". ويضيف النص ان "الارقام تصدم : ثلث وفيات الرضع مرتبط بسوء التغذية. وهناك 171 مليون طفل دون العامين يعانون من سوء تغذية حاد الى درجة انه لن يكون بوسعهم ابدا الشفاء منه". ويتابع نص الخطاب "حتى وان كان الاطفال المصابون بسوء التغذية قادرين على مكافحة المرض والعدوى في سنيهم الاولى فان اجسامهم وارواحهم لا تتطور ابدا بشكل كامل". وبالنسبة الى كاميرون فان "هذه مأساة لهم ومأساة للمجتمعات التي يعيشون فيها. اطفال مهملون بامكانهم ان يكبروا ويصبحوا اطباء وممرضين ومهندسين ورجال اعمال او حتى رياضيين اومبيين كبارا". وسيبدي كاميرون في الاجتماع استعداد لندن لتخصيص 120 مليون جنيه استرليني (188 مليون دولار) لتمويل ابحاث في مجال انتاج مزروعات تقاوم الجفاف وتؤمن مصدرا اكبر للفيتامينات في افريقيا وجنوب آسيا.