الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يبرمج تسهيلات مهمة للمتقاعدين    رئيس جماعة ميضار يترأس حفل الإنصات للخطاب الملكي السامي بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء المظفرة    ماهي انعكاسات عودة ترامب للبيت الأبيض على قضية الصحراء؟    السعودية: ضبط عملية احتيال بنكي بقيمة تتجاوز 131 مليون دولار        اختتام فعاليات جمعية صدى الشمال في النسخة الثانية من مهرجان الطفل    "خطاب الحسم".. الملك يوجه رسائل قوية إلى خصوم الوحدة الترابية للمغرب    ذكرى "المسيرة الخضراء" تطلق عشرات الأوراش التنموية المستعجلة بكلميم    هذه انعكاسات عودة ترامب إلى البيت الأبيض على قضية الصحراء المغربية‬    رسميا.. الكشف عن عدد سكان المغرب وفق إحصاء 2024    البنيات التحتية الأمنية بالحسيمة تتعز بافتتاح مقر الدائرة الثانية للشرطة    عامل سيدي إفني يترأس مجموعة من الأنشطة احتفاء بعيد المسيرة الخضراء        الجمعية والرابطة يتفقان على المضي قدما في معركة حماية وصون استقلالية التنظيم الذاتي للصحافيين الرياضيين    ولاية أمن الرباط… فرقة مكافحة العصابات تضطر لاستعمال السلاح الناري لتوقيف مشتبه فيه هاجم المواطنين بسلاح أبيض    الملك محمد السادس يوجه خطابا بمناسبة الذكرى ال49 للمسيرة الخضراء    الدكيك بعد الخسارة ضد فرنسا: "المرجو التحلي بالصبر لأننا في مرحلة جديدة ورهاننا هو الحفاظ على ألقابنا"    الإصابة تبعد تشواميني عن ريال مدريد نحو شهر    الملك محمد السادس يتخذ قرارات جديدة خدمة لمصالح الجالية المغربية المقيمة بالخارج    المسيرة ‬الخضراء.. أول ‬حركة ‬تحرير ‬في ‬التاريخ ‬البشري ‬لم ‬ترق ‬فيها ‬قطرة ‬دم ‬واحدة    جائزة عالمية تصنف المغرب في صدارة البلدان المضيافة في العالم        وزير: تحويلات الجالية استهلاكية فقط ولا تستغل في الاستثمار بالمغرب    الجمهوريون يقتربون من السيطرة على مجلس الشيوخ الأمريكي    إضرابات الإطفائيين الفرنسيين تلغي رحلات بين البيضاء ونانت    الفرقة الوطنية تستمع لشباب مغاربة زاروا إسرائيل بتهمة الإساءة للرسول    شركة "إنيرجين" تتجه لإيقاف أعمال التنقيب عن الغاز بالعرائش    انطلاق مهرجان وجدة الدولي للفيلم المغاربي في نسخته 13    دراسة: أحماض أوميغا 3 و 6 تساهم في الوقاية من السرطان    تحديد 13 نونبر موعدا لأولى جلسات محاكمة القاضية المتقاعدة مليكة العامري استئنافيا            انطلاق الدورة الثالثة عشرة للمهرجان الدولي لسينما الذاكرة المشتركة بالناظور    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    ابتسام بطمة ترد على شائعات العفو الملكي    حماس: فوز ترامب يختبر وعده بوقف الحرب خلال ساعات    أغناج ل" رسالة 24 ": نعيب على الحكومة ووزير العدل الاستقواء بالأغلبية الأتوماتيكية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    بعد احتفاء ترامب بالفوز في الانتخابات .. صعود الدولار يخفض أسعار النفط    "مهرجان سينما الذاكرة" يناقش الدبلوماسية الموازية في زمن الذكاء الاصطناعي    برنامج يخلد المسيرة الخضراء بمونتريال    نتنياهو: ترامب يحقق "عودة تاريخية"    في خطاب النصر.. ترامب يتعهد بوقف الحروب وعودة العصر الذهبي لأمريكا    مكتب الفوسفاط و"إنجي" الفرنسية يتجهان لإنشاء مصنع ضخم للهيدروجين الأخضر في الصحراء    "فيفا" يلزم الوداد والأندية بالمشاركة بأقوى اللوائح في "موندياليتو 2025"    الجديدة : لقاء تواصلي حول برنامج GO SIYAHA بحضور فاعلين في مجال السياحة    برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بالسيدا يعلن تعيين الفنانة "أوم" سفيرة وطنية للنوايا الحسنة    لحماية القطيع.. وزير الفلاحة يمنع ذ بح الإناث القادرة على التكاثر    اختتام فعاليات الدورة التدريبية لحكام النخبة (أ)    الانتخابات الأمريكية..ترامب يتقدم على هاريس في ولاية بنسلفانيا            أطباء العيون مغاربة يبتكرون تقنية جراحية جديدة    الجينات سبب رئيسي لمرض النقرس (دراسة)    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    وهي جنازة رجل ...    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سؤال التنمية بالأقاليم الجنوبية بين إكراهات التنزيل وفرص الإقلاع
نشر في صحراء بريس يوم 30 - 03 - 2017

في عددها الصادر بتاريخ 24 – 30 مارس 2017، نشرت الأسبوعية الإقتصادية "LA VIE ECO" مقالا بعنوان : laayoune – sakia El Hamra : les fraudeurs dans le viseur du fisc حاولت من خلاله تسليط الضوء على إشكالية التهرب الضريبي للمقاولات، التي تتخذ من جهة العيون الساقية الحمراء مقرا قانونيا لنشاطها الإقتصادي، في غياب تام لأي بعد اقتصادي لها بالجهة، وذلك في ظل تضخم معدلات البطالة بالمنطقة ( والتي تعتبر الأولى وطنيا ) . و تشكل هذه الظاهرة عائقا حقيقيا للإقلاع الإقتصادي بالمنطقة، حيث تستفيد هذه المقاولات من الإعفاءات الضريبية ( LES PARADIS FISCAUX ) دون أن تساهم في إنعاش النسيج الإقتصادي المحلي وتحسين مؤشرات التنمية بالجهة.
فالمسؤولية الإجتماعية للمقاولة أو ما يسمى la responsabilité sociale de l'entreprise باعتبارها أحد المفاهيم الحديثة التي تستهدف إدماج البعد الإجتماعي والتنموي في برامج ومخططات المقاولة، إلى جانب نشاطها الإقتصادي، تفرض على كل مستثمر الإنفتاح على البيئة الإجتماعية للمقاولة، من خلال إدماج الشباب في سوق الشغل، وإنجاز البنى التحتية وتنفيذ مشاريع تستهدف تجويد البنية الصحية والتعليمية والبيئية، بهدف تحقيق تنمية مستدامة بالمنطقة. وفي المقابل، يبرز التشخيص الواقعي لالتزام المقاولات بالأقاليم الجنوبية بهذه المسؤولية الأخلاقية والإجتماعية قصورا كبيرا في منسوب الوعي بأهمية هذه المقاربات، وضعف إدماجها في استراتيجيات الإشتغال، مقابل تغليب الجانب الربحي وإغراءات الإمتيازات الضريبية .
من جانب آخر، يطرح سؤال التنمية بالأقاليم الجنوبية إشكاليات مركزية مرتبطة بمدى تناسق الإستراتيجيات المؤسساتية و القطاعية الهادفة إلى تحقيق تنمية مندمجة ومستدامة، حيث أثار تقرير المجلس الإقتصادي والإجتماعي والبيئي في أكتوبر 2013 " سؤال قدرة القطاعات الوزارية على رسم أهدافها، باستحضار البعد الجهوي مع الإعتماد على موارد ومساطر واضحة ومنسجمة ومتحكم فيها "، ويشكل هذا المعطى إكراها حقيقيا للفاعلين الإقتصاديين والإجتماعيين بالمنطقة، فضعف التنسيق بين هذه المؤسسات وتغييب حضور المجتمع المدني كقوة اقتراحية حقيقية قادرة على الترافع عن القضايا الإقتصادية والإجتماعية والبيئية والمساهمة في بلورة المخططات الجهوية للتنمية، أثر بشكل كبير على مستوى إلتقائية السياسات العمومية القطاعية وساهم في تدني مؤشرات التنمية بالمنطقة.
و إذا ما حاولنا تقييم أداء المؤسسات ذات الطابع الإقتصادي والإجتماعي الفاعلة بالأقاليم الجنوبية من حيث خلق فرص حقيقية للشغل وتحسين المؤشرات السوسيو –اقتصادية، سنصدم بتضخم الأرقام والمعطيات الإحصائية التي لا تعبر بشكل حقيقي عن واقع التنمية بالمنطقة، وذلك راجع بالأساس إلى غياب سياسية حقيقية للتتبع وتقييم المشاريع المنجزة ، وعلى سبيل المثال فالمركز الجهوي للإستمثار الذي أحدث في سياق التدبير اللامتمركز للإستثمارات تنفيذا للرسالة الملكية الصادرة في 9 يناير 2002، والذي أنيطت به مهام تشجيع الاستثمار وتسهيل الولوج إلى المعلومة ووضعها رهن إشارة الفاعلين الاقتصاديين، والمساهمة في التعريف بالإمكانات الاقتصادية للجهة، يصطدم بمجموعة من الإكراهات والمعيقات الهيكلية التي ترتبط أساسا بمحدودية الصلاحيات المخولة له، حيث يشتغل لحد الآن تحت وصاية وزارة الداخلية، في ظل غياب نظام أساسي خاص به، وغياب رؤية واضحة لتتبع مسار المقاولات التي تم إحداثها، فرغم إصدار عدد كبير من الشهادات السلبية المتعلقة بتأسيس المقاولات فإن درجة المصاحبة والمواكبة لهذه المقاولات حتى تندمج في النسيج الإقتصادي المحلي تبقى ضعيفة ومحتشمة، وخصوصا في مجال الولوج إلى آليات التمويل والتكوين المستمر، هذا بالإضافة إلى ضعف التأطير و غياب سياسة منسجمة للإستثمار الجهوي وعدم وضوح مستويات تدخل باقي الأطراف المعنية في هذا السياق.
من جهة أخرى، تواجه وكالة تنمية الأقاليم الجنوبية باعتبارها أحد الفاعلين الأساسيين في التنمية بالمنطقة، مجموعة من الإختلالات البنيوية في مجال تدخلها، فالمشاريع التي تمت برمجتها في إطار المخططات الإستراتييجة للوكالة لا تستحضر بشكل أساسي مستويات البطالة العالية بالمنطقة ، و تبقى المشاريع التي تم تنفيذها ضعيفة الأثر على مستوى تحسين معيشة الساكنة وتشغيل أبناء المنطقة هذا بالإضافة إلى ضعف التشاور وسبر تطلعات الساكنة المحلية حول انتظاراتها من سؤال التنمية المحلية ، كما تركز الوكالة بشكل كبير على البعد الثقافي في برامجها وتكتفي بالإستثمار في البنى التحتية بالجماعات الترابية، والتي رغم أهميتها فإنها لن تكون بديلا عن الإستثمار في العنصر البشري باعتباره الخزان والرافد الحقيقي لأي تنمية مندمجة بالأقاليم الجنوبية.
ويشكل سؤال التكوين في علاقته بآفاق الإدماج في النسيج الإقتصادي مأزقا حقيقيا يؤرق مدبري الشأن العام بالأقاليم الجنوبية، فرغم التقدم الكبير في أعداد مؤسسات التكوين المهني بالجهات الجنوبية وتدفق البرامج والإستراتيجيات ذات الصلة بهذا المجال، إلا أن عدم ملاءمة التكوينات مع متطلبات سوق الشغل يزيد من ارتفاع معدلات البطالة بشكل مضطرد، بسبب غياب تشخيص علمي دقيق لحاجيات المنطقة من اليد العاملة المؤهلة، وضعف التنسيق والشراكة بين مكونات النسيج المقاولاتي ومؤسسات التكوين المهني، مما يحد من فرص الإندماج المهني والولوج إلى سوق الشغل .
إن رهان التنمية بالأقاليم الجنوبية مرتبط بشكل متلازم بمدى قدرة الفاعلين المحليين من مؤسسات منتخبة ومؤسسات اقتصادية واجتماعية على التنزيل الحقيقي للبرامج التنموية، عبر آليات واضحة ودقيقة تستهدف المواطن بشكل مباشر، سواء من خلال إشراكه في بلورة وصياغة هذه الإستراتيجيات، أو من خلال استهدافه المباشر في كل المخططات التنموية باعتباره حجر الزاوية لكل المقاربات التنموية في مجالات التشغيل والإدماج السوسيو - مهني وتحسين مستويات العيش عبر تأهيل المنظومة الصحية والتعليمية بالمنطقة ، وذلك من أجل استعادة ثقة الساكنة في النخب المحلية ومؤسسات الدولة، هذه الثقة التي لا يمكن أن تبنى على أسس متينة، إلا إذا تم تجاوز مقاربات الحكامة المرتكزة على الهاجس الأمني واعتماد حكامة القرب القائمة على احترام الحقوق الأساسية للمواطنين و مبادئ دولة الحق والقانون من جهة وعلى منطق التنمية من جهة أخرى .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.