إنه لغز شعرية الروايس، حضوره وعلاقته بهم منطقة غامضة تجعل كل قراءة علمية تتغيا الحفر في طبقات الشعر الأمازيغي الشفهي وتكتفي بالعلامة اللغوية لوحدها دون غيرها من علامات موسيقى الروايس، مطالبة بالتنسيب وبالاحتراس المنهجي وتوظيف مفهوم اجترحته المدونة النقدية الحديثة يتمثل في مفهوم "الذات الشاعرة" كإجراء منهجي بدل النسبة إلى المؤدين والمؤديات. حماد الريح هو الذاكرة العميقة لموسيقى الروايس. شاعر تشرب حياة رمزية خصيبة، وظلت منطلقه في إبداع الشعر يمكن استكشاف معالمها بعد بذل طاقة تأويلية، لأنه في العلاقة بشجرة الروايس شاعر مقيم في الظل وهكذا تستلزم رؤيته إعمال النظر، رؤية كاشفة على نحو ما وشم في الثقافة عن زرقاء اليمامة، وإلى الإصغاء العميق للكنته التي تتوارى خلف لكنات المتغنين بأشعاره، يحتاج إلى نسر يسل قلبه من بين الأعمال، يا لهذا الكرم الهائل! ، أن تكتب الشعر زاهدا في الضوء والمجد، وتلك مقومات الشاعر، متواريا إلى عزلة، ففي العزلة تتخلق أكثر الأفكار قدرة على استدامة وجودها في الأزلية رغم أعراض الحدوث. كأنها الغار في سيرة النبي. يذكرني حماد الريح ببيسوا، الشاعر البرتغالي الذي اختلق الكثير من الأسماء ونسب إليها شعره في كثير من الأعمال الشعرية. سوى أن من وهبهم فرناندو بيسوا أشعاره كائنات من وحي الخيال، ومن وهبهم حماد الريح أشعاره هم من لحم ودم؛ فيا لقسوة هذا الجحود والنكران! أن تستلذ المجد دون أن تتذكر من وطنك في خرائط الذاكرة…مجرد ذكرى، مجرد كلمات بسيطة ، لن تضاهي في عمقها ما ذرته الريح من قمح رمزي في بيادر حصدوا في فنائها ما حصدوا… شكرا حماد الريح على الحصاد الجميل وعلى غلال رمزية بها هدت الروح السغب ومنها التقط الحمام الحب وانشرحت أسارير الصغار ابتهاجا بتيميلوت .