ترأست صاحبة السمو الملكي الأميرة للا سلمى، مساء الجمعة بفاس، حفل افتتاح الدورة 21 لمهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة، التي تنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، تحت شعار "فاس في مرآة إفريقيا". ولدى وصول صاحبة السمو الملكي الأميرة للا سلمى إلى الفضاء التاريخي (باب الماكينة) استعرضت سموها تشكيلة من القوات المساعدة التي أدت التحية، قبل أن يتقدم للسلام على سموها وزير الداخلية السيد محمد حصاد ووزير الثقافة السيد محمد أمين الصبيحي. إثر ذلك التحقت صاحبة السمو الملكي الأميرة للا سلمى بالمنصة الشرفية حيث تابعت سموها العرض الافتتاحي للمهرجان الذي حمل عنوان "فاس تبحث عن إفريقيا"، والذي شكل مناسبة لاستعادة واستحضار روح إفريقيا بإرثها الغني والمتنوع عبر لوحات موسيقية وفنية تسترجع محطات من حياة كل من الشيخ سيدي أحمد التيجاني مؤسس الطريقة التيجانية، والرحالة حسن الوزان الملقب ب (ليون الإفريقي) مع تقديم مشاهد عن رحلات هذا الأخير عبر القارة الإفريقية وفق تصميم وسينوغرافيا يعيدان رسم أهم معالم الذاكرة المشتركة بين الثقافتين المغربية والإفريقية. وقدمت خلال هذا العرض الافتتاحي، الذي أخرجه آلان فيبر، مجموعة من اللوحات والعروض الموسيقية والكوريغرافية التي تحكي بكيفية مجازية رحلات حسن الوزان (ليون الإفريقي) وحياته وبعض اكتشافاته قبل أن تختتم بتكريم الطريقة التيجانية وشيخها سيدي أحمد التيجاني دفين فاس (1737- 1815) بمشاركة فنانين من المغرب وبوركينا فاصو والسنغال وموريتانيا والولايات المتحدةالأمريكية وفرنسا، مع مشاركة مميزة للفنانين سعيد التغماوي في دور حسن الوزان ورسمان ودراغو في دور الحاج الإفريقي. ومكن هذا الحفل الافتتاحي، الذي وظفت فيه أحدث التقنيات متعددة الوسائط، من استعادة سيرة شخصيتين بارزتين بصمتا التاريخ المغربي والإفريقي على السواء وهما الشيخ سيدي أحمد التيجاني مؤسس الطريقة التيجانية بفاس ودفينها، وكذا الرحالة حسن الوزان وذلك في مبادرة تروم إحياء ذاكرة العلاقات الروحية والثقافية التي جمعت على الدوام بين مدينة فاس وبلدان إفريقيا جنوب الصحراء. وتحتفي الدورة 21 من مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة بإفريقيا من خلال استحضار البعد الثقافي الإفريقي لمدينة فاس العريقة ومختلف الصلات القوية والمتينة التي ظلت قائمة على مر العصور بين هذه الحاضرة التاريخية وبلدان إفريقيا جنوب الصحراء. ويتضمن برنامج هذه الدورة تقديم العديد من السهرات الموسيقية والعروض الفنية التي ستقدمها مجموعة من الفرق الفنية والمجموعات الغنائية، بالإضافة إلى مجموعة من الفنانين والموسيقيين العالميين المرموقين من المغرب والخارج وذلك بالفضاء التاريخي (باب المكينة) بفاس، وغيره من الفضاءات الأخرى كمتحف البطحاء وساحة باب بوجلود وحدائق جنان السبيل ودار عديل ودار التازي التي ستحتضن أمسيات صوفية بعد انتهاء حفلات باب الماكينة. ومن بين الفنانين والفرق الذين سيشاركون في إحياء سهرات وعروض هذه الدورة هناك مجموعة "باييز" للموسيقى الكردية (العراق) وصابر الرباعي (تونس) وجولي فاوليس (اسكتلندا) وأومو سانغاري (مالي) وتيكن جاه فاكولي (الكوت ديفوار) وأدواردو راموس (البرتغال) والثنائي روربرطو فونشيكا وفطومات دياوارا (كوباÜ مالي) وصونيا مبارك (تونس) وبدر الرامي (سوريا المغرب) ومروان بنعبد الله (المغرب) ومجموعة "زخارف" (المغرب) وفادا فريدي (السينغال) وحسين الجسمي (الإمارات العربية المتحدة) وغيرهم. كما تقترح هذه الدورة التي تحتفي ب 21 سنة من المسار الاستثنائي لهذه التظاهرة الثقافية والفنية العالمية التي تكرس قيم التسامح والحوار الثقافي والتعايش بين الشعوب، تنظيم حفلات وليالي صوفية وسهرات أندلسية كبرى ستحتضنها مجموعة من الفضاءات العتيقة بالمدينة القديمة، إلى جانب تنظيم العديد من الأنشطة الفنية والثقافية الأخرى. وفي الشق الأكاديمي للمهرجان "منتدى فاس" الذي أضحى فضاء لمناقشة وبحث الأفكار ومختلف القضايا والمواضيع التي تهم السياسة والاقتصاد والتاريخ، ارتأى المنظمون أن يتمحور موضوعه الرئيسي لهذه السنة حول تيمة "فاس في مرآة إفريقيا" بمشاركة وازنة لنخبة من أبرز المثقفين من داخل المغرب وخارجه سينكبون على دراسة ومناقشة علاقات وارتباطات مدينة فاسبجنوبها الإفريقي، وكذا التحديات والرهانات التي تواجهها العديد من البلدان الإفريقية. يذكر أن مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة استطاع منذ انطلاقته قبل 21 سنة أن يحتل مكانة هامة على الصعيد الدولي، باعتباره أحد أهم التظاهرات العالمية في مجال الموسيقى العريقة.