بايتاس بطنجة: "النفس الطويل" العنوان الأبرز لمسار الأحرار في تدبير الشأن العام ومواجهة التحديات    اختتام حملتي "حومتي" و"لقلب لكبير" بجهة طنجة تطوان الحسيمة: مسيرة وطنية بروح التضامن والعطاء    أجواء ممطرة في توقعات اليوم الأحد بالمغرب    نقابة التعليم بالحزام الجبلي ببني ملال تنتقد زيارة المدير الإقليمي لثانوية بأغبالة وتحمّله مسؤولية تدهور الأوضاع    بايتاس ينتقد منطق الشعبوية والمكاسب السريعة.. ويؤكد: الأحرار حزب التخطيط ورفع التحديات    فاتح شهر رجب بعد غد الاثنين بالمغرب    أشرف حكيمي يتسلم جائزة "فيفا ذا بيست- 2025 "    الحسيني: "شياطين التفاصيل" تحيط بالحكم الذاتي.. والوحدة تفكك "القنبلة"    الحماس يختم استعدادات "الأسود"    "أفريقيا" تحذر من "رسائل احتيالية"    "تيميتار" يحوّل أكادير عاصمة إفريقية    موتسيبي: كأس إفريقيا للأمم ستقام كل أربع سنوات ابتداءً من 2028    تنبيه أمني: شركة أفريقيا تحذر من محاولة احتيال بانتحال هويتها    قطبان والجيراري يفتتحان معرضهما التشكيلي برواق نادرة    أخنوش يُنوه من طنجة بشركاء الأغلبية الذين "ردّوا الاعتبار" لمؤسسة رئاسة الحكومة    خطر التوقف عن التفكير وعصر سمو التفاهة    العلمي: نجاح تواصل "الأحرار" يثير حنق منافسين.. حزب بناء لا مساومة        أكادير تحتفي بالعالم بصوت أمازيغي    بوريطة ولقجع وموتسيبي يفتتحون منطقة المشجعين بالرباط    الدرهم في ارتفاع أمام اليورو والدولار    إحداث مكاتب قضائية بالملاعب المحتضنة لكأس إفريقيا    الجيش ينشئ 3 مستشفيات ميدانية    صحيفة تركية تصفع النظام الجزائري: القبائل لم تكن تاريخيا جزائرية    حكيمي يطمئن الجماهير المغربية    الركراكي يدعو الجماهير لصنع الفارق: "بغيت المدرجات تهدر"    كأس إفريقيا .. مطارات المغرب تحطم أرقاما قياسية في أعداد الوافدين        "جبهة دعم فلسطين" تدعو إلى التظاهر تزامنًا مع الذكرى الخامسة لتوقيع اتفاقية التطبيع    القوات المسلحة الملكية تنشئ ثلاث مستشفيات ميدانية    مهرجان ربيع وزان السينمائي الدولي في دورته الثانية يشرع في تلقي الأفلام    نشرة إنذارية.. تساقطات ثلجية وأمطار قوية أحيانا رعدية وطقس بارد من اليوم السبت إلى الاثنين المقبل    الأرصاد الجوية تحذر من تساقطات ثلجية وأمطار قوية بعدد من مناطق المغرب    روبيو: هيئات الحكم الجديدة في غزة ستشكل قريبا وستتبعها قوة دولية    برقية تهنئة من جلالة الملك إلى أمير الكويت    بعد مرور 5 سنوات على اتفاقية التطبيع..دعوات متواصلة لمقاطعة أي تعاون ثقافي مع الكيان الصهيوني    الملك محمد السادس يهنئ أمير الكويت    البنك الدولي يوافق على منح المغرب أربعة ملايين دولار لتعزيز الصمود المناخي    الفنانة سمية الألفي تغادر دنيا الناس    ناسا تفقد الاتصال بمركبة مافن المدارية حول المريخ    ترامب يعلن شن "ضربة انتقامية" ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا    انخفاض في درجات الحرارة وبحر هائج.. تفاصيل طقس السبت بالمغرب    احتراق عدد من السيارات في محيط ملعب طنجة (فيديو)    فتح الله ولعلو يوقّع بطنجة كتابه «زمن مغربي.. مذكرات وقراءات»    تنظيم الدورة السابعة عشر من المهرجان الوطني لفيلم الهواة بسطات    الشجرة المباركة تخفف وطأة البطالة على المغاربة    في أداء مالي غير مسبوق.. المحافظة العقارية تضخ 7.5 مليارات درهم لفائدة خزينة الدولة    وجدة .. انخفاض الرقم الاستدلالي للأثمان عند الاستهلاك    العاصمة الألمانية تسجل أول إصابة بجدري القردة    السعودية تمنع التصوير داخل الحرمين خلال الحج    من هم "الحشاشون" وما صحة الروايات التاريخية عنهم؟    منظمة الصحة العالمية تدق ناقوس انتشار سريع لسلالة جديدة من الإنفلونزا    7 طرق كي لا يتحوّل تدريس الأطفال إلى حرب يومية    سلالة إنفلونزا جديدة تجتاح نصف الكرة الشمالي... ومنظمة الصحة العالمية تطلق ناقوس الخطر    التحكم في السكر يقلل خطر الوفاة القلبية    استمرار إغلاق مسجد الحسن الثاني بالجديدة بقرار من المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية وسط دعوات الساكنة عامل الإقليم للتدخل    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ازدواجية الخطاب و التباكي عند الأعتاب
نشر في صحراء بريس يوم 24 - 06 - 2016

كلما تقدم احد لإثارة موضوع تحسين الوضعية المادية للمواطن المغربي ، أو الرفع من مستواه المعيشي، و كما يقع في كل الحوارات الاجتماعية ، إلا وتحججت حكومتنا الموقرة، بالظرفية الاقتصادية الحساسة ، وقلة ذات اليد ، وكأن قلة ذات اليد هذه لا تعني السادة الوزراء و البرلمانيين وكبار الموظفين السامين والتابعين لهم وتابعي التابعين ، و كل من يدور في فلكهم أجمعين . فكيف لهؤلاء وهؤلاء أن يدعوا الناس إلى الحرص على مصلحة الوطن ، وكيف لحكومتنا الموقرة أن تمنع عن المغاربة الضعفاء النزر اليسير من ثروة البلاد ، التي هي ثروتهم ، في الوقت الذي توزع فيه الامتيازات والإتاوات على غير مستحقيها من الوزراء و البرلمانيين و أقاربهم بغير حق ؟؟ وما فضيحة رخص الحج ببعيدة عنا .. حيث تم تمكين 140 برلمانيا ووزيرا من تذكرة الحج لهذا العام ، مدفوعة المصاريف أكلا و إيواءً ، كل ذلك من جيوب المواطنين ودافعي الضرائب البسطاء ، الذين يكتوون كل يوم بسعير الأثمان ، وجشع السماسرة و المضاربين ..
لم نعد نتحدث في بلادنا عن الريع السياسي أو الاقتصادي فقط ، بل انضاف إليهما ريع ديني أخطر واقبح ، و ما هذا إلا فضلٌ آخر يضاف إلى فضائل حكومتنا الموقرة ، التي يدعي رئيسها " يا حسرة " الاستناد في كل ما بفعله على خلفية اسلامية "إصلاحية معتدلة" ، تَنهَلُ من معين السلف الصالح ، وتقتدي بسيرتهم العطرة .
ونفس الظرفية الاقتصادية الحساسة ، هي التي جعلت السيد بنكيران وحكومته الموقرة ، يصرون على تمرير مشروع اصلاح التقاعد ، بالشكل الذي يريدون و في الوقت الذي يريدون ، غير ملتفتين إلى اقتراحات الشركاء الاجتماعيين و الاقتصاديين ، الذين يطالبون الحكومة بالإصلاح الشامل لمنظومة الأجور و كل القوانين المنظمة للوظيفة العمومية ، بما فيها مراعاة الفوارق في الأجور ، والعمل على تقليصها ، والغاء الكثير من الامتيازات الزائدة عن المعقول ، و تمكين العمال والفلاحين من جميع ضمانات التغطية الصحية و الاجتماعية والاقتصادية ، وفي مقدمتها ، انشاء صندوق التعويض عن العمل chômage : ، وربطه مباشرة وبشكل أتوماتيكي بمكتب التشغيل وتنشيط الشباب ، كما هو معمول به في الدول التي تحترم مواطنيها .
يتحدث السيد بنكيران عن تقاعد الموظفين البسطاء ، ويفتخر بخصم 0.5 نقطة من معاشاتهم ،من أجل مصلحتهم – كما يدعي – ، في الوقت الذي يتم فيه السكوت وبصفة مريعة ، عن الحديث عن كل ما يتعلق بتقاعد الوزراء و البرلمانيين ورواتبهم وامتيازاتهم السخية ، هؤلاء الذين ينتفضون ويكشفون عن دواخلهم الخبيثة ، كلما تمت إثارة هذا لموضوع ، وكأن ذلك ينبغي أن يبقى طابوها من ضمن الطابوهات التي لا ينبغي الاقتراب منها ، أو الاشارة إليها ولو لمزاً وهمزا، وهم يعلمون علم اليقين ، أنه لريعٌ سياسي ، لا يستحقونه بقوة القانون والشرع ،والأخلاق والمروءة الحقة ، لأن مهامهم هذه هي مجرد تكليفات سياسية ، تزول بمجرد انتهاء صلاحيات هذه الحكومة أو تلك ، بل إن هذه المهام هي بالدرجة الأولى تكليف ، وليست تشريفا ، مهام ينبغي أن تكون في خدمة البلاد و العباد . كما أنها ليست مَدعاة لجباية المصالح المادية ، وتكديس الثروات والاغتناء ، عبر الاعفاءات الضريبية ، واستغلال شبكة العلاقات القذرة .
لماذا يتم السكوت عن التضخم غير الطبيعي لمديونة البلاد ، في الوقت الذي يتم فيه الترويج لخطاب مخالف للواقع الاقتصادي و الاجتماعي ؟؟ . فيكفي أن نقارن بين الأرقام و المؤشرات الصادرة عن الحكومة ، وتلك الخاصة بالمجلس الأعلى للحسابات، ليتبن لنا حجم التناقض بين المصدرين ، وحجم التهافت الحكومي ، ودرجة التمويه و الاستخفاف الذي تمارسه هذه الأخيرة اتجاه كل ما يرتبط بمصلحة الوطن و المواطن .. ففي الوقت الذي كان على السيد رئيس الحكومة أن يجيب علن تساؤلات الرأي العام حول تضخم حجم الديون العامة ،وعن مدخرات صندوق المقاصة ، الناتجة عن انخفاض أسعار النفط العالمية ،و عن ارتفاع وثيرة الاقتراض الخارجي ، انبرى سيادته إلى لعب لعبته السخيفة وتمييع الموضوع قائلا باستخفاف أمام نواب الأمة ، وأمام الملايين من المتابعين : " واش أنا خديت هاد شي لراسي ؟" .. ألم يكن حريا به أن يحلل الحيثيات، و يبسط الأرقام ، بهدوء و روية ، لعل خطابه يجد إلى آذان المواطنين منفذا وسبيلا ؟.
أيضا .. وفي سياق الحديث عن الظرفية الاقتصادية الحساسة جدا ، ألم يكن من المفيد أن يساهم أثرياء البلاد و أصحاب الثروة فيه ، في انقاد البلاد من الإفلاس ؟؟ ألم يكن حريا بالسيد رئيس الحكومة أن يدفع بهؤلاء إلى التنازل عن القليل من الارباح لفائدة الوطن ، ولفائدتهم هم أنفسهم ، كما فعل أقرانهم في الولايات المتحدة الأمريكية العام المنصرم ، حيث خصص أثرياء البلد نصيبا من أرباحهم لخزينة الدولة ، هذا زيادة عن الضرائب التي يؤدونها كل عام . أم أن أثرياءنا لا يحسنون سوى التهرب من الضرائب ، وجمع الثروات و تكديسها في المصارف الأجنبية في سويسرا و بانما وغيرهما ؟ .. ليس هم انقاذ البلد ،و لا هم من فيها ، واضعين قدما هنا ،والثانية على الضفة الأخرى ..
ففي الوقت الذي أطبق السيد رئيس الحكومة ، وضرب صفحا على الحديث عن ضريبة الثروة ، التي كان يهلل بها في حملته الانتخابية ، عمل على زيادة الضريبة على المواطن البسيط ، بالرفع من فاتورة الماء و الكهرباء والنقل و المحروقات و و .. مفضلا ركوب أسهل الأحصنة ، وهو هذا الشعب البسيط . أما الحصان الآخر ، فقد اكتشف – مع الأسف – أنه إما تمساح ، من الخطر الاقتراب من مجاله ، وإما عفريت ، يمتلك قدرات خارقة ، ما يجعل من عملية الإمساك به ، ضربا من العبث والجنون .
وليبقى الحال كما هو عليه ،إسهال في الشعارات، و إمساك في العمل ، ازدواجية الخطاب والفعل ،لهم الحج و العمرة بالمجان ،والعلاج بالمجان ، ولهم التقاعد الذهبي ، و السيارات الفارهة ، و لنا الفاقة والكمد ، و الموت على أعتاب المستشفيات ، و الموت في أتون المتوسط ، أو التسول على الأرصفة ، لهم كل الثروة ، ولنا قفة رمضان .. قنينة زيت و قصفة من دقيق و سكر.. قسمة ضيزى ، وعند ربكم تختصمون .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.