كان لافتاً أن تدعو وزارة التربية الوطنية الأطر التربوية إلى مواكبة التلاميذ والتلميذات في الاستفادة من حصص التعلم الذاتي كنمط جديد فرضته تحديات جائحة فيروس كورونا المستجد. واستخدم سعيد أمزازي، وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، مصطلح "التعلم الذاتي" في رسالتين وجههما إلى الأطر التربوية والإدارية وإلى التلاميذ بمناسبة الدخول المدرسي 2020-2021. ودعا أمزازي في رسالته إلى الأطر التربوية والإدارية إلى مواكبة المتعلمات والمتعلمين في الاستفادة من حصص التعلم الذاتي، لا سيما أولئك الذين لن يلتحقوا بمؤسساتهم في الفترة الحالية. في حين أشار الوزير في رسالته الثانية الموجهة إلى التلميذات والتلاميذ إلى "ضرورة الانخراط التام في دروس التعلم الذاتي الذي يعتبر نمطاً جديداً يتوقف نجاحه على انخراط جميع الأطراف". ويأتي الحديث عن التعلم الذاتي في وقت فرضت فيه الجائحة على مدارس عدة تطبيق التعلم عن بُعد، خصوصاً في المدن التي ما تزال تسجل إصابات مرتفعة بفيروس كورونا المستجد، فيما اعتمدت أخرى التعليم الحُضوري بإجراءات احترازية صارمة. ويبقى التعليم عن بُعد نمطاً اضطرارياً في ظل الظرفية الاستثنائية الحالية، لكنه لا يمكن أن يُعوض التعليم الحضوري، خصوصاً بالنسبة للتلاميذ في المستويات الأولى، ولذلك يتم الرهان اليوم على التعلم الذاتي كمكمل للنمطين الآخرين. وفي نظر علي بوزردة، أستاذ بمديرية الشاون، فإن التعلم الذاتي يُواجه إكراهين؛ الأول يتمثل في كون بعض المتعلمين غير متمكنين من الكفايات الأساسية التي تساعد على فهم المقروء واستيعابه. الإشكال الثاني، يضيف بوزردة، يتجلى في ضرورة توفر عُدة معرفية مهيأة لهذه المسألة لدى المؤسسات التعليمية، من قبيل الكُتب المناسبة لكل مستوى تعليمي، وهذا إكراه تواجهه مدارس عدة من خلال غياب المكتبات وإن وُجدت فتكون فقيرة من حيث الكتب. وبالنسبة للتعلم الذاتي بشكل عام، أي دون الاعتماد على المؤسسات التعليمية، من خلال الأسر والجمعيات والمكتبات في الفضاءات العمومية، فهذا الأمر، وفق المتحدث ذاته، يواجه أيضاً رهان ضمان التتبع وتوفير الكتب اللازمة لهذه العملية. ومن حيث المبدأ، يرى الأستاذ بوزردة أن "التعلم الذاتي، بغض النظر عن الظروف، فكرة مُهمة وفعالة وتُعطي أكلها من خلال احتكاك التلاميذ بالكتب، وهو ما من شأنه أن يُساهم في تحسين مستواهم الدراسي". وفكرة التعلم الذاتي كانت مطلباً مُلحاً لعدد من الأطر التربوية والنوادي التي تنشط داخل المؤسسات التعليمية، وقد بادرت وزارة التربية الوطنية في نهاية السنة الماضية إلى توزيع كُراسة تعليمية، باللغتين العربية والفرنسية، على مستويات التعليم الابتدائي في عملية سمتها بالتعلم الذاتي. ويؤكد فاعلون تربويون أن التعلم الذاتي لو تم استثماره منذ سنوات إلى جانب التعليم الحُضوري، لشكل اليوم دعماً مهماً للتعليم عن بُعد في ظل ما تفرضه جائحة فيروس كورونا المستجد من تحديات كبيرة على منظومة التربية والتكوين.