موكوينا: سيطرنا على "مباراة الديربي"    موتسيبي: كأس أمم إفريقيا للسيدات المغرب 2024 ستكون الأفضل والأنجح على الإطلاق    الصويرة تستضيف اليوم الوطني السادس لفائدة النزيلات    ضمنهم موظفين.. اعتقال 22 شخصاً متورطين في شبكة تزوير وثائق تعشير سيارات مسروقة    مهرجان "أجيال" بالدوحة يقرب الجمهور من أجواء أفلام "صنع في المغرب"    طقس حار من السبت إلى الاثنين وهبات رياح قوية مع تطاير الغبار الأحد بعدد من مناطق المغرب        صادرات الصناعة التقليدية تتجاوز 922 مليون درهم وأمريكا تزيح أوروبا من الصدارة    الرئيس الصيني يضع المغرب على قائمة الشركاء الاستراتيجيين    افتتاح أول مصنع لمجموعة MP Industry في طنجة المتوسط    وهبي: أزماتُ المحاماة تقوّي المهنة    خبراء: التعاون الأمني المغربي الإسباني يصد التهديد الإرهابي بضفتي المتوسط    الإكوادور تغلق "ممثلية البوليساريو".. وتطالب الانفصاليين بمغادرة البلاد    المغرب التطواني يُخصص منحة مالية للاعبيه للفوز على اتحاد طنجة    حكيمي لن يغادر حديقة الأمراء    المحكمة توزع 12 سنة سجنا على المتهمين في قضية التحرش بفتاة في طنجة    ابن يحيى تشارك في افتتاح أشغال المنتدى البرلماني السنوي الأول للمساواة والمناصفة    بوريطة: المقاربة الملكية لحقوق الإنسان أطرت الأوراش الإصلاحية والمبادرات الرائدة التي باشرها المغرب في هذا المجال    من العاصمة .. إخفاقات الحكومة وخطاياها    مجلس المنافسة يفرض غرامة ثقيلة على شركة الأدوية الأميركية العملاقة "فياتريس"        "أطاك": اعتقال مناهضي التطبيع يجسد خنقا لحرية التعبير وتضييقا للأصوات المعارضة    لتعزيز الخدمات الصحية للقرب لفائدة ساكنة المناطق المعرضة لآثار موجات البرد: انطلاق عملية 'رعاية 2024-2025'    هذا ما قررته المحكمة في قضية رئيس جهة الشرق بعيوي    مندوبية التخطيط :انخفاض الاسعار بالحسيمة خلال شهر اكتوبر الماضي    فاطمة الزهراء العروسي تكشف ل"القناة" تفاصيل عودتها للتمثيل    مجلس الحكومة يصادق على تعيين إطار ينحدر من الجديدة مديرا للمكتب الوطني المغربي للسياحة    المحكمة الجنائية الدولية تنتصر للفلسطينيين وتصدر أوامر اعتقال ضد نتنياهو ووزير حربه السابق    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    قانون حماية التراث الثقافي المغربي يواجه محاولات الاستيلاء وتشويه المعالم    توقعات أحوال الطقس غدا السبت    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    ما صفات المترجِم الناجح؟    خليل حاوي : انتحار بِطَعْمِ الشعر    الغربة والتغريب..    كينونة البشر ووجود الأشياء    الخطوط الملكية المغربية وشركة الطيران "GOL Linhas Aéreas" تبرمان اتفاقية لتقاسم الرموز    المجر "تتحدى" مذكرة توقيف نتانياهو    رابطة السلة تحدد موعد انطلاق الدوري الأفريقي بالرباط    بنما تقرر تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع "الجمهورية الصحراوية" الوهمية    مفتش شرطة بمكناس يستخدم سلاحه بشكل احترازي لتوقيف جانح    القانون المالي لا يحل جميع المشاكل المطروحة بالمغرب    "سيمو بلدي" يطرح عمله الجديد "جايا ندمانة" -فيديو-    بتعليمات ملكية.. ولي العهد يستقبل رئيس الصين بالدار البيضاء    العربي القطري يستهدف ضم حكيم زياش في الانتقالات الشتوية    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تجدد الغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات للسكان بالإخلاء        تفكيك خلية إرهابية لتنظيم "داعش" بالساحل في عملية مشتركة بين المغرب وإسبانيا    الولايات المتحدة.. ترامب يعين بام بوندي وزيرة للعدل بعد انسحاب مات غيتز    وفاة شخصين وأضرار مادية جسيمة إثر مرور عاصفة شمال غرب الولايات المتحدة    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



" أفكر بصوت مرتفع..."


1. في مفهوم التدرج
التدرج أنواع هناك من يتدرج من الأعلى إلى الأسفل وهناك من يتدرج من الأعلى إلى الأسفل، فإذا كان من الأعلى إلى الأسفل فذاك هو الانحطاط والانبطاح وكل المسميات التي تقزز النفس البشرية، وإذا كان من الأسفل إلى الأعلى فهو بحسب وتيرته وبحسب الطاقة المحشودة له، والتي تستمد قوتها من ميزان القوى وحرارة الشارع، فإذا كانت حرارة الشارع خافتة كان التدرج بسرعة عادية اقتصادا للطاقة المتوفرة، وإذا كانت حرارة الشارع مرتفعة لزم التسريع في خطوات التدرج واستغلال هذه الحرارة لحشد الطاقة أكثر للصعود في سلم الأولويات النضالية والشعارات المرفوعة، المشكل هو حين لا تتناسب حرارة الشارع مع سرعة التدرج، فإذا كانت حرارة الشارع مرتفعة وسرعة التدرج عادية بدعوى التدرج فذاك مقدمة للانبطاح لأن غاية ذلك هو الفرملة وتبديد الطاقة مع الوقت حتى تخفت حرارة الشارع، وتلك مهمة المسكنين والمهدئين والراغبين في العودة إلى خفوت الشارع واستئساد الظلم والاستبداد، هم يلعبون لعبة قذرة ولو بعناوين ظاهرها المعقولية والرزانة، وإذا كانت حرارة الشارع خافتة وسرعة التدرج مرتفعة فذاك التهور بعينه لأن الطاقة قد تتبدد في بداية الطريق، وسيضطر أصحابها العودة والانتظار حتى صعود الحرارة من جديد لينهلوا منها من جديد، وتلك عملية فيها ضياع للوقت وتبديد للجهد ومنح فرصة للمستأسد وللمتخاذل كي يتشمت ويروج للانبطاح بعناوين أيضا ظاهرها حق مثل فشل التسرع والتهور، وباطنها إحباط كل رغبة في التحرير والتغيير المنشود...
2. في مفهوم الشهادة على الواقع
الشهادة على الواقع هي التحام الحضور مع العدل والعلم، فأن تكون شاهدا على واقعك لا يعني فقط حضورك فيه، لأن الحضور قد يكون بالظلم أو بالعدل ، وقد يكون حضورا بالعلم أو بالجهل، فلا شهادة بالجهل ولو كان الحضور قائما، ولا شهادة بالظلم ولو كان الحضور قائما، ولا شهادة بالغياب عن الواقع ولو كان العلم والعدل...
3. قاعدة ذهبية في منهاج كل ثورة صادقة تبغي التحرر، "ما لم يكن هناك سقوط لن يكون هناك ارتقاء ولا انتصار"
مقابل كل سقوط يكون هناك ارتقاء ، ومع هذا السقوط والارتقاء انتصار للعدل والحرية، سقط القتلى في الكيان الصهيوني وارتقى شهداء المقاومة والشعب الفلسطيني إلى الجنة وبعدها انتصرت المقاومة، سقط الطغاة في ثورات ربيع الأمة وارتقى شهداء هذا الربيع إلى الجنة نحسبهم كذلك ولا نزكي على الله أحدا، ومع هذا السقوط والارتقاء انتصرت إرادة الشعب، وكأن الحقل المفاهيمي يتضامن مع كل أحرار العالم تلقائيا يستدعي مفاهيم الارتقاء المشرق ليبعث الأمل بعد إشاعة مفاهيم السقوط المذل... قاعدة ذهبية في منهاج كل ثورة صادقة تبغي التحرر، "ما لم يكن هناك سقوط لن يكون هناك ارتقاء ولا انتصار"، هي سنة تاريخية أراد ربيع الثورات أن يثبتها لدى كل من ألقى السمع والبصر وهو شهيد...
4. في بدعة تنزيل مفهوم الدولة العميقة على المغرب
أحيانا يتم إبداع المصطلح لوصف حالة معينة استعصى قاموسنا المتداول ان يجد لها اسما وصفيا، لكن هذا المصطلح ذاته قد يجعلنا حبيسي هذا الوصف فلا تتطور الحالة لأنها استقرت على هذا الوصف ذاته ويصبح آنذاك المصطلح الخاص بها قابلا للاستدعاء كلما تكرر نفس الوصف، إنه الوعي الشقي الذي ينتج قاموسا استاتيكيا غير قابل للتحول ومبررا للركود والاستقرار القاتل، ومثال ذلك مصطلح الدولة العميقة وهو مصطلح نتاج ثقافة هذه الدولة العميقة التي من أهم أدواتها: الرقابة الذاتية على الخطاب كما على الأفكار autocontrôle des idées et du discours، إننا حين نصف حالة ما بعد ربيع الثورات في بعض البلدان التي ثارت شعوبها بوجود الدولة العميقة التي تشوش وتعرقل وتعيق مسيرة الإصلاح وتقاوم التغيير المنشود في الإدارة كما في الاقتصاد كما في السياسة، فهو مقبول لكون هذه الدولة العميقة هي من تداعيات الموت البطيء لمخلفات الاستبداد الذي يتطلب وقتا، ذلك أن الاستبداد في تصوري هو بمثابة المصدر المجدد للدولة العميقة ودمها الذي يغذيها ويبعث فيها الحياة بشكل متجدد، وحين ينتهي الاستبداد، تحتضر الدولة العميقة شيئا فشيئا، وإن بدت قوتها في بداية الإصلاح، فهي قد أشبهها بلحظة الهيجان التي يعيشها الحيوان حين ينقطع وصول الدم إلى جسمه ورأسه لكن هي فقط دقائق يبدأ يخفت هيجانه في اتجاه الاحتضار ثم الموت، إن الاستبداد حين يموت تهيج الدولة العميقة في البداية وكأنها هي ذلك الجسم الذي انقطع عنه الدم فيهيج طالبا الضخ الدموي، لكن سرعان ما يموت حينما ينقطع وصول الدم، وهي كذلك تموت حين ينقطع ضخها بدم الاستبداد الذي كان يذب فيها الحياة بشكل متجدد...الطريق نحو القضاء على الدولة العميقة يبدأ بالقضاء على مصدر إنتاجها وحيويتها وتجددها وهو الاستبداد، دون ذلك سيظل الحديث عن دولة عميقة في ظل قيام واستمرار الاستبداد حديث وهمي مكثف عن الفرع دون الأصل...
5. في أن التعصب الحزبي يحجب الحقيقة الملموسة للواقع الملموس
داء التعصب للفكرة يؤدي إلى التفريق بين الحقيقة التحليلية والحقيقة الواقعية، فقد يأتي أحدهم لينطلق من خلاصات تحليل سابق قد تشربه في المحاضن الايديولوجية المنغلقة، وقد يعايش الواقع ويلتقط معطيات معينة منه ليؤكد الخلاصات السابقة حوله أو ليعزز منظوره حوله دون أن يكلف نفسه عناء مطابقة حقيقته الإيديولوجية للحقيقة الواقعية المعاشة، والغريب أن عدم مطابقة التحليل للواقع تظل مستمرة باستمرار إرادة الانغلاق وتغييب النقد الذاتي الصارم، فنموذج تونس ومصر بالنسبة للبعض ينهار والثورة مستمرة حتى الإطاحة بالاستبداد "الديني"، وبالنسبة للبعض الآخر هو نموذج رائد وفي طريقه إلى الاستقرار رغم تشويشات الفلول، وبينهما مستلزمات التحليل الملموس للواقع الملموس الذي يقود إلى أن الاستبداد عمر طويلا ولابد له من مخلفات، والنهوض يستلزم تمتين اللحمة الوطنية وتجنب الاستفراد بالقرار ولو باسم الديمقراطية العددية الناقصة، وما جرى ويجري في المغرب يظهر بجلاء أثر داء التعصب الفكري والإيديولوجي، خذ مثلا الحديث عن الانتقال الديمقراطي انتصب الاتحاديون في حكومة التناوب واستدعوا في تحليلاتهم وتبريراتهم أطروحة أن البلاد تجتاز مرحلة الانتقال الديمقراطي تقودها حكومة التناوب، ولما انتهت فترة حكومة التناوب وصعد آخرون قال الاتحاديون أنه تم الخروج عن المنهجية الديمقراطية لكن لم يجيبوننا عن طبيعة المرحلة التي نعيش في غياب حكومة التناوب، هل تحقق الانتقال الديمقراطي الذي في مخيلتهم الفكرية؟ وهو نفس الداء الذي نجد أثره في من أتى بعدهم، الآن نجد من يقول بأن المغرب يجتاز مرحلة الانتقال الديمقراطي التي يقودها حزبه أو حكومته، وحين ستنتهي التجربة سيصمت أصحاب هذا التحليل أو سيقولون أنه وقع انحراف عن المنهجية الديمقراطية أو عودة لقوى النفوذ، وفي كل الأحوال تظل الحقيقة الواقعية سواء قبل أو بعد حكومة التناوب أو قبل وبعد الحكومة الحالية هي هي لم تتغير، الذي تغير هو هذه الحقيقة التحليلية التي تقولب الواقع وفق أطروحتها...
الحقيقة الساطعة بعد عامين من الحراك الشعبي الذي قادته حركة 20 فبراير أن دستور 2011 استقر على نظام ملكية تنفيذية أما ما طال الوضع الدستوري من تعديلات فهي كلها تفاصيل الملكية التنفيذية...هناك من اقتنع بهذه الحقيقة نظريا وتحليلا ملموسا للواقع الملموس وهناك من بدأ يقتنع بها واقعا بعدما انخرط في تجربة افتراض مستحيل أن يحدث الإصلاح المنشود ببنية دستور 2011 وخلصت اقتناعاته إلى ذلك شيئا فشيئا...
6. الحقل الحزبي المغربي: من الرقابة الذاتية auto-contrôle إلى التحكم الذاتي auto-censure
أختلف مع من قال أن قرار الانسحاب من الحكومة هو تم بإملاء مخزني، فالمخزن لم يعد بحاجة إلى أن يملي على أحد من هذه الأحزاب المشاركة في الحكومة قرارا، لسبب بسيط هو أن هذه الاحزاب تحولت من كائنات متحكم فيها عن بعد إلى كائنات سياسية متكيفة ذاتيا مع ما يريده المخزن auto-adaptatifs بحيث يسهل التحكم فيها ذاتيا دون أدنى تدخل خارجي، تفهم الرسالة المطلوب منها تكيفها وتعالجها ذاتيا ثم تخرج بقرار ذاتي يقارب المطلوب منها فعله وإنجازه وتقريره مخزنيا، وإذا ما كان هناك احتمال للخطأ فهي تصححه بعد تلقيها لإشارة الخطأ الضمنية، إذن فهذه الأحزاب تمارس التحكم الذاتي auto-contrôle من جهة من خلال صنعها لقرار متكيف مع ما هو مطلوب مخزنيا، وتمارس الرقابة الذاتية auto-censure من جهة أخرى من خلال تصحيحها لخطأ أو دراسة توقعية لرد فعل المخزن على قرارها أو فعلها أو خطابها، الترويض الحزبي وصل مداه بآلية التحكم الذاتي والرقابة الذاتية دون تدخل مخزني خارجي، هذه هي مواصفات دولة الاستبداد في قمة تحكمها وقبضتها...
لا تنتظروا من نخب سياسية هرم تصورها وأصابها العياء النضالي وتلطخت بفيروسات الاستبداد والفساد، أن تنتفض يوما انتصارا للإرادة الشعبية الحرة، لا تنتظروا من نخب تتصارع وتتنابز على من تكون أكثر قربا وإخلاصا للإرادة المخزنية ومن تكون أوفى تنزيلا لدستور الملكية التنفيذية أن تقلب كل هذه الطاولة وتدعو إلى إعادة ترتيب المشهد السياسي والبنية الدستورية على قاعدة الوفاء للإرادة الشعبية الحرة، لا تنتظروا من نخب تنتعش في برك الاستبداد الآسنة وتعيش على نواتجها الخبيثة أن تنفض ذاتها من ذاتها وتضخ فيها ماء نقيا جديدا متحولا، لا تنتظروا من نخب سياسية خذلت وتواطأت على الخذلان في عز مكتسبات ربيع الثورات فقامت بامتياز بدور المسكن والمضلل والمحارب للأصوات الحرة والمبرر للطغيان والمطيل لأمد الاستبداد أن تقوم الآن فتعلن صحوة الضمير والمصلحة العامة، يا سادة رفعت الأقلام على مثل هكذا نخب وجفت كل آمال الصحوات والمراجعات الذاتية الصريحة ولم يعد من أمل يرجى سوى إنتاج الفكرة والنخبة والأمل بدماء جديدة ليس فيها تضليل ولا تمويه ولا تسكين ولا مساومة ولا تسويات مشبوهة، دماء كل وفاءها لقضية تحرير الإرادة الشعبية من ربق الاستبداد...
لما أقرأ خبرا عن أحدهم ينتقد الحكومة الحالية أتتبع الخبر إلى آخره كي أعرف من هو وما صفته، حين أعرفه في الخبر المقروء وأعرف موقعه الحزبي أستخلص الخلاصة اللازمة، إما صادق في كلامه مكافح ضد الاستبداد المخزني، وإما أفاك أثيم يوظف انتقاد الحكومة ليحظى بالقبول لدى المخزن لأنه يسهم في تأثيث مشهد حزبي زائف بحكومة وبمعارضة للحكومة خدمة لاستمرار بنية الوضع الدستوري والسياسي على ما هي عليه...
بعض الأحزاب أنسى وجودها وحتى أسماءها، فقط أتذكرهم حين يتعلق الأمر بضرورة التصفيق والمباركة لمبادرة آتية من القصر أو حين يتعلق الأمر بضرورة تحقيق هذا "الإجماع" الوطني الذي كثيرا ما يحدثنا عنه الإعلام الرسمي المتخلف والبئيس...
7. انتصرت العفاريت والتماسيح حينما لم يستطع من ادعى وجودها كشفها أو محاربتها
انتصرت العفاريت والتماسيح حين "فضحها" أهل "الظهور" فازدادت خفاء وغموضا، انتصرت العفاريت والتماسيح حين استنجد بها أهل "الظهور" ليتكئوا عليها في تبرير الفشل والانهزام وتهافت أطروحة الشراكة مع المخزن من أجل الإصلاح، انتصرت العفاريت والتماسيح حين تهاوى التحليل العلمي أمام التفسيرات الباطنية وانهار المنطق ولا شرعية دستور الغلبة والدروس الأبجدية للأنظمة الدستورية، انتصرت العفاريت والتماسيح حينما أقحمت عنوة في الحقل الدلالي لتجعله أكثر قابلية لإبداع قاموس بوليميكي وحربائي، انتصرت العفاريت والتماسيح حين استسلم لإرادتها وقوتها وتأثيرها الخفي هؤلاء المهللون بعهد إصلاحي لا يفهم مدلوله إلا هؤلاء التماسيح والعفاريت أنفسهم، انتصرت العفاريت والتماسيح وبانتصارها سينتصر أيضا المنطق السليم الذي يزن الوقائع بالقسط فيخلص إلى أن دستور الملكية التنفيذية هو العفريت الأول الظاهر والجلي بلا تعمية ولا تضليل...
8. تاريخ يرسم لوحة مقارنة بين السياسة العليا والدنيا
كما أننا سنكون أمام أرشيف كثير من الفيديوهات والتصريحات والمواقف التي ستؤرخ للحراك الشعبي بالمغرب سنكون على الأقل في المقابل أمام أرشيف كثير وقوي من الفيديوهات والتصريحات والمواقف والخطابات التي تؤرخ لمهازل الأداء الحكومي والبرلماني والسجال الدائر بين نخب سياسية وبرلمانية وحكومية نستطيع بها أن نرسم لوحة مقارنة بين السياسة العليا التي رسمها الحراك الشعبي المغربي والسياسة الدنيا المنحطة التي "استثمر بها كل انتهازيي المرحلة"هذا الحراك وتمثلوها سلوكا وخطابا وأداء، فاشهد يا تاريخ....
9. في أدوات التلهية والتعمية: انقلب السحر على الساحر
بعض القنوات المدعومة خليجيا ومن اقتفى آثارها من قنواتنا الوطنية يشنون هذه الأيام أشرس هجوم على نظام القدوة فيغدقون علينا بالمسابقات الغنائية ويسخروا كل طاقاتهم المادية لكي يصنعوا وهما ضخما لشباب وشابات هذه الأمة، ويبدو أن ربيع الثورات قد أيقظ هؤلاء القائمين كرها على شأن هذه الأمة، فحسسهم ب"تقاعسهم" و"تقصيرهم "عن القيام بمهامهم على أحسن وجه، حتى فوجئوا بهبات الشباب هنا وهناك تطالب بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية وبتوزيع عادل للثروة والسلطة، إنهم الآن "يستفيقون من غفلتهم العميقة"، إنهم الآن يستبدلون خطتهم القائمة على "الإدارة بالكوارث"، بخطة محكمة للنهوض بغفلتهم نحو الإدارة بالتوقع المسبق عبر التحكم في المادة الخام التي قد اعتمدتها هذه الهبات الربيعية، فليكن الربيع عندهم هو ربيع الأضواء الكاشفة والأموال الكثيفة المغدقة واكتشاف المواهب والطاقات التي "تشرف الأوطان وتعلي من مكانتها بين الأمم"، إنهم الآن يصنعون فصلا ظاهره ربيع وباطنه خريف تتساقط أوراق أشجاره المتهالكة، استفاقوا عن غفلتهم ب"التقصير في العمل الجاد لاستمرار التحكم ولتفادي سقوطهم المفاجئ"، وحسبوا أن لا يمسهم ربيع الثورات بأفعالهم لتحطيم النموذج والقيم والذاكرة والواجب وعلة الوجود، ألا في ربيع الثورات سيكون مصيرهم، لسبب بسيط أن منتوجهم القيمي والأخلاقي والإعلامي والسياسي، تفوح منه رائحة الابتذال الفاضح الذي سرعان ما يلفظه كل إنسان سوي ولو سقط في هواه بعض المغفلين والغافلين...
حتى مجال الكرة انقلبت فيه الآية معكوسة على أصحابها، كنا نعتقد ولازلنا أن مجال الكرة من المجالات الحيوية التي يوظفها المستبدون لتلهية شعوبهم عن اهتمامها بقضايا الحرية والديمقراطية والتوزيع العادل للثروة، بنفس المنطق أكاد أجزم أن معسكر المستبدين في بلادنا لن يكون في مقدوره أن يوظف هذا المجال لخدمة أجندته وإطالة عمر تحكمه، لسبب بسيط أن التلهية والتعمية مكلفتان لهذا المعسكر حتى يفعلا فعلهما السحري في الشعب، مكلفتان من حيث انضباطهما لمتطلبات الرفع من مؤشر التنمية البشرية باعتبار الرياضة رافعة أساسية لتحسين تصنيف البلاد من حيث مؤشر التنمية البشرية، ومكلفتان ثانيا لأن مقدمة توفر البلاد على منتخبات قوية هو جامعة قوية تعكس تطلعات الشعب في هذا المجال، وجامعة قوية تتطلب دمقرطة المجال الرياضي من حيث إعمال مبادئ الاختيار الحر والكفاءة والأهلية، ومكلفتان ثالثا لأن تجليات باكورة النهضة الحضارية للأمم هو ريادتها الإقليمية والدولية في مجمل الاستحقاقات العلمية أو الرياضية أو الثقافية أو الفنية أو السياسية أو الاقتصادية، أرأيتم الآن كيف أن خطط التلهية والتعمية قد تقود صاحبها إلى نهضة وتحرر وديمقراطية من حيث لا يعلم ولا يدري؟، وإذن هي واحدة من الخيارات إما الاستمرار في الاستفراد بالقرارات المصيرية للبلاد ونتيجة ذلك خراب العمران كليا، وإما التحرر و الدمقرطة والعدالة ونتيجة ذلك نهضة العمران البشري في مختلف تجلياته، فلتنظروا أيها المستبدون أين هو خياركم؟
10. في استحالة مشروعية "التحكيم" مع وجود مؤسسات ديمقراطية حاسمة للخلاف
التحكيم فكرة تتعسف على الدستور و القانون والمؤسسات الديمقراطية(افتراضا)، فالخلاف السياسي يحسم ديمقراطيا من داخل المؤسسات القائمة أو من خلال الاحتكام للإرادة الشعبية التي صنعت هذه المؤسسات، واللجوء إلى التحكيم مع وجود مؤسسات لتدبير الاختلاف وللحسم في الخيارات هو دليل فاضح ل"لا ديمقراطية هذه المؤسسات ولا ديمقراطية الدستور المؤطر لهذه المؤسسات ولا ديمقراطية الانتخابات الموجدة لهذه المؤسسات »، إن تحصين الخيار الديمقراطي (على افتراض وجوده) يمر عبر دستور ديمقراطي لا يقبل إلا التأويل الديمقراطي لفصوله وعبر مؤسسات ديمقراطية تشكلت عبر إعمال مبدأ الاختيار الحر، وعبر التداول السلمي والفعلي لممارسة السلطة كل السلطة،
التحكيم فكرة افتراضية (virtuelle) في وسط تسوده الحرية والديمقراطية، وهي فكرة حاضرة بقوة الفعل في وسط استبدادي ولو بمؤسسات وبدستور وبانتخابات...
11. في أن الديمقراطية هي محصنة الوطن والإنسان
الديمقراطية هي مقدمة تحصين الوحدة الوطنية بكل أبعادها، أما الوحدة الوطنية فهي نتيجة للديمقراطية وليس سببا لها، هذا هو ملخص خارطة طريق الوحدة الوطنية بكل تركيز وإيجاز وبساطة...
« إلا الوطن" لا يكون على حساب "إلا الإنسان"، لأن الوطن في آخر المطاف جعل من أجل كرامة الإنسان وأمنه وعيشه وتنميته، نعم "إلا الوطن"، لكن ألف نعم ل "إلا الإنسان" لأن به ومن أجله وعلى حسابه يشيد هذا الوطن...
إن الرهان هو دمقرطة البلاد والانخراط في مسلسل التحولات الديمقراطية التي تعرفها المنطقة بكل الفاتورة التي ينبغي أن تؤدى مقابل ذلك، تلك هي مقدمة الرفاه والنهضة والوحدة الترابية والعرقية وكل الآمال المهدورة منذ عقود، دون ذلك ستظل وحدتنا الترابية مهددة ونهضتنا متعطلة وتنميتنا عرجاء ورفاهنا حلم ومؤسساتنا صورية تزين واجهة المستبدين وتغطي عن جرائم الجلادين وتعجز عن التصدي للمفترسين...
12. تمرين افتراضي عصي على الإقناع
"رجاء لا تشوشوا علينا، نحن في طريق الإصلاح وسنسقط الاستبداد لا محالة، فلول الاستبداد متربصون بنا وبتجربتنا الحكومية ولا يريدون لنا أن تقوم لنا قائمة الإصلاح، رجاء لا تتحالفوا معهم موضوعيا بانتقاداتكم لسياساتنا وفشلنا، اصمتوا خيرا لكم ولنا، فإما نحن من سيقود الإصلاح وإما سيعود الاستبداد وقوى التحكم وزمن ما قبل الربيع العربي، نحن الإصلاح والإصلاح هو نحن وغيرنا معارض ومشوش وخادم لأجندة الاستبداد" .
عفوا أحاول أن أقوم بتمرين افتراضي كي أقتنع بهذا الخطاب لكن سرعان ما تأبى بنية التحليل الذي تسكنني إلا أن تطرده لأنه عامل مشوش على الانسجام الداخلي للتحليل الذي مفاده بكل خلاصة مركزة، "المخزن ربح جولة ومن تعايش تحت عنوان الشراكة أطال عمره وبالتالي اطال عمر الاستبداد والذل"...
13. سنة المقاومة
حيثما كان الزيف كانت الحقيقة تقاومه، حيثما كان الاستعباد كانت الحرية تقاومه، حيثما كان الاستبداد كان التحرير يقاومه، وحيثما كان اليأس كان الأمل يقاومه، سنة تاريخية متعاقبة جيلا بعد جيل وسنة بعد سنة وشهرا بعد شهر ويوما بعد يوم وساعة بعد ساعة ودقيقة بعد دقيقة وثانية بعد ثانية، فلست مهزوما مادمت تقاوم بقيمك الجميلة الأليفة قيم الظلم والعدوان المتوحشة...
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.