جبليات عروس الشمال لم يدخلن كلية التجارة والتسيير بطنجة ولا يعرفن شيئا عن الماركوتنغ . تقول يامنة وهي آمراة قاربت الأربعين سنة من عمرها وهي تعرض سلعها البسيطة المكونة من الجبن وبعض الخضروات الطازجة " نحن نمارس التجارة بالفطرة ... وتجارتنا بسيطة للغاية " يامنة سيدة جبلية تأتي من حجر النحل لتفترش أرضية إحدى الأزقة في سوق كاسبراطا الشعبي وهو سوق مشهور في طنجة يرتاده الكثير من الطنجاويين والطنجاويات لتبتدأ يوم عملها مع كل إشراقة يوم خميس وأحد و لتمارس تجارتها البسيطة وتقدم لزبناءها ما تجود به أرضها من منتوجات مكونة من بقول وبيض ودجاج وجبن وبعض الخضروات. جميع الطنجاويين بلا آستثناء يعرفون الجبليات القادمات من بادية الفحص وسيدي آحساين والبحريين وهن في الأصل نساء عفيفات ومجدات يواظبن على تأتيث الأسواق المحلية وتغذيتها بالمنتوجات الطرية ولا يتورعن عن الظهور بأزيائهن الرائعة والجميلة المكونة من منذيل ملون وشاشية (قبعة) مصنوعة من نبات الدوم وحزام أحمر يتباهين به ويتحدين من خلاله تيار الموضة الجارف . جبليات عروس الشمال يحرصن على آرتداء البياض والبياض يرمز للطهارة ورغم انهن يعملن في السوق إلا أنهن يحرصن على النظافة حتى أن ملابسهن ناصعة البياض كالثلج ، تقول فاطمة وهي شابة جبلية " نظافة الملابس لدينا شرط أساسي والشاب حين يتقدم لخطبة واحدة منا فإن اول ما يلحظه هو مدى آحترمها لنظافة ملابسها " الشابة الجبلية كانت تتكلم بثقة عالية وهي تساعد والدتها في عملية البيع والشراء . والجبليات يأتين عادة في أغلب الأحيان إلى أسواق محلية معروفة في طنجة كراس المصلى وبنذيبان ... مرتين في الأسبوع حيث يبعن الخضروات الطازجة والبيض ويشترين ما تجود به الصناعة المحلية من مواد كالشاي والسكر والصابون ... لكن هؤلاء النسوة يشتكين من التحرشات والمضايقات التي يتعرضن لها من السلطات العمومية ويقول (محمد س) هو عون سلطة " للأسف ليست كل الجبليات تحرصن على النظافة فهن غالبا ما يتخدن من الّأحياء والأزقة أمكنة مفضلة للبيع والشراء وهي أمكنة ممنوعة حيث يتركن بعض المخلفات والأزبال التي تضر بالصحة والمواطنين " غير أن يامنة ورفيقاتها من الجبليات ينفين ذلك بشدة ويقولن بعفوية وسذاجة " إن السكان متسامحون معنا ونحن نقدم لهم الخضار الطازجة ونحرص على عدم إذايتهم " يامنة وفاطمة وغيرهن ممن يفترشن الأرض بارعات جدا في التجارة رغم انهن لم يدخلن كلية التجارة والتسير بطنجة التى لا يدخلها إلا الأغنياء كما أنهن لا يعرفن شيئا عن الماركوتنغ فهن أميات ومع ذلك فهن جد بارعات في قواعد التجارة والبيع والشراء . جبليات طنجة لهن أحلام واحلامهن تشبه أحلام كثير من المغاربة والمغربيات فهن لا يردن أن يقطعن عشرات الكيلومترات للوصول لمشفى عمومي من اجل الولادة أو من اجل المدرسة كما يحدث مع نساء أخريات من المغرب العميق ، إنهن فقط يردن أن يعشن بكرامة . يامنة أصرت على أن أتذوق من جبنها .. إنه كرم جبليات الشمال .